اخبار الشرعيهاخبار المقاومةالإقتصاد والمالالرئيسيةتقاريرحضرموتمحلياتملفات خاصة

صراع إقليمي بأدوات محلية للسيطرة على حضرموت

القوى المتصارعة تتحرك لتعزيز نفوذها في المحافظة الاستراتيجية..


يشهد التوتر بين عدد من الأطراف المحلية في محافظة حضرموت، كبرى المحافظات اليمنية (شرق)، تصاعدا في المدة الأخيرة، وهو ما اعتبرته مصادر سياسية يمنية مطلعة مؤشرا على إمكانية أن يتكرر سيناريو الصراع الممول إقليميا الذي شهدته محافظة المهرة على حدود عمان في فترات سابقة.
ووفقا لمصادر في حضرموت يواصل مسلحون قبليون في منطقة وادي عمد عرقلة تدفق ومرور قاطرات النفط، مطالبين بتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وإيقاف ما يعتبرونه نهبا منظما للثروات النفطية التي تحوزها هذه المحافظة الأكبر مساحة في اليمن.
ورفع ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم تحت عنوان “الهبة الحضرمية الثانية”، في تذكير بالاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المحافظة في أواخر عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونتج عنها تغيير واسع في قيادات السلطة المحلية وبعض الإصلاحات الإدارية.
وتعيش حضرموت حالة من التوازن المؤقت بين القوى والأطراف المنخرطة في الصراع اليمني؛ حيث تهيمن قوات تحت غطاء “الشرعية”، محسوبة على نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح، على مناطق وادي حضرموت في الوقت الذي تنتشر فيه قوات النخبة الحضرمية القريبة من المجلس الانتقالي الجنوبي في ساحل حضرموت.
وتؤكد مصادر مطلعة لـ”العرب” وجود تحركات من جميع الأطراف والقوى لتعزيز نفوذها في المحافظة الاستراتيجية الغنية بالثروات؛ فبينما يسعى الإخوان -تحت غطاء الشرعية- لتوسيع وجودهم العسكري في المنطقة العسكرية الأولى وتكرار نموذج محافظة شبوة المجاورة في حضرموت عبر تمكين قيادات مدنية وعسكرية موالية لهم، يعمل المجلس الانتقالي الجنوبي على تعزيز حضوره الشعبي والسياسي ودعم الحراك المناهض للشرعية، إلى جانب دعم تحركات قوات النخبة الحضرمية التي تسعى للتمدد بهدوء إلى مناطق وادي حضرموت.
وتشير مصادر مطلعة إلى وجود تحركات ممولة من قبل مسقط والدوحة شبيهة بتلك التي حدثت في محافظة المهرة عن طريق دعم تيار جديد داخل حضرموت يتبنى خطابا معاديا للتحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي.
ولفتت هذه المصادر إلى أن وصول القيادي الجنوبي حسن باعوم قادما من مدينة صلالة العمانية برفقة ابنه المقيم في الضاحية الجنوبية بيروت، فادي باعوم رئيس المكتب السياسي لما يسمى “المجلس الأعلى للحراك الجنوبي الثوري”، في هذا التوقيت يندرج في إطار محاولة خلق نسخة مشابهة من القيادي علي سالم الحريزي الذي قاد الاحتجاجات المناوئة للتحالف العربي في محافظة المهرة لصالح تحالف مدعوم من محور مسقط – الدوحة – طهران.
وقال الباحث السياسي اليمني سعيد بكران في تصريح لـ”العرب” إن “دوافع الغضب الحضرمي وأسبابه مفهومة لأن حضرموت أكثر محافظة تحملت سوء سياسات الشرعية على كل الأصعدة”، مشيرا إلى أن المحافظة “حاولت بكل الوسائل لفت الانتباه والتحذير بالطرق السلمية لكن كل ذلك قوبل بالتجاهل وعدم الإصغاء”.
وحول إمكانية أن يأخذ الصراع الحالي في حضرموت أبعادا إقليمية أجاب بكران “نعم هذا ليس مستبعدا لأن حضرموت جزء من بلد مزقته الصراعات المحلية والإقليمية”.
واستدرك “لكن ما يجب التنبه إليه في ما يخص حضرموت هو حساسية الأمر بالنسبة إلى هذه المحافظة النفطية والمهمة والسلمية أيضا في التعبير عن غضبها، لذلك يجب على كل الأطراف الإصغاء لصوت حضرموت العاقل والتعاطي مع مطالبها المشروعة والممكنة لمنع انزلاقها إلى حلبة الصراع وانخراطها فيه بشكل مباشر وتقليل مخاطر ذلك بالعمل على تهدئة غضب الناس”.
وعن مؤشرات نشوء صراع إقليمي جديد في محافظة حضرموت اليمنية اعتبر الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى في تصريح لـ”العرب” أنه “كان من الطبيعي أن ينعكس الصراع المحلي بغطاء إقليمي في شبوة على محافظة حضرموت، خاصة في مناطق الوادي والصحراء، وقد يمتد إلى حضرموت الساحل”.
ولفت إلى أن “تعقيد الوضع في شبوة سياسيا وعسكريا وتداخله مع فرض هيمنة القوى التي تحاول حماية نفوذها الفردي والحزبي ومكتسباتها من الفساد شكَّلَا حافزا لامتداد خارطة الصراع إلى حضرموت التي كانت مهيأة داخليا -خاصة في الوادي- لهذه التداعيات، إضافة إلى ارتباط مصالح قوى الفساد النفطي بمثلث الإنتاج في حضرموت وشبوة ومأرب؛ خاصة بعد إعلان محافظ شبوة العام الماضي افتتاح ميناء قنا المثير للجدل”.
وأكد مصطفى أن توقف استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، الذي كان يفترض أن تُجرى بموجبه تغييرات في رأس السلطة المحلية في شبوة وحضرموت تحديدا، انعكس سلبا على بقية المشهد اليمني؛ حيث ساهم هذا التعثر في تأجيج الصراع في شبوة وجعله ينتقل إلى حضرموت متسربا من شقوق ترابط مصالح أحد أطراف الصراع بين المحافظتين النفطيتين ومحاولة الأطراف الأخرى المناهضة له منع الوضع في شبوة من بلوغ حدّ الانفجار الذي يصعب التكهن بتداعياته.

