خريطة توضح مجريات الحرب في اليمن ومناطق سيطرة كل طرف حتى الان
المعارك تتوسع وتمتد إلى البحر في عملية هي الأولى من نوعها..
تقرير أممي: 3,1 مليون شخص سوف يفقدون أرواحهم بحلول عام 2030 إذا استمرت الحرب في اليمن
الفقر المدقع في اليمن يمكن القضاء عليه في غضون جيل أو بحلول عام 2047 إذا توقف القتال
على مدار الأشهر الماضية، تركزت المعارك بين قوات “تحالف دعم الشرعية” والحوثيين حول مدينة مأرب. لكن خلال الأيام الماضية، توسعت لتشمل غارات جوية للتحالف على صنعاء وضربات أخرى على شبوة. مما لا يجعل أي بوادر لإنهاء هذه الحرب المدمرة بشكل سلمي.
واليوم الاثنين، توسعت الحرب بين التحالف والحوثيين، لتمتد إلى البحر، في عملية هي الأولى من نوعها، بعد أن تقرصن الحوثيون واختطفوا سفينة شحن عسكري قبالة ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر.
وعرض الإعلام العسكري الحوثي، صورا قال إنها من على متن السفينة الإماراتية، وتظهر معدات وعربات عسكرية، عليها شعار القوات المسلحة السعودية. غير أن التحالف قال في بيان له إن السفينة كانت تحمل معدات للمستشفى الميداني في سقطرى. وكانت أيضا في طريقها إلى ميناء جيزان السعودي.
وتجددت، اليوم أيضا، المعارك الميدانية، في محيط مدينة مأرب في المحورين الغربي والجنوبي، بعد يوم من التوقف. بالتزامن مع تكثيف الغارات الجوية لمقاتلات التحالف العربي، التي تتزامن مع تصاعد حدة القتال بين ألوية العمالقة والحوثيين على تخوم مديرية بيحان غرب شبوة.
كما حاولت مليشيا الحوثي، من توسيع جبهات القتال مع القوات الجنوبية، بفتح جبهة جديدة على تخوم يافع بمحافظة لحج من المناطق المحاددة لمحافظة البيضاء. بهدف تخفيف الضغط العسكري عليها في شبوة.
وأمس الأحد، أعلن القوات الحكومية المدعومة من التحالف، ممثلة بألوية العمالقة، تحقيق تقدمات ميدانية واستعادة مديرية عسيلان غربي محافظة شبوة، بعد أشهر من سقوطها بيد مليشيا الحوثي.
كما أعلن التحالف عن تدمير 4 مخازن للطائرات المسيّرة ومنصات الإطلاق بمعسكر لواء النقل العسكري في صنعاء التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية. بموازاة تنفيذ ضربات جوية على معسكر السوادية في البيضاء. الذي تتخذه المليشيا منفذا جمركياً ومكان لتخزين السلاح، وفق اتهامات التحالف لها.
ويرى المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ماجد المذحجي، أن “المعارك ستستمر في العام 2022 دون وجود أي فرص سياسية للسلام”.
ونقل موقع قناة “الحرة” عن المذحجي إن “فرص حدوث تسوية سلام بين الأطراف المتنازعة في اليمن غير واردة. على اعتبار أنه لم يرجح أحد كفة المعركة لصالحه بشكل كبير”.
وأضاف: “هناك فرصا لزيادة الضغط العسكري مما يؤدي لقتل أي فرص سياسية”.
في المقابل، يرى المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، أن المعركة لا تزال تحتاج مزيد من الوقت. مع “التركيز الجاد على التحرير والتعامل بحزم مع الحوثي لإجباره على تسليم العاصمة دون خسائر بشرية”.
في تقرير حديث صدر نهاية العام الماضي، ذكر مركز “ستراتفور” للدراسات الاستراتيجية والأمنية الأميركي، أن حرب اليمن “لا تزال بلا نهاية واضحة تلوح في الأفق”.
وأضاف: أن “أنماط الحرب الدورية والجهات العسكرية المتطابقة بالتساوي على كلا الجانبين تدفع باستمرار الصراع بعيدا عن التسوية السياسية أو وقف إطلاق النار”.
