دفعت مليشيات الحوثي ملف الإرهاب مجددا لواجهة المشهد اليمني عبر صناعة إنجازات وهمية بزعم حرب تنظيم القاعدة وبغرض تسول ود واشنطن.
ففي وقت ترفع شعار العداء علنا لواشنطن الذي يردده عناصر مليشيات الحوثي كحصة يومية لم تتأخر كثيرا في تمرير رسائل التنازلات للولايات المتحدة بعيد صدور قرار مجلس الأمن مطلع الشهر الجاري وتصنيفها جماعة إرهابية، أبرز هذه الرسائل ترويجها للقبض على إرهابي عالمي في صنعاء الخاضعة للانقلابيين.
وسارعت مليشيات الحوثي بتسريب قصة حبكت تفاصيلها منذ أعوام لوسائل الإعلام مفادها القبض على النرويجي أندرس ديل “Anders Dale” المطلوب دوليا والتي تصنفه واشنطن إرهابي عالمي، باعتباره رجل تنظيم القاعدة الأول في صناعة المفخخات.
ورفض المحامي العام في النرويج توضيح كيفية حصول بلاده على تأكيد إلقاء مليشيات الحوثي القبض على “ديل” الذي تكمن خطورته بكونه متخصص بصناعة المفخخات لتنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن.
ما قصة ديل؟
تشير التقارير الأمنية التي تتبعت علاقته بتنظيم القاعدة، إلى أن الإرهابي أندرس ديل وصل إلى اليمن في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 بعد أن اعتنق الإسلام قبل فترة وجيزة من انضمامه للتنظيم الإرهابي في جزيرة العرب.
وفي 2014، اتهمت السلطات النرويجية مواطنها “أندرس ديل” بالارتباط بتنظيم القاعدة الإرهابي ووضعته على القائمة السوداء لأخطر الإرهابيين في العالم، واتخذت ذات الإجراء الولايات المتحدة الأمريكية والتي أدرجته على قائمة الإرهاب وصنفته إرهابيا عالميا.
ووفقا للإعلام النرويجي فإن “ديل” اعتنق الإسلام في يناير /كانون الثاني 2008، وزار اليمن عدة مرات قبل أن يسافر بلا عودة لليمن في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وهو تاريخ بدء تمدد مليشيات الحوثي في معقلها الأم بصعدة.
وأعلنت الخارجية الأمريكية في 2012 أن “أندرس” تلقى تدريبات من قبل القيادي في تنظيم القاعدة الإرهابي “إبراهيم عسيري” على صنع أحزمة ناسفة وعبوات متفجرة وتفخيخ السيارات.
علاقة ديل والحوثي
وقبل أيام، تناقلت وسائل إعلام دولية ووكالات تسريبا حوثيا يروج لإنجاز وهمي للمليشيات مفاده اعتقال الانقلابيين للإرهابي العالمي النرويجي “أندرس ديل” المنتمي للقاعدة في اليمن وزعمت أن عملية اعتقاله تمت في صنعاء وقد أصيب أثناء القبض عليه ما استدعى التحفظ عليه في مستشفى بصنعاء يخضع لسيطرتها.
وفندت مصادر أمنية، أكاذيب مليشيات الحوثي المسربة والتي تشير إلى علاقة حوثية مبكرة بالإرهابي العالمي “أندرس ديل” منذ مشاركته بالقتال مع تنظيم القاعدة ضد تنظيم داعش الإرهابيين في محافظة البيضاء، معقل القاعدة الخاضع للانقلابيين.
وأكدت المصادر أن “ديل” أصيب عام 2020 خلال المعركة بين القاعدة وداعش في البيضاء، قبل أن تتدخل مليشيات الحوثي وتبقي الإرهابي العالمي تحت رعايتها لتتخذه بيدقا لتمرير أهدافها الإرهابية.
وما يؤكد هذا تقريرا لما يسمى جهاز الأمن والمخابرات للمليشيات الحوثية صادر في أكتوبر/تشرين الأول 2020 والذي يكذب رواية المليشيات الجديدة بشأن “ديل” ويؤكد العلاقة المبكرة معه ويكشف أن مليشيات الحوثي تستخدم ملف الإرهاب والقاعدة مجرد ورقة لابتزاز المجتمع الدولي.
ويكشف التقرير الحوثي، أن النرويجي “أندرس ديل” لدى المليشيات منذ عامين وليس منذ أيام كما تدعي، وأنه كان يقاتل مع الانقلابيين في البيضاء ومعه عدد من قيادات التنظيم الإرهابي.
وأشار التقرير إلى أنه تم القبض على النرويجي ديل في سبتمبر/ أيلول 2020، أي قبل نحو عامين في السوادية بمحافظة البيضاء وليس كما أعلنت المليشيات مؤخرا بعد تصنيفها من قبل مجلس الأمن جماعة إرهابية.
ورغم أن تقرير مخابرات المليشيات يزعم أن “أندرس ديل” تم القبض عليه بتاريخ 14 سبتمبر/أيلول 2020 في منطقة مديرية السوادية وأنه جرح أثناء القبض عليه حينها، إلا مصادر “العين الإخبارية” أشارت إلى أنه أصيب في المعركة بين القاعدة وداعش في البيضاء بذات التاريخ.
