اخبار الشرعيهاخبار المقاومةالإقتصاد والمالالحوثي جماعة ارهابيةالرئيسيةتقاريرصنعاءمحلياتملفات خاصة

وأسفاه على صنعاء.. صرخة مطحونون تحت وطأة أزمات مفتعلة


يمن الغد/ تقرير- خاص


وأسفاه على صنعاء وأحمرَّت عيناه وانقبض الجبين من القهر، صرخة أطلقها “سمير غانم” صاحب فرن للخبز أغلقته المليشيا لإجباره على الرضوخ لإجراءات سيدها التي أصبحت بديلة للقانون والسيد بديلا للدولة..
التقيد بوزن الرغيف وبيعه بسعره السابق، باتت وفقاً لأصحاب المخابز بصنعاء، إجراءات تعسفية في ظل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

سطوة رعب:


ليس “سمير” -الذي تحدث ل”يمن الغد”، وحده المغلوب على أمره، فالمطحونون بسطوة الرعب المليشاوي كُثر، ولقد أصبح فؤاد “أم عيسى” مملوءً تعباً وأنينا.
” أم عيسى” معلمة في العقد الثالث من عمرها تكابد الحياة وتوشك على الانهيار أمام قسوة الظروف وغلاء المعيشة، فمنذ انقطع راتبها وفقدت زوجها بحادث مروري مؤسف قبل 4 سنوات، عكفت على التدريس بمدرسة أهلية بصنعاء، الراتب فيها يضيع في المواصلات ونفقات بسيطة للعيش حسب حديثها ل”يمن الغد”.
أطفالها الثلاثة على شفا جرف من الموت تحت وطأة الحمَّى ولم يعد هنالك قدرة لديها لتوفير قيمة العلاج طالما ومدينة صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، تئن تحت وطأة أزمة مفتعلة في البنزين والغاز المنزلي، وتلاعب بفواتير الكهرباء.

القتال بلقمة العيش:


عاد محمد سعيد ” معلم بلا راتب”- ذات مساء- وبرفقته ابن عمه خالد وهو يحمل حزمة من حطب وبقايا كراتين جلبها من السوق لزوجته التي وجد صوتها عال وهي تتحدث بهاتفها النقال، فالتفت لرفيقه وقال: إذا سمعت ربة بيت في عاصمة الأزمات صنعاء تخوض نقاشاً حاداً مع شخص ما عبر الهاتف، فاعلم أنه سائق شاحنة الماء أو عاقل الحارة..


شهران مضيا ولم يستطع “محمد” -الذي التقاه “يمن الغد”- الحصول على اسطوانة غاز عبر عاقل الحارة التي يقطن فيها في التحرير وسط صنعاء، على الرغم من أنه دفع 7 ألاف ريال ولم تمنحه الظروف حق اللجوء للسوق السوداء التي وصل فيها سعر الاسطوانة سعة 20 لتر إلى 20 ألف ريال، فاضطر لإيقاف حافلة الدايو” 8 ركاب” والتي كان يعول بها أسرته وأصبح يقلب كفيه بائسا.
آلية توزيع الغاز المنزلي عبر عقال الحارات، هي الأخرى لم تعد ذا جدوى كما أن الحوثيين باتوا يرون في إنعاش السوق السوداء رافداً مجدياً لتمويل الجبهات القتالية دون أدنى مرعاة للحالة الإنسانية والظروف المعيشية القاسية التي يمر بها المواطن في مناطق سيطرتها.
قبل أيام تعرضت أسرة كاملة بصنعاء للاختناق حتى الموت بدخان مواد كرتونية، اضطرت إلى استخدامه بدلاً عن الغاز المنزلي، الذي أخفته مليشيا الحوثي عن أسواق العاصمة صنعاء.
أم وثلاثة من أبنائها توفوا أخر يناير الفائت، في منطقة “دار سلم” جنوب العاصمة، بعد تعرضهم للاختناق من الدخان الذي شكلته المواد التي تستخدمها الأسرة للطهي، منها “الكراتين” كبديل عن الغاز المنزلي.
و قضت عائلة الحبيشي وسط الدخان، ولم يكتشف أمرها إلا صباحاً، فيما نجا الابن الرابع ووفق مصادر “يمن الغد”، أسعف الناج الوحيد إلى أحد المستشفيات صباح اليوم التالي من الحادثة، بينما أمه وأشقاؤه الثلاثة أحدهم رضيع قد توفوا.

محاصصة:


تشهد صنعاء والمحافظات المجاورة لها للشهر الثاني على التوالي أزمة خانقة في مادتي البنزين والديزل ومادة الغاز المنزلي، وارتفاعا في أسعار المواصلات وفواتير الكهرباء والمواد الغذائية.