في السياق، قال المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، في آخر إحاطة له لمجلس الأمن الشهر الماضي، “لن يكون الحل مستداما إذا لم يمثل مصالح مختلف اليمنيين. سواء كانوا مشاركين في القتال أم غير مشاركين، وعلينا أن نعمل نحو سلام عادل ومستدام وليس نحو مجرد التأكد من غياب الحرب”.
وأضاف: “أتصور عملية سياسية جامعة يمتلكها اليمنيون ويدعمها المجتمع الدولي. وينبغي للعملية أن تقدم الدعم للحلول قريبة الأمد لخفض تصعيد العنف، والحيلولة دون مزيد من التدهور الاقتصادي”.
وتابع: “لا بد من أن تحدد تلك العملية وتبني التوافق حول عناصر تسوية سياسية تنهي الحرب بشكل مستدام، وتؤسس لترتيبات حكم جامعة. تضمن حقوق اليمنيين المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية”.
وأردف: “ينبغي تصميم العملية بطريقة تسمح بإحراز التقدم بشكلٍ متوازٍ فيما يتعلق بمختلف عناصر جدول الأعمال ذات الأهمية لليمنيين. وسوف تعالج العملية أولويات الأطراف في سياق جدول أعمال أوسع نطاقًا يمثل مصالح مختلف اليمنيين”.
“حسم حربي”
بدأت الحرب الأهلية اليمنية عام 2014 عندما سيطر المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة صنعاء، مطالبين بالتوزيع العادل للموارد والأراضي والسيطرة السياسية.
وفي مارس 2015، دخل تحالف تقوده السعودية لدائرة الصراع لإعادة الحكومة المعترف بها دوليا، حيث تعمل الحكومة اليمنية من مدينة عدن الجنوبية والعاصمة السعودية الرياض على حد سواء.
لكن في الأشهر الأخيرة، تركز الصراع بشكل خاص على مأرب، آخر معاقل الحكومة اليمنية في الشمال، حيث يرغب الحوثيون بالسيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية الغنية بالنفط والتي تبعد عن العاصمة نحو 100 كيلومترا.
ويقول تقرير المركز الأميركي إنه “من غير المرجح أن تتوصل الأطراف المتحاربة في اليمن إلى تسوية سياسية خلال عام 2022. وسيحافظ الصراع المستمر بدوره على اليمن كمسرح جيوسياسي رئيسي للسعودية وإيران والجهات الخارجية الأخرى التي لها مصالح في المنطقة”.
وبعد أن أنهت الحرب في اليمن عامها السابع، خلق الصراع ما تعتبره الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى الآن الأزمة الإنسانية الأكثر دموية في العالم.
ومع استمرار الصراع في اليمن الذي راح ضحيته 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، فإن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة. كما ستتعمق بشكل أكبر، مما يعيق أي عملية تسوية سياسية في هذا العام.
وتوقع تقرير حديث لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن 3,1 مليون شخص سوف يفقدون أرواحهم بحلول عام 2030، إذا استمرت الحرب. علاوة على ذلك، فإن نسبة متزايدة من هذه الوفيات لن تكون بسبب القتال. ولكن بسبب تأثير الحرب على سبل العيش، أسعار الغذاء وتدهور الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الأساسية.
وتوصل التقرير، إلى أن “الفقر المدقع في اليمن يمكن القضاء عليه في غضون جيل أو بحلول عام 2047 إذا توقف القتال”.
كما وضع التقرير سبعة سيناريوهات مختلفة للتعافي من أجل فهم أفضل لآفاق وأولويات التعافي وإعادة الإعمار في اليمن. مشددا على الحاجة إلى عملية تعافي شاملة تتضمن جميع قطاعات المجتمع اليمني وتضع الناس في قلب التوصيات الرئيسية والمحددة مثل تمكين المرأة. والاستثمار في الزراعة، والحوكمة الجامعة، والاستفادة من القطاع الخاص.
