أولويات واشنطن لمواجهة أذرع إيران

أكثر من ألف جندي أمريكي سقطوا بين قتيل وجريح خلال عامي 2005- 2011 في العراق وحدها، على يد المليشيات المحسوبة عقائدياً والممولة عسكريا من قبل إيران.

طهران تخوض حروبها بالوكالة ضد الولايات المتحدة، فيما تبقى هي في الظل وخارج إطار الصورة، وبالتالي فإن ردود الفعل تطال الأدوات لا إيران.

هناك مقاربات أمنية جديدة لمراكز دراسات أمريكية، معنية بالمسائل الاستخبارية وتحديد السياسات والاستجابة السريعة لردع التهديدات.

مقاربات ترى أنه حان الوقت لرسم استراتيجية بديلة، لا تعاقب أذرع إيران وحسب، بل تذهب بعيداً في تحديد بنك أهداف ذات صلة بالعمق الإيراني، وهو ما أسمته دراسه لمجموعة باحثين “بالإنتقال من الردع بالعقوبة إلى الردع بالرفض”، أي من تحذير إيران من مخاطر استهداف جنودها، إلى استخدام القوة الأمريكية المباشرة، في ضرب أهداف منتقاة داخل الأراضي الإيرانية.

الدراسة لا تخفي قلق الإدارة الأمريكية من ارتقاء وتنامي مخاطر عمل المليشيات المحسوبة على إيران، وتطوير أدواتهم من الأسلحة التقليدية إلى الهجمات بالصواريخ الباليستية كما هو حال الحوثي، مما يعني خطراً أكبر ودمارا واسع النطاق وضحايا أكثر عدداً.

الإدارة الأمريكية تدرس وضع نقطة آخر السطر للتذاكي الإيراني، بمهاجمة حلفاء واشنطن، في معزل عن الأضرار المباشرة بالجنود الأمريكيين، مع استثناءات محدودة كان مسرحها العراق وسورية.

وباتت ترى أجهزة المخابرات الأمريكية، أن استهداف الحلفاء والاقتصاد العالمي، هو تهديد مباشر لأمنها ومصالحها، ويتوجب مواجهته بذات الدرجة من الجدية، في حال استهداف جنودها وقواعدها العسكرية في الخليج ومناطق أُخرى.

ضرب الحوثي لقاعدة الظفرة الجوية في الإمارات، غيّر من قواعد الاشتباك، بنقل السياسة الأمنية الأمريكية من تقديم العون المعلوماتي للحلفاء، إلى التفكير بالشراكة في التخطيط وصولاً إلى الانخراط الأمريكي المباشر في الصراع.

كما خلق قنوات عمل مشتركة مع الرياض وأبوظبي، يتخطى حصر الخطر في الإرهاب التقليدي للتيارات الدينية الأصولية السنية المتشددة، كالقاعدة وداعش، إلى المليشيات الشيعية المدعومة من إيران، في العراق وسورية وقبل الاثنتين في اليمن.

خطورة إطلاق الصواريخ الحوثية وتوطين صناعتها بخبرات إيرانية، فرض على صانع السياسة الأمريكية مراجعة أولويات المواجهة، وجعل الحوثي مقدماً على ما سواه من جماعات إرهابية.

كما وضع إيران على قائمة الأهداف المحتملة، بمعاقبة مصدر الخطر لا الذراع المنفذ وحسب.

انخراط واشنطن في الصراع بثقلها العسكري، يبقى رهنا بالقرار المرتقب الخاص بتصنيف الحوثي جماعة إرهابية، وكذا بعدم تعاطي طهران بجدية مع التوجه الأمريكي بتغيير قواعد اللعبة، من ضرب حوامل مشروعها في المنطقة، إلى ضرب المشروع ذاته، أي انتقاء مروحة أهداف في قلب إيران لتجفيف الخطر عبر تقليم مخالب ولي ذراع طهران، وبقية الأدوات مجرد تفاصيل تتبع في الحال.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك

Exit mobile version