وورد اسم “ديل” في التقرير الحوثي “اندرسكا دالي ” وكنيته “أبو عمر النرويجي” وكان برفقته الرجل الثاني في زراعة المتفجرات والمفخخات داخل تنظيم القاعدة. كما ورد في التقرير وهو ما يؤكد أن النرويجي “ديل ” كان رجل القاعدة الأول في صناعة المفخخات.
الأخطر في تقرير مليشيات الحوثي السري هو اعتراف بأنها أصبحت تعمل مع تنظيم القاعدة الإرهابي وبشكل وثيق، حيث سرد التقرير تفاصيل عمليات الانقلابيين ضد داعش بدرجة رئيسية في البيضاء بينما يتم التحفظ على قيادات القاعدة لحمايتها واستثمارها في الأوقات التي تراها مناسبه.
وتثبت مليشيات الحوثي بالأدلة الكاملة ارتباطها بتنظيمات الإرهاب الدولي واستخدامها لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب كورقة لابتزاز المجتمع الدولي وبالذات الولايات المتحدة رأس الحربة في المواجهة الدولية مع الإرهاب العابر للحدود.
الحوثي والقاعدة.. معركة التحالفات
تدرك مليشيات الحوثي أن التقييم الأمني الأمريكي يضع تنظيم القاعدة في اليمن على رأس قائمة التنظيمات الإرهابية التي تشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي لذلك عمل الانقلابيون على بناء تحالف متين مع تنظيم القاعدة لاستثمارها كورقة رابحة في الصراع والمواجهة.
وتقصت “العين الإخبارية” من مصادر متعددة كيف تتلاعب مليشيات الحوثي بورقة القاعدة وتسخدم التنظيم الإرهابي كورقة تعتقد أنها رابحة لمواجهة الضغوط الأمريكية ومقايضة مكاسب ترغب في الحصول عليها بتقديم خدمات للجانب الأمريكي في ملف الإرهاب الذي يشكل لواشنطن أولوية.
وقال مصدر محلي في محافظة البيضاء” إن مليشيات الحوثي وتنظيم القاعدة على تنسيق وتفاهم كامل وصل إلى أن تقاتل مليشيات الحوثي بجانب تنظيم القاعدة ضد تنظيم داعش في البيضاء نهاية أغسطس/آب 2020.
وأوضح المصدر أنه عقب تصاعد حدة الصراع بين داعش والقاعدة في بعض مديريات البيضاء وتنفيذ التنظيم الأول عمليات وكمائن ضد قيادات الثاني حركت مليشيات الحوثي عملية عسكرية واسعة لمساندة تنظيم القاعدة ضد داعش انتهت بالقضاء على أبرز قيادات داعش وطرده من معاقله في مديريات ولد ربيع، والقُرَيشية بالمحافظة .
واتخذ تنظيم القاعدة من محافظة البيضاء التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي معقلا لتواجده كما اتخذها الدواعش كذلك معقلا له حتى نشب الصراع بين الطرفين على أحقية التواجد في المنطقة وتمثيل الخلايا الارهابية كإطار تنظيمي لينتهي الصراع بحرب حوثية ضد داعش اسنادا لتنظيم القاعدة حليف الحوثي.
غطاء أمني
وبحسب مصدر أمني في البيضاء فإن مليشيات الحوثي وفرت غطاء أمنيا لحماية قيادات تنظيم القاعدة من الضربات الجوية للطيران الأمريكي والتي تستهدف منذ سنوات قيادات التنظيم في اليمن بعمليات قصف جوي نجحت في قتل عدد كبير من أخطر قياداته.
ويمثل الغطاء الأمني – حسب المصدر الأمني – في استضافة أبرز قادة التنظيم الإرهابي في عواصم المحافظات اليمنية بما فيها صنعاء إضافة الى السماح بتحرك قيادات وعناصر القاعدة عبر حركة الآليات العسكرية الحوثية في البيضاء والجوف ومناطق مأرب التي تسيطر عليها المليشيات الحوثية وتوفير دعم استخباراتي لتأمين تحركات قيادات التنظيم الإرهابي.
ومنح تحالف الحوثي مع القاعدة عناصر الأخير من التحرك بحرية كذلك على التماس مع المناطق المحررة حيث تحولت محافظة البيضاء التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي إلى مركز للقاعدة للتسلل لمناطق الحكومة المعترف بها دوليا وبتسهيلات ودعم من مسؤولي أجهزة الحوثي الاستخباراتية الذين يعملون في الميدان ضمن التشكيل التنظيمي لقيادة التنظيم.
وأكد المصدر أن قيادات في القاعدة متعددة الجنسيات شاركت في القتال مع الحوثيين ضد داعش الذي رفض العمل مع المليشيات وكانت تحركاتهم في معقل القاعدة في البيضاء علنية إثر التنسيق الوثيق وعالي المستوى بين قيادات المليشيات وقيادات تنظيم القاعدة الإرهابي.