وفي عام 2019، توقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه إذا استمر الصراع حتى عام 2022، فإن اليمن ستكون أفقر دولة في العالم. كما ذكر البرنامج في عام 2021، أن الصراع قضى بشكل دائم على 126 مليار دولار من النمو الاقتصادي المحتمل الذي لن يتعافى أبدا. وأن 80 بالمئة من سكان اليمن يعتمدون الآن بشكل كامل على المساعدات المالية.
إلى ذلك، شدد المذحجي، على “ارتباط الملف اليمني بالملفات الإقليمية”. في إشارة إلى الحوار السعودي الإيراني، لكنه استبعد أن تكون هناك تسوية بين الرياض وطهران في عام 2022.
في هذا الإطار، اعتبر آل عاتي في حديثه الذي نقله موقع “الحرة”، أن الحوثي “لا يملك لا قرار سلام ولا قرار حرب”. إشارة على ارتباط قرار هذه الجماعة بإيران.
وقال: إن “التقدمات العسكرية والحسم الحربي الذي يجريه التحالف العربي حاليا يؤكد أن الحكومة اليمنية والتحالف فقدا الثقة والأمل في إمكانية الحلول السياسية. بعد أن تأكد لهم أن الحوثي ليس جديرا بأي عملية سياسية وليس جادا في أي عملية تفاوضية. كما يرفض كل المبادرات والعروض السياسية ولا يتعاون مع جهود مبعوثي السلام الأمميين والدوليين”.
ويعزو آل عاتي سبب زيادة الضغط العسكري من جانب التحالف إلى ضرورة حسم المعارك وتأمين الأراضي التي تم تحريرها. بالإضافة إلى فك حصار الحوثي عن المديريات وتحرير ما تبقى من المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، وفق قوله.
وتعليقا على توسع الضربات الجوية للتحالف، قال آل عاتي، إن “طيران التحالف مهم لقطع الإسناد على الحوثي. مع ضرورة التركيز على عقبة القنذع الرابطة بين شبوة ومأرب ووضعها منطقة قتال حتى يتم تأمين كامل المنطقة. فما يربط شبوه ومأرب كثير باعتبارها جبهة واحدة وجزء من النجاحات في مأرب بسبب النجاحات في شبوة”.
ولفت إلى أن الضربات الجوية “المركزة” من شأنها أن تضعف قوات الحوثي وجعلتها “غير قادرة على إدارة معاركها” على الأرض.
“توازن الكلفة”
في ديسمبر، أعلن التحالف عن عملية عسكرية “واسعة النطاق” في اليمن، بعد مقتل شخصين وإصابة سبعة في هجوم للحوثيين على جازان جنوب المملكة. يعد هو الأكثر دموية في السعودية منذ نحو ثلاث سنوات.
ردا على ذلك، توعد الحوثيون بعمليات “موجعة ومؤلمة” في الداخل السعودي. وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، في بيان نشر على قناتهم في تطبيق “تلغرام”: “نعد النظام السعودي بعمليات موجعة ومؤلمة طالما تمادى في غيه وعدوانه وجرائمه”.
وذكر سريع أن الهجوم الحوثي الأخير تم بصواريخ بالستية، موضحا أن “القوة الصاروخية دكت مواقع هامة وحساسة جدا في جازان بثلاثة صواريخ بالستية ذات دقة عالية وتقنية متطورة”.
وتتعرض مناطق عدة في السعودية باستمرار لهجمات بصواريخ بالستية وطائرات مسيرة مفخخة تُطلق من اليمن باتجاه مطاراتها ومنشآتها النفطية.
وقال المذحجي إن التحالف ينتهج سياسة “توازن الكلفة”، بمعنى أي صاروخ أو طائرة مسيرة تستهدف السعودية سيقابله غارات جوية في صنعاء والمدن من جانب التحالف.
من جهته، رجح آل عاتي أن “تستمر جهود التحالف في تقديم الإسناد والمجهود الحربي ومراقبة جادة لمدى صدق اليمنيين في حسم معاركهم وإنهاء معاناة المدنيين. مع استمرار تقديم العون والدعم اللوجستي والسياسي ومساعدة النازحين والمحتاجين إنسانيا”.