لا شيء يبدو في تعز
غير أكوام القمامة
والطربال يجمع
مرشد الإخوان وعكفي الإمامة..
الشبزي
الجبهات منذ خمس سنوات مغلقة في تعز والطربال يجمع مرشد الإخوان بعكفي الإمامة والدعم القطري يصل تباعا لفتح محلات صرافة وأخيرا معمل حمود للبخور والخياطة، وعلى بعد عشرين مترا يقع طربال يجدد كل عام.
يتفنن الإخوان في نهب كل شيء ويحسنون استثمار كل شيء حتى الجبهات ودماء الشباب.
تعز والإخوان…
عبر تاريخ تعز الحديث وفي كل مرة كانت تعز تحاول أن تقدم نموذجا سياسيا كان أو ثقافيا أو حتى فعلًا مقاوما منذ ثورة 26 سبتمبر إلى اليوم كان الإخوان المسلمون يقتلون ذلك النموذج مع سبق إصرار وترصد.
من سنوات قليلة في محاضرة لعبدالله العديني عضو مجلس نواب الإخوان وعضو شورى الإخوان، قال نصا: “لقد قامت جماعة الإخوان ضد ثورة 26 سبتمبر”، وهو ما عمل عليه المخلافي المرشد الأول في اليمن.
أستطيع القول إن العديني قد يكون أصدق من في الإخوان في اليمن، ويتجلى ذلك بدفاعه عن مسلماته بوضوح، بعيداً عن مخاتلات الإخوان وتلونهم بأقنعة مختلفة.
كل الشواهد التاريخية وهي عديدة تؤكد بأن الإخوان المسلمين في اليمن ضد الحكم المدني وضد المد الثوري، وضد كيان الدولة التي يحلم بها شعب تجرع الفقر والمرض والجهل.
لم يتوقف الإخوان عند ثورة سبتمبر التي لم يكونوا من أنصارها كونهم كانوا من أنصار الملكية الدستورية برداء الخلافة المصغر، حيث شارك مبعوث حسن البنّا لليمن الفضيل الورتلاني ببعض أدبيات حركة 48 الدستورية، التي كتب لها الفشل باكرا.
بعد ثورة سبتمبر استمر الإخوان المسلمون بإجهاض كل حلم وتطلع لأي أفق مدني أو أي مشروع ينهض بالأمة اليمنية، لا سيما في الشمال، حيث مساحات عملهم في جنوب اليمن كانت محدودة لأسباب كثيرة.
سبعينيات تعز
في السبعينيات ومطلع الثمانينيات حاولت تعز أن ترسم مساراً مدنياً لمدينة تعشق الفن والحب وكان ابن تعز البار أحمد عبده سعيد، قد أخذ على عاتقه إنشاء متنزة تعز والسينما وحديقة الحوبان ومدرسة محمد علي عثمان، كحلم راوده، ومجموعة من تجار ورجالات تعز؛ بأن يؤسسوا منابر إشعاع وتنوير نوعي، في مدينةٍ حالمة أملها أن تكون نموذجا في هذا الاتجاه المدني والثقافي، وبالفعل استطاعوا عمل البصمات الأولى لذلك الحلم والطموح، وفي المقابل كان الإخوان المسلمون لهذا المشروع بالمرصاد مكرا وتحريضا وتكفيرا، وحركوا كل أدواتهم الماكرة وأصواتهم باسم الدين ورعايته والحفاظ عليه، حيث أطلقوا العديد من الإشاعات، منها تلك التي على مدرسة محمد علي عثمان، بأنها تدرس المسيحية، وعلى أحمد عبده سعيد أنه ماسوني.
هذا الاستعداء لم يكن سوى حلقة متتالية نحاول أخذ نماذج لها من عشرات القصص التي معظمها موثق وبعضها لا يزال في ذاكرة رفاق عايشوا تلك المرحلة، وليس هنا مجال لسرد كل التفاصيل على كثرتها وقد نفعل في مناسبة أخرى.
دولة الوحدة
كانت تعز عند قيام الوحدة تحاول أن تكون مرتكز الفعل السياسي، في حينها الإخوان في الضفة الأخرى يمسكون بتلابيب المحافظة، ويصرخون باسمها؛ لا لا للدستور، كان الزنداني يتجول من مسجد إلى آخر يهيج الجماهير، وترى الحشود تخرج كقطيع هائج لا يعلم إلى أين يساق؛ و لا لماذا تعارض دستور لم تقرأه.
وتوالت منهجية الإخوان في قتل وكتم أي صوت يدعو لصنع نموذج خاص بهذه المدينة الحالمة دون جدوى.
