المعهد الألماني للسياسة الدولية يتحدث عن ثلاثة سيناريوهات محتملة لنهاية الحرب في اليمن
يمن الغد – ترجمات:
توقع المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن، ثلاثة سيناريوهات للصراع في اليمن.. وأن مستقبل الصراع اليمني سيتكشف على بعد 120 كيلومترا شرقي العاصمة صنعاء. في إشارة إلى التصعيد القتالي المحيط بمدينة مأرب.
وذكر تقرير صادر أمس عن المعهد الألماني، أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، نجحت حتى الآن ، تمكنت ، وبدعم من السعودية، من صد هجوم استمر عامين من جانب مليشيا الحوثي، تمتع خلالها الحوثيون بميزات عسكرية. قبل أن يتم إعاقتهم وتحويلهم إلى موقف دفاعي منذ بداية يناير الجاري، من قبل قوات العمالقة المدعومة إماراتيا، التي تتقدم إلى محافظة مأرب من الجنوب.
وحو السيناريوهات التي يمكن تصورها لمسار الصراع، وفقا للتقرير، “هي: 1) مفاوضات وقف إطلاق النار بعد دفاع ناجح عن مأرب، 2) سقوط عاصمة محافظة مأرب كنقطة انطلاق لانتقال الصراع إلى الأجزاء الجنوبية من البلاد، 3) تقسيم الدولة عن طريق التفاوض بمشاركة الإمارات وإيران”.
على ضوء ذلك، حث التقرير، “ألمانيا وشركائها الأوروبيين دعم محاولات القوى الإقليمية للتقارب، والبدء في مناقشة آفاق سياسية جديدة لمستقبل اليمن مع المجتمع المدني وأطراف النزاع”.
وقال: “سيؤدي فقدان مأرب، عاصمة المحافظة الغنية بالنفط التي تحمل الاسم ذاته، إلى إضعاف الحكومة اليمنية إلى حد كبير. فبعد ما يقرب من سبع سنوات من الحرب، أصبحت مأرب الآن أهم معاقلها. وعلى الرغم من دعم التحالف العسكري بقيادة السعودية، فقدت الحكومة سيطرتها على أجزاء كبيرة من الأراضي ولم تتمكن من استعادة العاصمة صنعاء، التي سيطر عليها الحوثيون في سبتمبر 2014”.
وأضاف التقرير، أنه “حتى الآن، لم تنجح بعثة الأمم المتحدة ولا التحالف العسكري العربي في تحقيق الأهداف المحددة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216. وهي انسحاب الحوثيين من الأراضي التي احتلوها منذ 2014، وعودة الأسلحة المسروقة من مخازن الدولة، واستعادة الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة”.
وبحسب التقرير، فإن “الحرب بالنسبة للرياض، أصبحت عبئا متزايدا، ويرجع ذلك جزئيا إلى استخدام الحوثيين للصواريخ والطائرات بدون طيار لمهاجمة أهداف استراتيجية في المملكة العربية السعودية، مثل المطارات ومصافي النفط. علاوة على ذلك، فإن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ارتكبها التحالف أضرت بشكل كبير بسمعة المملكة الدولية. وبدلاً من كبح جماح النفوذ الإيراني، أدى التدخل العسكري فعليا إلى تكثيف العلاقة بين الحوثيين وطهران”.
وأوضح، أنه “على الرغم من أن الحكومة السعودية قد أشارت مرارا وتكرارا إلى أنها تبحث عن مخرج من الحرب، فإن الانسحاب دون اتفاق سيكون بمثابة إحراج سياسي وسيزيد من تعريض الأمن الداخلي للمملكة العربية السعودية للخطر. حيث لا يمكن استبعاد استمرار الهجمات التي يشنها الحوثيون”.
كما تحدث التقرير، عن “وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن في فبراير 2021 لإنهاء الصراع من خلال عمل دبلوماسي لم يتحقق. ورفض الحوثيون المقترحات التي قدمها المبعوث الأمريكي الخاص تيم ليندركينغ والحكومة السعودية في مارس 2021”.
وقال التقرير: “بعيدا عن إنهاء الصراع، شجعت السياسة الأمريكية الحوثيين في الواقع في عملهم العسكري: أولاً في فبراير 2021 بسحب بايدن تصنيف الرئيس السابق دونالد ترامب الحوثيين كمنظمة إرهابية؛ ثم انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، مما سمح لطالبان بإقالة الحكومة الأفغانية المعترف بها دوليا، وهو ما اعتبره الحوثيون سابقة”.
