اخبار الشرعيهاخبار المقاومةالإقتصاد والمالمحليات

اليمن أولى ضحايا الحرب في أوكرانيا: المانحون مشغولون والأمم المتحدة تفشل

مع انشغال العالم بأوكرانيا، فشلت الأمم المتحدة هذا الأسبوع بجمع الأموال الكافية من المانحين الدوليين لمساعدة اليمن على تغطية احتياجاته لتفادي كارثة كبرى في البلد الفقير الغارق في الحرب.
وتحذّر المنظمات الإغاثية من أنّ نقص التمويل، وأحد أسبابه غياب ممولين رئيسيين في دول الخليج، سيعود بعواقب تفاقم آثار النزاع الذي قتل مئات الآلاف وشرّد الملايين من السكان ودمّر الاقتصاد وتسبّب بأكبر أزمة إنسانية في العالم.
في افتتاح مؤتمر للمانحين الأربعاء، حذّر رئيس هيئة المساعدات الإنسانية السويسرية مانويل بيسلر من أنّ “أوكرانيا تبقينا مشغولين (…) لكن من الضروري ألا ننسى أيّ أزمة أخرى”، وخصوصا اليمن.
لكن في ختام الاجتماع، لم تستطع الأمم المتحدة إلا أن تعرب عن إحباطها بعدما جمعت 1.3 مليار دولار من أصل 4.27 مليار دولار يحتاجها اليمن.
ويقول ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن أوك لوتسما لوكالة فرانس برس إنّ هذا “يعني أن احتياجات (اليمنيين) لن تتم تلبيتها”، محذّرا “هذا هو أحلك وضع عرفناه حتى الآن للبلاد”.
ومنذ عدة أشهر، كانت الأمم المتحدة تعرب عن القلق من عواقب نقص التمويل للمساعدات الإنسانية، بينما شهد الصراع على الأرض تجدد العنف بشكل منتظم بين المتمردين الحوثيين الموالين لإيران والحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية.
وفي الخامس والعشرين من فبراير الماضي، بعد يوم من اندلاع الحرب، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن الحرب في أوكرانيا “ستؤدي على الأرجح إلى زيادة أسعار الوقود والغذاء في اليمن”.


وقال البرنامج في بيان “يؤدي تصعيد الصراع في أوكرانيا إلى زيادة أسعار الوقود والغذاء، وخاصة الحبوب في اليمن، الذي يعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد”.
جاء هذا التنبيه بعد أن كان البرنامج قد اضطر إلى خفض الحصص الغذائية، لثمانية ملايين شخص في اليمن، في بلاد تقف على حافة المجاعة.
وفيما تتزايد أعداد الأشخاص الذين يواجهون خطر المجاعة، فإنّ اليمن، أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية، يرى حربا أخرى تهدّد أمنه الغذائي، حيث توفّر أوكرانيا ما يقرب من ثلث إمداداته من القمح.
واضطر برنامج الأغذية العالمي بالفعل إلى خفض الحصص الغذائية لثمانية ملايين يمني هذا العام. وإضافة إلى ذلك، فإنّه وفقًا لوكالات الأمم المتحدة، قد يحتاج ما يصل إلى 19 مليون شخص من بين 30 مليونا إلى مساعدات غذائية خلال النصف الثاني من عام 2022.
وتلبية احتياجاتهم الغذائية تتطلب 181.4 مليون يورو شهريًا ضمن “أحد أهم البرامج في تاريخ برنامج الأغذية العالمي”، حسبما تقول المتحدّثة باسم البرنامج لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عبير عطيفة.
وتابعت عطيفة “كنّا نتوقع المزيد خاصة من المانحين في منطقة” الخليج.
ففي حين أنّ السعودية والإمارات كانتا أكبر الدول المانحة في عام 2021، إلا أنّهما لم تقدّما أيّ وعود هذه المرة. والسبب وفق مراقبين يعود إلى غياب الجدية لدى مختلف الشركاء لأجل التوصل إلى حل سياسي، وأن هذا الوضع جعل الأموال التي تدفع بها السعودية والإمارات تذهب إلى غير ما تريدانه.
ولا تترك الحرب أيّ فرصة لوضع الرياض أو أبوظبي خططا لتطوير واقع اليمنيين من خلال دعم الزراعة أو المشاريع الصناعية، وهو الأمر الذي يجعل الخيار الوحيد المتاح هو تقديم المساعدات المباشرة، وهي طريقة لا تحل الأزمة الإنسانية في البلاد.
وتعلن الرياض وأبوظبي بانتظام عن إرسال مساعدات للبلاد من خلال شبكتيهما الخاصتين من الوكالات الإنسانية المحلية. والأربعاء، شدّدتا على ضرورة وضع حد للأعمال “الإرهابية” للحوثيين، فيما أكّد الممثل الإماراتي أن المتمردين “يعرقلون ويحولون المساعدات الإنسانية”.
وجاء إحجام الدولتين عن الإعلان عن مساعدات ضمن المؤتمر في وقت تمرّ علاقاتهما مع الولايات المتحدة بمرحلة من التوتر، إذ ترفض إدارة الرئيس جو بايدن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، رغم هجماتهم المتكرّرة على السعودية والإمارات.

