رغم الأحداث المتلاحقة، التي تعصف بالساحة اليمنية، أحببت خلال هذه الساعات أن أركز على الجانب الإنساني والمساعدات المتلاحقة التي قدمتها الإمارات.
تلك المساعدات، التي رصدتها عيون العالم رغم إنكار المرتزقة الحوثيين.
فإمارات “زايد الخير” كانت ولا تزال ترى أن ما تقدمه الدولة في جانب الأعمال الخيرية والإنسانية هو منهج أصيل وثابت في سياسة الدولة الخارجية، والتي لها سجل حافل من المبادرات الخيرية والإغاثية، وهذا يتجلى اليوم بوضوح في النشاط الإغاثي والإنساني، الذي تقوم به الإمارات على الأرض اليمنية كافة، وهو ليس وليد هذه اللحظة، وإنما هو امتداد لتاريخ طويل ومشترك من الأخوة مع اليمن، وذلك عبر البرامج الإنسانية والمشاريع الخيرية.
من نافلة القول إنه حينما بدأت دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية، عملية “عاصفة الحزم” في مارس 2015، فإنها كانت تستجيب لنداء الشعب اليمني والوقوف معه في مواجهة الانقلابيين الحوثيين وحلفائهم، الذين لم يُعرف عنهم سوى سياسة التجويع ونهب الثروات وتشريد السكان واتباع سياسة القمع والاعتقالات والتصفية الجسدية وتعطيل المؤسسات الخدمية ونشر الفتنة الطائفية.
ويمثل الدور الإنساني والإغاثي في اليمن أحد أهم أبعاد وركائز تحركات دول التحالف العربي تجاه الشعب اليمني، حيث يعد الحفاظ على العلاقات الأخوية والتاريخية أحد أهم الأهداف، فضلاً عن أن قرار “عاصفة الحزم” أصلا قد جاء بدافع حماية الأشقاء اليمنيين من تغوُّل المليشيات الحوثية الانقلابية، ورغبتها في السيطرة على مفاصل الدولة اليمنية والسيطرة على مقدراتها ومكتسبات شعبها.
هنا في واشنطن اطلعتُ على تقارير دولية أصدرها معهد “أمريكان ميديا إنستيتيوت”، المتخصص في التحقيقات الصحفية، والتي أكدت أن “المساعدات الإماراتية لليمن شملت جميع قطاعات الدولة، ابتداءً من الغذاء، وصولًا إلى الصحة والتنمية والتعليم”.
كما نشر المعهد الأمريكي خريطة تفصيلية للمساعدات الإماراتية الموجَّهة إلى اليمن، ابتداءً من شهر أبريل/نيسان 2015 حتى مايو/أيار 2018، وقال إن “المساعدات جاءت كما يلي: القطاع التعليمي 39.5 مليون دولار، والخدمات الاجتماعية 133.9 مليون دولار، ومؤسسات المجتمع المدني 163.2 مليون دولار، وقطاع توليد الطاقة 287.2 مليون دولار، وبرامج المساعدات العامة 1.62 مليار دولار، ووسائل النقل والمواصلات 156.5 مليون دولار، وقطاع الصحة 209.8 مليون دولار، والمساعدات الغذائية 1.01 مليار دولار، ومساعدات أخرى 56 مليون دولار”.
ليس هذا فقط، بل إن مجلة “ريليف ويب” الأمريكية -المتخصصة في دراسة الأزمات الإنسانية- نشرت تقريرًا حول الدور الإنساني الإماراتي في اليمن على مدى السنوات الماضية.. وعرضت أمثلة قديمة وحديثة في هذا الشأن، وقالت إن “الإمارات ردت على الحصار المفروض من قبل الحوثيين على منطقتي الوعرة وخوخة بتوزيع أكثر من 3000 طرد غذائي على السكان، بالإضافة إلى تقديم مساعدات أساسية لأكثر من 21000 يمني في هاتين المنطقتين، استفاد منها نحو 15000 طفل و3000 امرأة”.
وأضافت المجلة أن “هذه المساعدات جزء من حملة إغاثة ضخمة، شرعت بها الإمارات من أجل التخفيف من معاناة السكان الواقعين تحت السيطرة الحوثية”.
وأشارت الصحافة الأمريكية إلى أدوار إيجابية تلعبها المؤسسات الخيرية الإماراتية في اليمن مثل “هيئة الهلال الأحمر الإماراتي”، و”مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية”، و”مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية”، بجانب مؤسسات “زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية”، و”سلطان بن خليفة آل نهيان الإنسانية والعلمية”، و”سقيا الإمارات”، و”الرحمة للأعمال الخيرية”، و”بيت الشارقة الخيري”، وغيرها من مؤسسات وجمعيات، وذلك في إطار خطة إماراتية طويلة المدى تستهدف تحسين الظروف المعيشية للشعب اليمني الشقيق.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن دولة الإمارات احتلت المرتبة الأولى عالمياً كـ”أكبر مانح للمساعدات الإنسانية خلال الأزمة اليمنية استجابة للأوضاع الإنسانية الحالية”، وأنها جاءت “في صدارة الدول التي تجاوبت مع الأزمة الإنسانية في اليمن”، وذلك حسب بيانات المنظمات الدولية المعنية التابعة للأمم المتحدة، فيما لعبت الجهات المانحة الإنسانية الإماراتية دوراً رئيسياً في إغاثة المتضررين جراء الأوضاع الإنسانية من خلال تسيير الطائرات والسفن التجارية لتوفير الاحتياجات الإغاثية المختلفة.