كما أوضح، أن “الحوثيين بالمقابل واصلوا الهجوم على مأرب، الذي بلغ ذروته الأولية في خريف 2021 عندما بدأوا في محاصرة مأرب من الشمال والغرب والجنوب، وسيطروا على أجزاء من محافظة شبوة الجنوبية الغنية بالنفط. قبل أن يتم طردهم من قبل ألوية العمالقة المدعومة من الإمارات وتقدموا شمالاً إلى محافظة مأرب. فخشي الحوثيون من خسارة ميزتهم في السيطرة على الجبهات، على اعتبار أن من يحسم معركة مأرب ستكون له اليد العليا في المفاوضات المقبلة”.
المفاوضات بين حكومة هادي والحوثيين
وتفنيدا للسيناريو الأول، الذي توقع مفاوضات بين الحوثيين وحكومة هادي، يضيف التقرير، أن “الحوثيين لا يهتمون كثيرا بالدخول في مفاوضات على قدم المساواة مع الآخرين طالما لديهم ميزة عسكرية. كان الاتفاق الأخير مع حكومة هادي بوساطة الأمم المتحدة في ديسمبر 2018 (في ستوكهولم) ممكنا فقط لأن الحوثيين في ذلك الوقت كانوا في موقع دفاعي في ساحة المعركة. وكانوا يعتقدون أنهم يمكن أن يستفيدوا من المفاوضات. بعد كل شيء، منع الاتفاق توغل قوات التحالف في مدينة الحديدة الساحلية ذات الأهمية الجيواستراتيجية”.
لذلك، يرى التقرير، إن “الشرط الأساسي لاستئناف محادثات السلام هو حدوث تحول واضح في الميزان العسكري لصالح القوات الحكومية. وفي هذا السياق، حاول طارق صالح، ابن شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي قُتل على يد الحوثيين في ديسمبر 2017، توحيد التحالف المناهض للحوثيين (في إطار القوات المشتركة)”.
ويتابع: “بعد إعادة انتشار ألوية العمالقة البالغ قوامها 15 ألف مقاتل في شبوة، انقلب المد ضد الحوثيين. بهذا التقدم، أوضح التحالف أنه ليس على استعداد للتخلي عن مأرب طالما لا يوجد اتفاق مع الحوثيين أو حلفائهم في طهران. على الرغم من المشاركة المتزايدة للتحالف العربي، فإن التزامه المتوسط والطويل الأمد بالتحالف المناهض للحوثيين لا يزال محل شك. على مدى السنوات القليلة الماضية، قلصت المملكة العربية السعودية بشكل كبير مشاركتها في اليمن. على الرغم من ارتفاع عدد الضربات الجوية مؤخرا، يشير مشروع بيانات اليمن إلى أن كثافة الضربات الجوية السعودية قد انخفضت بشكل حاد منذ عام 2018، وانخفض الدعم المالي أيضا بشكل كبير. فمنذ عام 2020 لم يدفع السعوديون رواتب الحكومة اليمنية أو القوات الحكومية. ولا تدعم الإمارات الحكومة بذريعة أن جماعة الإخوان المسلمين، الناشطة في اليمن في شكل حزب الإصلاح، تسيطر على الحكومة المعترف بها دولياً، لا سيما في مأرب. في الوقت نفسه ، ابتعدت الإمارات حتى وقت قريب عن المواجهات المباشرة مع الحوثيين”.
وأردف التقرير: “بدون استمرار الدعم العسكري والمالي والسياسي من كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فمن غير المرجح أن يتحول التوازن العسكري بطريقة كبيرة بما يكفي لتمكين حل مستدام للصراع. بعد وقف إطلاق النار، من غير المرجح أن توافق أطراف النزاع على تقاسم السلطة. ويرجع ذلك، من ناحية، إلى عدم رغبة الحوثيين في تقديم تنازلات. لقد وافقوا على اتفاقيات في الماضي لكنهم فشلوا في احترامها. من ناحية أخرى، يرجع ذلك إلى الإطار التفاوضي الخاطئ للأمم المتحدة، التي أساءت فهم الحرب على أنها صراع بين طرفين وبالتالي أهملت الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية. الأمر الأكثر إشكالية هو أن نهج الأمم المتحدة، من ناحية، يقلل من أهمية موقع القوة للحوثيين”.
سقوط مأرب وتحول المواجهة شمال – جنوب
أما السيناريو الثاني، فيتوقع التقرير، “انتصار الحوثيين في مأرب، كبداية لمواجهة جديدة بين الشمال والجنوب. ومن شأن استيلاء الحوثيين على مأرب أن يغير بشكل حاسم ديناميكيات الصراع اليمني. نظرا لأن مأرب هي أهم معقل لحكومة هادي، فإن خسارة المدينة سترسل صدمة عبر مناطق سيطرة الحكومة الهشة الأخرى وتؤدي إلى الانهيار التدريجي لإدارة هادي”.
