حالنا في اليمن، الآن، يصعب على الكافر والمسلم والبوذي والملحد، معًا.
ولا أعرف تحديدًا ما الذي بوسعه أن يجمعنا ثانية، وقد أصبحنا بفضل مناطحة الثيران الهائجة والعمياء أشتاتًا بلا جامع وبلا حامل وطني واحد بوسعه أن يؤلف بين قلوبنا المجروحة والمجعوثة من جديد.
حتى على مستوى الحارة الواحدة والبيت الواحد والحزب الواحد والمدينة الواحدة والمهنة الواحدة، صرنا أشتاتًا متفرقة وماعد فيش بيننا أي انسجام ولا أي تفاهم، ولا أحد مننا صار طايق الثاني.
وكل جماعة تصل إلى السلطة في هذي البلاد تعتقد أنها الحق، وأن الآخر هو الباطل، وعلى هذا الرحيل تمضي بنا الحياة إلى الزوال ببطء.
في الشمال والجنوب، وفي كل شبر على الأرض اليمنية المستباحة، كلنا على السواء، أصبحنا مجرد أثوار هائجة تناطح بعضها في سبيل أيش؟
والله ما لي علم، وكل الذي أعرفه الآن وألمسه بوضوح في الميدان أننا أصبحنا أمة مهانة ومسحوقة تنهش بعضها بعضًا، وتأكل لحم أخيها ميتًا وحيًّا، ومغمى عليه أيضًا.
الشرعية في الرياض منقسمة على بعضها، وتخوض صراع العميان، والتحالف الذي يقول إنه يخوض حرب تحرير اليمن من المد الإيراني هو الآخر أيضًا منقسم على بعضه ويسير بلا بوصلة.
الأحزاب السياسية اللي كانت معارضة من قبل تجمعت في سلة عرادن واحدة لإسقاط النظام، وحدث لها ذلك، واليوم كلها متفرقة وما فيش بينها أيّ جامع آخر غير كيف كل واحد ينكّع الثاني.
والإخوان اللي في مأرب غير الإخوان حق تعز والبيضاء.. والإخوان اللي في الرياض غير الإخوان حق قطر وتركيا.. وحتى حزب المؤتمر الشعبي العام.
الحامل الوحيد من وجهة نظري للمشروع الوطني الجامع لكل اليمنيين هو الآخر أصبح الآن منقسمًا على بعضه في الداخل وفي الخارج.
والمؤتمر الذي في القاهرة غير المؤتمر الذي في الرياض، والمؤتمر الذي في مناطق سيطرة الحوثة هو غير المؤتمر الذي في مناطق سيطرة الشرعية!
وجيوش التحرير في الجبهات هي الأخرى، والكف منقسمة على نفسها ما بين إخواني وسلفي وانتقالي وجيش وطني وقوات الساحل!
والجنوب منقسم على بعضه، والشمال منقسم على بعضه.
والحاصل الآن في اليمن الكسير أن العمر يجري بنا مسرعًا واحنا ذولاك احنا محشورين ليل الله مع نهاره في صراع طويل، أبطاله عميان بلا عقول، يركضون بنا بلا كوابح إلى هاوية سحيقة، ويخوضون بنا، بلا هوادة ومن دون ضمير، حرب المعتقدات الخاصة، والهدف خلاص كل جماعة فيهم من الجماعة الأخرى.
وهذا تحديدًا هو البلاء الذي أصبحنا بسببه أمة ملطشة في الداخل وفي الخارج.
وما فيش عاقل ولا كبير ولا جار طيب ولا صديق حميم يمكن الاعتماد عليه للمخارجة من هذه الحنبة العويصة التي جعلتنا بين الأمم والشعوب أمة أشتاتًا، وزادتنا حصة أخرى من التقزم والضياع أمام العالم.
ولن تكون هناك أيّ حلول في القريب العاجل، على الأقل، ما دام واللي يحكموا أجزاء هذي البلاد المنقسمة والمفتتة شوية أثوار هائجة وعمياء تناطح بعضها بما يكفي لجعلنا مادة جيدة لخبر عاجل في الفضائية هذه، وفي القناة تلك.
ولا أيحين طيب؟
والله مالي علم!
كل الذي أعرفه أنه يتوجب علينا قبل أن نطالب من العالم أن ينظر إلى قضيتنا ويحلها، أن ننظر أولاً نحن بأنفسنا إلى حالنا المشعبك والملخبط، ونعرف أيش هو الحل والعلاج الأنسب.
والمؤكد أن كل ما وصلنا إليه هو بسبب أن هناك جماعات عمياء تعيش خارج العصر وخارج الزمن، تشتي تحكم البلد بالخرافة وبالقوة، وهذا أمر مستحيل لو تسير البلاد كلها ملح.
وما فيش حل غير العودة في أسرع وقت ممكن إلى الصناديق.
*نقلا عن: موقع اليمني – الأمريكي