وتابع “ورغم تشابه المعطيات بين شبوة وحضرموت إلا أن تنظيم الإخوان المسلمين يظل طرفا رئيسيا في الصراع داخل الجغرافيتين، مع اختلاف تركيبة الأطراف المناوئة له هنا وهناك”.
ولئن كان تصاعد الصراع في حضرموت أبطأ منه في شبوة فإنه من المتوقع -بعد أن انتقل إليها- أن يكون أكثر دراماتيكية، وذلك لعدة اعتبارات أهمها أن القوى المناهضة للإخوان المسلمين في حضرموت متعددة ومنظمة أكثر، في حين بقي الصراع في شبوة بين تنظيم الإخوان والمجتمع المحلي ممثلا في شخصياته الاجتماعية.
ويضيف مصطفى “إلا أنه في حضرموت يتألف من المجتمع المحلي الذي يملك قوى حضرمية عديدة أكثر تنظيما ما يجعل مواجهتهم مع تنظيم الإخوان أكثر فاعلية، ولئن كان الإخوان أخطر من حيث التنظيم والسيطرة فإن الحاضنة الاجتماعية في مواجهته تستطيع حسم المواجهة إن قرر لها الاستمرار”.

وكشفت مصادر يمنية لـ”العرب” عن تصاعد النشاط العماني – القطري في حضرموت على غرار ما حدث في المهرة التي شهد التوتر فيها حالة تهدئة نسبية بعد التقارب بين الرياض ومسقط والإعلان عن توقيع اتفاقات من بينها تحويل أنبوب النفط السعودي الذي كان مزمعا له المرور عبر المهرة اليمنية إلى الأراضي العمانية.
غير أن المصادر حذرت من استمرار مسقط في بعض سياساتها، وخصوصا ما يتعلق بموقفها من الحوثيين وعدم إبدائها حزما في محاولة وقف مسلسل تهريب الأسلحة القادمة من أراضيها إلى المهرة ومن ثم إلى الحوثيين، على عكس ما كان مأمولا.
وأعلنت مصادر إعلامية يمنية الخميس عن ضبط الجمارك اليمنية في منفذ “صرفيت” على الحدود مع عمان كمية من المسدسات الكاتمة للصوت مع عشرة آلاف طلقة مخصصة لها.
وقال الصحافي اليمني فخري العرشي إن السلطات اليمنية تمكنت من إحباط “محاولة تهريب كميات كبيرة من الذخائر متعددة الاستخدامات كانت في طريقها إلى ميليشيا الحوثي، ومن بين المضبوطات ذخائر مكسيكية وألمانية ومسدسات أميركية من نوع ‘فورتي فايف’ تتميز بقابليتها للتركيب على المسدسات كاتمة الصوت”.

زر الذهاب إلى الأعلى