وقال: “على الرغم من أن المناطق الواقعة خارج أراضي الحوثيين تخضع اسمياً لسيطرة حكومة هادي، إلا أن الكثير منها يخضع في الواقع لسيطرة جماعات مسلحة أخرى، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي أو القوات المشتركة”.
وأوضح، أن “الفروق بين مقاربات وأهداف التدخلات السعودية والإماراتية في اليمن كانت من الأسباب الرئيسية للتشرذم. حيث كانت أولوية الرياض هي صد الحوثيين، وبالتالي نفوذ إيران على اليمن. فيما سياسة الإمارات كانت بهدف السيطرة على الطرق البحرية في البحر الأحمر والبحر العربي واحتواء حزب الإصلاح.
وأضاف: “بما أن جيش الحكومة يخضع إلى حد كبير لسيطرة حزب الإصلاح، فقد دعمت الإمارات مجموعات مسلحة أخرى بدلاً من ذلك. وهؤلاء مرتبطون بالحكومة لكنهم في النهاية يسعون وراء مصالحهم الخاصة، وهو واقع أدى إلى انقسام التحالف المناهض للحوثيين”.
وتابع: “في حال الانتصار في مأرب، من غير المرجح أن يرضى الحوثيون عن شمال اليمن وحده، وبالتالي سيطالبون بكامل الأراضي الوطنية. وهكذا، بعد انهيار الحكومة، سيستمر القتال على الأراضي بين الحوثيين من جهة، والمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة والجماعات المسلحة الأخرى من جهة أخرى”.
كما توقع التقرير، على المدى المتوسط والطويل، مزيدا من التشرذم في التحالف المناهض للحوثيين. وتوسعه في تعز بين قوات طارق صالح والقوات الموالية لحزب الإصلاح. وامتداده ليشمل الصراع قوات طارق صالح والمجلس الانتقالي الجنوبي.
ويذهب التقرير، إلى القول: إنه “نظرا لأن الإمارات العربية المتحدة لديها مصالح في الجنوب، فإن تقدم الحوثيين إلى المنطقة الجنوبية يمكن أن يؤدي إلى زيادة المشاركة العسكرية الإماراتية واستمرار الهجمات عبر الحدود. كما أن هجمات الطائرات بدون طيار التي شنها الحوثيون في يناير 2022 على أبو ظبي استفزتها انتصارات التحالف الحالي، وتهدف إلى تذكير الإمارات بما هو على المحك إذا تحدوا سيطرة الحوثيين”.
تقسيم اليمن
وفي السيناريو الثالث، الذي يتوقع تقسيم اليمن إلى شمال وجنوب، كون مأرب ورقة المساومة، أورد التقرير، أن “الحوثيين سيتفاوضون مباشرة مع القوى الإقليمية على حل من شأنه أن يحافظ على الوضع الراهن ويقسم البلاد إلى جزء شمالي وجزء جنوبي أو أكثر. وهنا، ستلعب الإمارات العربية المتحدة دورا رئيسيا، وهي مهتمة بالحفاظ على نفوذها في جنوب اليمن، ودعم حلفائها المحليين لإضعاف حزب الإصلاح”.
وقال: “بعد أن علمت الإمارات بنقاط ضعفها في عام 2019 عندما تعرضت ناقلات النفط للهجوم في مياهها الإقليمية، وضعت نصب عينيها تسهيل علاقتها مع طهران. و كإجراء لبناء الثقة، سحبت قواتها تدريجياً من اليمن، لا سيما من المنطقة المحيطة بميناء الحديدة. ثم استولى الحوثيون على هذه المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية بالكامل في نوفمبر 2021. ولتجنب المزيد من الهجمات عبر الحدود، ستحتاج الإمارات العربية المتحدة إلى التوقف عن تحدي الحوثيين عسكريا”.
وأضاف: “ومع ذلك، من أجل الحفاظ على مناطق نفوذها بشكل دائم في جنوب اليمن، ستحتاج الإمارات إلى احتواء الحوثيين في الشمال من خلال مزيج من القوة العسكرية والمفاوضات”.
كما رجح التقرير، أن “تُخضع الحكومة السعودية إجراءاتها العسكرية والدبلوماسية لدولة الإمارات العربية المتحدة، لأنها لم تتمكن حتى الآن من تأكيد مصالحها باستراتيجيتها الخاصة. وأن تأمين مدينة مأرب الغنية بالنفط من هجوم الحوثيين قد يسمح للإمارات بتولي موقف أقوى في المحادثات المحتملة”.