وقد حافظت دولة الإمارات منذ بداية الأزمة في اليمن على مكانتها ضمن أكبر المانحين الدوليين في مجال المساعدات التنموية الرسمية، لتصبح في المركز الأول في العالم لعام 2016 للمرة الثالثة، حيث كانت في المقدمة أيضاً للعامين 2013 و2014، وذلك حسب بيان “لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية”، الذي صدر في أبريل 2017، والذي أشار إلى أن دولة الإمارات جاءت في صدارة الدول المانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية، وقد جاءت اليمن على رأس الدول المستفيدة من هذه المساعدات.
أما في عام 2018 فقد تكثفت جهود الهلال الأحمر الإماراتي في اليمن وتوزعت على عدد من المحافظات، فبلغ عدد السلال الغذائية التي قدمتها الهيئة خلال عام 2018 لأهالي الساحل الغربي لليمن أكثر من 140 ألف سلة، استفاد منها أكثر من مليون شخص، في 121 قرية ومنطقة على امتداد مدن وقرى الساحل الغربي، كما قدم الهلال الأحمر الإماراتي دعما مكثفا لمحافظة حضرموت إلى جانب عدد من الأعمال الأخرى، منها تدشين مشروع “أضحية العيد” لعدد 8000 أسرة بمحافظة حضرموت، وتوزيع 2000 حقيبة مدرسية على عدد من المدارس بحضرموت، وإطلاق مشروع “زفاف جماعي” لـ200 عروس.
كما تم إعادة تأهيل 15 مركزا صحيا في الساحل الغربي ومدّها بالأدوية والمستلزمات الطبية، إلى جانب 10 مراكز صحية أخرى، وتم تسليم رواتب موظفي الكادر الصحي في مستشفيات ومراكز الساحل الغربي وتوزيع شحنة أدوية تزن 25 طنا على المراكز الصحية بالحديدة والساحل الغربي.
وفي جزيرة سقطرى تم بناء 356 وحدة سكنية مزودة بالطاقة الشمسية، وترميم كل مدارس المحافظة، وإضافة 12 فصلا دراسيا وتوزيع 100 قارب للصيادين، كما تم تزويد محطات المحافظة بالوقود وإعادة صيانة وتأهيل شبكة كهرباء الجزيرة وتشييد حديقتين وملعبين لكرة القدم. وتم أيضا تدشين عدد من مشاريع الزواج الجماعي لعدد 40 حالة في المرحلة الأولى و400 في المرحلة الثانية، وتم تشييد مستشفى “الشيخ خليفة”، الذي يعد أكبر وأهم المشاريع في الجزيرة.
وفي محافطة “أبين” تم افتتاح “مجمع عزان التربوي التعليمي” وإعادة تأهيل 12 فصلا دراسيا وتأثيثهم بالكامل، وتسيير عدد من القوافل الغذائية إلى شقرة-أبين، وإنشاء مشروع “مياه لودر”.
وفي “لحج” تم تأهيل وحفر عدد من الآبار، منها بئر “القبيطة” بتكلفة إجمالية 3 ملايين درهم إماراتي، بالإضافة إلى تدشين 9 مشاريع تنموية وتقديم 3 ملايين درهم لدعم قطاعَي التعليم والصحة.
كما تم إعادة تأهيل آبار “الحوطة” وتوزيع 160 طن أغذية للمحافظة بالشراكة مع محافظة حضرموت، فضلا عن دعم 200 حالة إنسانية و300 من جرحى اعتداءات مليشيات الحوثي.
كذلك إرسال ثلاث دُفعات من الجرحى للعلاج بالخارج، تضمنت الدفعة الأولى 62 مريضاً إلى مستشفيات الهند، ثم 28 شخصا إلى جمهورية مصر العربية للعلاج، وارتفع إجمالي عدد الحالات، التي تم التكفل بعلاجها في الخارج إلى أكثر من 11 ألف حالة في عام 2019.. وبالتالي بلغ إجمالي المساعدات لهذا العام نحو 9 مليارات درهم، أي نحو 2.5 مليار دولار، ذهب 66% منها للمشروعات التنموية والمساعدات الإنسانية، واستفاد منها نحو 15 مليون امرأة وطفل يمني.
أما في عام 2020 فقد وصل الدعم الإماراتي إلى ما يقارب 500 ألف مواطن، وتم توزيع آلاف الأطنان من المواد الغذائية في شبوة وحضرموت والحديدة وفي الساحل الغربي.. إضافة إلى سلسلة الدعم المتواصل في كل الجوانب، لا سيما في الجانب الصحي، نظرا لتفشي العديد من الأوبئة والأمراض هناك، على رأسها جائحة فيروس كورونا.
وقد وزعت الفرق الإغاثية التابعة لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي أول العام 42 طناً من المساعدات الإغاثية للأسر الأكثر احتياجاً في المناطق النائية بمحافظة شبوة، للتخفيف من معاناتهم، وشملت تلك المساعدات آلاف السلال الغذائية الضرورية، والتي توزّعت على الأهالي في مديرية الطلح ومناطق جول بن حيدر، والعرصة، والنحال، وكريث، بديرية جردان، كما وصلت قافلة مساعدات إلى مديرية الروضة.. حيث تابع العالم المستفيدين وهم يعبّرون عن شكرهم وتقديرهم ليد الإمارات السخية التي امتدت للعون والمساعدة والتخفيف من معاناتهم وتحمُّلها كل مشقة للوصول إلى مناطقهم.
إنه خير الإمارات توثقه التقارير العالمية، التي تعطي كل ذي حق حقه.