مع حلول ديسمبر/كانون الأول من كل عام، يستعد مزارعو البرتقال في محافظة مأرب اليمنية لاستقبال موسم جديد، لكن هذا العام لاتزال الثمار على الأشجار إثر عرقلة مليشيات الحوثي لعملية الحصاد.
وأثرت حرب مليشيات الحوثي الإرهابية في محافظة مأرب، شرقي اليمن، على كل مناحي الحياة، ولم تسلم منها حتى المحاصيل الزراعية مثل البرتقال، الفاكهة الحمضية أو “فاكهة الشتاء” التي تشتهر بها مأرب منذ الأزل.
وتشهد مأرب معارك طاحنة بين الجيش اليمني ومليشيات الحوثي، منذ 7 أعوام، ما أثر بشكل كبير على المحاصيل الزراعية بما فيها البرتقال.
وتفرض مليشيات الحوثي جبايات على البرتقال الذي يتم تصديره إلى صنعاء عبر طرق فرعية وعرة، حيث مقر مؤسسات الاستيراد والتصدير وتصل إلى 2500 ريال يمني على السلة (تزن 20 كيلوجراما)، بحسب مصدر حكومي محلي لـ”العين الإخبارية”.
وأشار المصدر، إلى أنه مع الهجوم البري العسكري لمليشيات الحوثي على مأرب، عزف الكثير من المزارعين عن التوسع في الزراعة وحصر بعضهم الزراعة في مساحات محدودة خوفا من انخفاض تسويق وبيع الإنتاج.
أنواع البرتقال
وتزرع مأرب البرتقال “أبو سُرّة”، ويعد أغلى الأصناف وأجودها، ثم “اليوسفي”، وأنواع أخرى من البرتقال يطلق عليها في مأرب “وزان” و”الفلس”، “معنق”، “أبو شوكة” و”السكري”.
وتسبب الهجوم الحوثي الذي استهدف تقطيع أوصال مأرب وعزلها عن مدن اليمن، وإغلاق الطرق الرئيسية، في تراجع صادرات المحافظة، من هذه الفاكهة الشتوية المهمة، بنسبة 30% خلال 2020 و2021.
ويواجه المزارعون صعوبة في تصدير منتجاتهم، بعد قيام مليشيات الحوثي في إغلاق الطرقا الحيوية، ما أثر بشكل كبير في إيصالها إلى الأسواق في الخارج، والمدن اليمنية الأخرى.
وأجبر المزارعون تحت وقع الكلفة الاقتصادية لنقل شحنات الفاكهة عبر طرق بديلة، إلى ترك المحصول على الأشجار، ما يهدد بخسارة كبير هذا الموسم.
ويصل إنتاج محافظة مأرب من فاكهة البرتقال، نحو 70% من الإنتاج العام في اليمن سنويا، لكن المصاعب التي يواجهها المزارعون تسببت في تراجع الإنتاج بشكل كبير.
وكانت مأرب خلال السنوات الخمس الأخيرة شهدت توسعا غير مسبوق في إنتاج فاكهة البرتقال، وساعد في ذلك خصوبة الأراضي الزراعية ووفرة المياه.
ووصل إنتاج المحافظة إلى 200 ألف طن سنويا خلال الأعوام الماضية، إذ تشتهر المحافظة الواقعة شرق البلاد بإنتاج البرتقال والمحاصيل الزراعية الأخرى.
ويصل عداد أشجار البرتقال في المزرعة الواحدة إلى 50 ألف شجرة، وأتاحت خصوبة الأراضي الزراعية، وجودة المحصول، في تشجيع المزارعين على التوسع في زراعة هذا الصنف من الفاكهة.
تكلفة باهظة
كان من المفترض أن يبدأ موسم حصاد البرتقال مع حلول شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لكن إغلاق الطرقات وصعوبة نقل شحنات الفاكهة في طرق بديلة، وتدني الأسعار في أسواق مأرب، دفع المزارعين لعدم قطفها.
ورغم أن شهر ديسمبر/كانون الثاني الجاري أوشك على الانتهاء، إلا أن أشجار البرتقال، لاتزال محملة بالثمار، ومن المفترض أن يكون هذا الشهر قد فرغ المزارعون من تهيئة الأشجار لموسم زراعي جديد.
يقول صالح سالم، مزارع يمني، تراجع إقبال التجار عن شراء البرتقال بسبب مركزية مؤسسات الإنتاج والاستيراد الواقعة بصنعاء تحت سيطرة مليشيات الحوثي.
وأضاف، “تسببت الحرب الحوثية في أ،زمة كبيرة ونأمل من سلطات المحافظة المحلية توفير السماد والوقود وتسويق البرتقال المأربي لجميع محافظات اليمن وفتح طرق بديلة عن تلك الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي”.
وبحسب تقديرات زراعية، تراجع إنتاج محافظة مأرب من البرتقال بنسبة 30%.
وارتفعت تكلفة النقل من خلال الطرق البديلة للسلة الواحدة زنة 50 كجم، من مأرب إلى صنعاء، من 250 ريالا إلى 2500 ريال، حيث ارتفعت بمقدار 10 أضعاف عن التكلفة السابقة.
طرق بديلة
لجأ بعض المزارعين إلى استخدام الطرق البديلة، لكن المشكلة في ارتفاع تكلفتها، كما أنها ليست ممهدة وتنتشر بها الألغام، وفي حال تعطل الشاحنة قد يفسد البرتقال.
ويحاول بعض المزارعين أن ينقلوا بضاعتهم من خلال طريق العبر (حضرموت – عتق -شبوة)، لكنهم يقولون إنهم يفقدون نصف القيمة جراء شراء الوقود للشاحنات في تلك المسافة الطويلة.
علي بن سعيد هو مزارع يمني، تحدث عن الكلفة الكبيرة لنقل المحصول إلى الأسواق المحلية بعموم المحافظات اليمنية وذلك بسبب المسافات الطويلة التي تقطعها الشاحنات عبر طرق ملتوية بعيدا عن منافذ مأرب الرئيسية التي تتعرض لهجوم عسكري حوثي.
ويقول “الثمار الموجود على الأشجار ستسقط على الأرض إذا لم يتم حصادها، وهو ما يمثل خسارة نصف المحصول”.
وأصابت حرب المليشيات وحشرة “المن الأسود” ما نسبته 15 % من مزارع الحمضيات في مأرب.
وتعد الزراعة النشاط الرئيسي لغالبية سكان مأرب، إذ أتاح خصوبة الأراضي الزراعية للسكان، في زراعة أغلب المحاصيل الزراعية، التي ترفد بها الأسواق اليمنية.