ويذهب التقرير، أيضا وفق هذا السيناريو، إلى الاعتقاد بأن “ترتبط محادثات السلام بالمفاوضات المباشرة بين المملكتين الخليجيتين والحوثيين التي سهلتها عمان في الماضي. على عكس عملية السلام في الأمم المتحدة، أخذا هذا المسار الموازي في الاعتبار بجدية شبكة المصالح وتوازن القوى للفاعلين المحليين والإقليميين”.
وقال: “ستحتاج دول الخليج إلى قبول حكم الحوثيين في شمال اليمن، فإنها ستطلب في المقابل ضمانات تضع حداً لأي تقدم عسكري إضافي داخل حدود اليمن أو الهجمات الصاروخية أو البرية عبر الحدود. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تصر المملكة العربية السعودية على منطقة عازلة على طول حدودها مع اليمن. تتطلب مثل هذه الضمانات نفوذ إيران البناء على الحوثيين واتفاق بين إيران والسعودية. ومع ذلك، لا يمكن توقع ذلك على المدى المتوسط إلا إذا استمرت دول الخليج في التأثير على الحكومة في طهران بإجراءات بناء الثقة وإذا كانت المحادثات النووية الدولية مع إيران مثمرة”.
وتابع: “الحوثيون من جانبهم سيطالبون بإنهاء الحصار الجوي والبري والبحري. يمكنهم أيضا المطالبة بالحق في تصدير النفط، لأن هذا ضروري للبقاء الاقتصادي لشمال اليمن. لهذا، سيطلب الحوثيون الوصول إلى حقول النفط في مأرب. قد تكون المدينة التي يبلغ عدد سكانها 2 مليون نسمة بمثابة ورقة مساومة في مثل هذه المحادثات. قد يكون تمكين البقاء الاقتصادي لأراضي الحوثيين هو النفوذ الوحيد لدول الخليج على المتمردين”.
واستطرد: “ومع ذلك، فإن المفاوضات بين دول الخليج والحوثيين لا يمكنها إلا إنهاء البعد الإقليمي للصراع. محليا، يمكن للمحادثات فقط الحفاظ على الوضع الراهن. بينما قد يأمل الحوثيون في أن يتم الاعتراف بهم كممثلين للشعب اليمني بأكمله، يطالب المجلس الانتقالي الجنوبي بكامل أراضي دولة اليمن الجنوبي المستقلة سابقًا. ستحتاج الإمارات إلى السماح للجهات الفاعلة المحلية في جنوب وغرب اليمن بحل توتراتها قبل المفاوضات المحتملة. كما سيحتاج المجلس الانتقالي الجنوبي إلى إحباطه، ويتعين على المجموعات التي لا تشعر بأنها ممثلة فيه أن تشارك في المحادثات. وينطبق هذا أيضا على القوات المشتركة ومجموعاتها الفرعية وممثلي محافظتي حضرموت والمهرة. وبالتالي، فإن استقرار البلاد لا يعتمد فقط على تصرفات الحوثيين، ولكن أيضا على الإجماع السياسي للتحالف المتبقي المناهض للحوثيين”.
كما يستنتج التقرير، أن حكومة هادي قد تسيطر على مدينة مأرب لبضعة أشهر أو حتى سنوات، لكن من الصعب تخيل تحول في التوازن العسكري لصالح حكومة هادي بما يكفي لقيادة مفاوضات ذات مغزى.
وأوضح، أيضا، أنه “لا يمكن أن يظهر نظام سياسي مستقر في اليمن إلا إذا تم تقليل تأثير الخلافات الإقليمية على الديناميكيات السياسية الداخلية، وبدء حوار عملي وهادف وشامل، لا يشمل فقط الأطراف اليمنية في الصراع ولكن أيضا النساء والمجتمع المدني.
كما أوصى التقرير، ألمانيا وشركائها الأوروبيين بمواصلة دعم التقارب بين المملكة العربية السعودية وإيران لتسهيل التوصل إلى حل تفاوضي للأبعاد الإقليمية والمحلية للصراع، والتعاون الوثيق مع عمان، حيث تحافظ مسقط على علاقات جيدة مع الكل.
وشدد التقرير، على إدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها جميع الأطراف المحلية والإقليمية في النزاع بأقوى العبارات الممكنة. متوقعا استمرار الانتهاكات مع وجود الجماعات المسلحة الجديدة في السلطة في اليمن وداعميها في المنطقة.