وترفض ميليشيا الحوثي، إدخال عشرات الشاحنات الخاصة بنقل المشتقات النفطية من المحافظات المحررة إلى مناطق سيطرتها، لتزيد من حدة الأزمة وترفع سعر عبوة البنزين، سعة 20 لترا، إلى أكثر من 25 ألف ريال يمني في السوق السوداء التي تديرها الميليشيا.
ولعل ما يزيد الأزمة تفاقماً التحكم التي باتت تلعبه المليشيا في استيراد النفط عبر شركات مستحدثة، أو من خلال محاصصة الشركات المستوردة له من البيوت التجارية المعروفة، والذي يعود عليها بالمليارات بسحب تقارير سابقة، اذ حوّلت المليشيا شركة النفط الحكومية إلى إقطاعية للعمل لصالحها في كل تعاملاتها وهو ما شكل أيضاً مورداً آخر للجماعة.

أوراق ضغط:


ووصلت الأزمة بصنعاء وأخواتها المنكوبة بالمليشيا إلى أن تحول الروتين اليومي للمواطنين إلى رحلة للبحث عن أسطوانة الغاز أو جالون من البترول وذلك منذ أسابيع.
مصدر في شركة الغاز نفسها، قال إن إخفاء المشتقات النفطية إضافة إلى مادة الغاز المنزلي جاءت بعد تعليمات من القيادي الحوثي محمد علي الحوثي، ما يكشف عن توجه لمليشيا الحوثي بإغراق مناطق سيطرتها في الأزمات، واستخدام المواطن كورقة ضغط على الأمم المتحدة، كما يتضح في إعلامها أو من تصريحات قيادات الصف الأول فيها.


وفيما أكد المصدر أن كميات الغاز المخصصة لمديريات العاصمة متوفرة إلا أن قيادة المليشيا، لها أكثر من هدف في مصادرتها وإخفائها للغاز، تؤكد مصادر أخرى مطلعة أن القيادات الحوثية والتي تتحكم بالمشتقات النفطية، تعمل على تخزينه بكميات كبيرة مستخدمة طرقاً عشوائية تنذر بالكوارث، وهو ما يهدد حياة السكان.
ولفت أن السوق السوداء لم تتوقف في بيع المشتقات النفطية وبأسعار تتزايد كل يوم، كما أن المليشيا تريد أن مضاعفة الإيرادات لتعويض خسائرها وتغطية نفقاتها سواء في التحشيد والتنقل في المحافظات المجاورة للتجنيد ومن ثم الزج بهم في جبهات القتال.

حياة بلا خدمات:


وبسبب أزمة المشتقات النفطية التي تفتعلها ميليشيا الحوثي للتربح من السوق السوداء، ارتفع الوايت الماء المتنقل في صنعاء والمحافظات الخاضعة للميليشيا إلى 12 ألف ريال بدلا عن 6 آلاف.
وبحسب تقارير رصدت الوضع الاقتصادي والاجتماعي في اليمن، تتعمد ميليشيا الحوثي صناعة الأزمات المرتبطة بتعاملات الناس وحاجاتهم، لتحرك نظامها الاقتصادي القائم على ” السوق السوداء ” كأداة رئيسية لتعزيز إيراداتها المالية والربح السريع والثراء الفاحش الذي ينعم به قادة الميليشيا.


وكانت دراسة” تقييم الخدمات الأساسية في اليمن” أكدت أن إيقاف الميليشيا الحوثية، تموين مشاريع المياه بالوقود ومواد التعقيم والنفقات التشغيلية، أعاقت المواطنين عن الوصول إلى المياه النظيفة، ما عرضهم للإصابة بالأمراض.

وأوضحت الدراسة أن توقف خدمات مشاريع المياه الحكومية حرم المواطنين من حقهم في الوصول إلى المياه النظيفة، وعرضهم للإصابة بأمراض الإسهالات المعوية، وتدهور الحالة التغذوية، ووصولهم في بعض الحالات للوفاة.

وذكرت أن شبكات المياه العامة لا تعمل إلا جزئياً في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، وغالباً ما يتحمل الأطفال والنساء أعباء جلب المياه إلى المنزل من مسافات طويلة، حيث أفادت 60% من الأسر أنها تقضي أكثر من 30 دقيقة في جلب المياه.

وأرجعت دراسة ” الخدمات الاجتماعية الأساسية” أبرز العوامل التي تعيق الوصول للمياه إلى إيقاف نفقات التشغيل والوقود والكهرباء، وارتفاع الأسعار وتدهور القوة الشرائية، وعدم قدرة المستهلكين على تحمل تكلفة المياه ومستلزمات النظافة.

زر الذهاب إلى الأعلى