وترى الباحثة في جامعة أكسفورد إليزابيث كيندال أنّ البلدين المتحالفين “يبدو أنّهما يريدان الآن التحكم في تمويلهما (للمساعدات الإنسانية المخصّصة) لليمن، بدلاً من تكليفها للأمم المتحدة”.
وتشير إلى أنّ المناطق الأكثر تضرّرًا من الأزمة الإنسانية هي بيد الحوثيين وفي قلب المعارك الدائرة. والمملكة العربية السعودية، على غرار الإمارات العربية المتحدة، متردّدة في رؤية المساعدات تذهب إلى المناطق التي تدعم فيها قوات الحكومة في معاركها.
وبحسب الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية عبد الغني الإرياني، فإن دول الخليج تسعى لأن تقدّم مساعدات “بالطريقة التي تجني فوائد سياسية أكبر، من خلال منظماتها الخاصة”.
مع حرب مستمرة منذ أكثر من سبع سنوات، يواجه أكثر من 23 مليون شخص في اليمن الجوع والأمراض ومخاطر أخرى
والخميس، قال مجلس التعاون الخليجي إنه يسعى لاستضافة مباحثات بين الأطراف اليمنية المتحاربة في السعودية، على الرغم من رفض المتمردين الحوثيين إجراء محادثات في “دول معادية”.
وكانت الأمم المتحدة قد دعت المجتمع الدولي إلى توفير دعم “عاجل” لليمنيين، وعدم نسيان الأزمة الإنسانية في بلادهم، وذلك على لسان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، والمبعوث السابق إلى اليمن مارتن غريفيث، حين قال إن “سنوات الحرب دمرت حياة الناس في اليمن”.
وأضاف “رغم أن اليمنيين يحتاجون إلى دعم عاجل، هناك الكثيرون بلا مساعدة بسبب نقص التمويل”، حاثا على “عدم نسيان هذه الأزمة الإنسانية وتمويل جهود الإغاثة المنقذة للحياة”.
وتأتي تصريحات غريفيث بعد إعلان اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان أن “الوصول إلى الاحتياجات الأساسية مثل الرعاية الصحية بات محدودا بشكل خطير في العديد من المناطق باليمن؛ بسبب اضطرار المنظمات لتقليص المساعدات إثر نقص التمويل”.
ومع حرب مستمرة منذ أكثر من سبع سنوات، يواجه أكثر من 23 مليون شخص في اليمن الجوع والأمراض ومخاطر أخرى، بزيادة 13 في المئة عن العدد الذي سجل في 2021، حسب الأمم المتحدة. وتشهد البلاد انهيارا في الخدمات الأساسية والاقتصاد.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 161 ألف شخص سيواجهون قريبا “انعداما كارثيا في الأمن الغذائي ينذر بما يمكن أن يحدث لـ7.1 ملايين شخص أصبحوا على بعد خطوة واحدة فقط عن هذه المرحلة الأخيرة من أزمة إنسانية”.
وسيحتاج نحو ثلاثة أرباع السكان إلى مساعدات إنسانية في 2022، حسب غريفيث.
وقال المسؤول الأممي في مؤتمر صحافي “هذه النسبة تجعلنا نقول إن الوضع الإنساني في اليمن من بين الأسوأ في العالم”.

زر الذهاب إلى الأعلى