وبعد قيام الوحدة شكل بعض نخبها فعلا سياسيا نوعيا، تَمثل في المؤتمر الجماهيري، وكانت أدوات الإخوان تفتك به قبل أدوات النظام.
تعز بعد العام ألفين….
تعاقب محافظون كثر على تعز إما رضخوا لإرادة الإخوان أو تماشوا معها بنسبة ما، حتى
جاء شوقي هائل محافظا لتعز يحمل حلما ما، ومشروعا لمدينة تستطيع أن تحاكي دبي وتتفوق، كيف لا وهي تملك البحر والجبل والوادي، الميناء الذي يمكن أن يكون نوعيا كالمخا، والجبل الذي يمكن أن يحول إلى منتجع سياحي كبير بامتياز كجبل صبر، والوادي الذي يمكن أن يأتي بخيراته العظيمة، والرجال والمال والمدينة، وقبل ذلك الحلم والطموح والعمل والحماس والإقدام.
لم يمهل الإخوان شوقي هائل فترة طويلة، فقد خرجوا إلى الشارع يقدحوا بالرجل بكل نقيصة وبألفاظ سوقية، وحركوا كل أدواتهم لقتل الحلم، والمشروع في بداياته، والتي كانت تعز على موعد مع بعض مفرداته.
إقامة مشروع التحلية في المخا، وتوسيع مطار تعز وبناء ميناء نوعي، صاحبَ ذلك اهتمام نوعي بالجانب الأمني والخدمي، وتعز عاصمة الثقافة… الخ، أجهض الإخوان هذا الحلم أيضا.
انقلاب الحوثي ومقاومة تعز..
على غير موعد أوقعنا الحوثي في كارثة تاريخية استوجبت من تعز، وهي المدينة المدنية أن تخوض فعلاً مقاوما سلميا متدرجا ليصل للمقاومة المسلحة.
وكادت تعز أن تقدم نموذجا في المقاومة، لكنهم وبكل حماقة أفسدوا النموذج المقاوم، لا سيما في المدينة، وحولوه إلى تجارة حرب ونهب واستعداء وسجون، وقدموا أنفسهم أنهم تعز بأبشع صورة وتخلصوا من أي مقاوم أو ناشط ينقد الاعوجاج، كما تخلصوا من أي محافظ يحاول إعادة شيء من شكل الدولة، كما حصل مع المحافظ أمين محمود.
وتعدى الأمر لإرهاب كل الناشطين والسياسيين، وكل من يحاول أن يرصد وجع المدينة الكبير وأحلامها المتوالية التي ذكرنا اليسير منها على سبيل المثال، لا الحصر لجماعة تقتل الأحلام وتزرع اليوم صنوفا من الأحقاد على مستوى الأحزاب السياسية والمناطق المختلفة، وتؤجج العداوات وتزرع الضغائن وتؤسس لثارات وجروح تضرب في عمق وجدان أبناء تعز، سنعاني منها لسنوات طويلة قادمة.
إنها جماعة كما وصفها الأديب طه حسين حين قال: “الإخوان جماعة من زمن الخوارج وقبضة من نيران الحروب يخالفون الطبيعة الوديعة ويعملون على نشر القتل ويقتلون كل حلم”.
تبقى تعز خاصة واليمن عامة، بأحلام مؤجلة ومستحيلة، ما لم يقوض نفوذ الجماعات الدينية وفي طليعتهم الإخوان؛ فهي أمهم جميعا ومدرستهم الأولى مهما تلونوا وقدموا أنفسهم بنسخة سياسية كحزب الإصلاح؛ فاستراتيجيتهم إخفاء كيانهم المسلح وأجنحتهم السرية للعمل من تحت الطاولات.
وما لم يتم تضييق مساحات وجود هذه الجماعات، ستبقى اليمن تتخبط في دوائر الفوضى والصراعات المتلاحقة، وسوف تظل مشاريعهم الصغيرة تقزم تعز وتجعل منها مجالا وفضاء لاستثمار بدأ بمشروع معسكر يفرس ومقابر عصيفرة وانتهى ببيع أراضي المواطنين ومنازلهم، وها هو اليوم يفتتح معامل بخور وخياطة، ويبقى طربال الإخوان شاهد عيان ومثلا تضرب به الأمثال ومجالا للتندر والسخرية لجماعة تتقن كل فنون الموت والاستثمار بتوظيف الدين وتضع تعز بين كماشة النار والعار الحوثي الإخواني لأجل بعيد.