أمهات اليمن في عيدهن العالمي.. حنين وآلام تحت وطأة إرهاب الحوثي
داخل خيمتها المتهالكة لا تعرف أمينة محمد صالح عن عيد الأم شيئا. كل همّ العجوز العودة إلى منزلها في مدينة الحديدة اليمنية.
على عتبات باب مسكنها الجديد في مخيم للنازحين في مدينة المخا، أحد الحواضر اليمنية على البحر الأحمر، وقفت أمينة، بعيد أعوام من تهجير الحوثيين لها من منزلها في الحديدة، غربي البلاد، تروي قصتها الحزينة.
أمينة صالح أم لـ4 أبناء، تقول: “عيد الأم لم يمر من هنا منذ طردتني مليشيات الحوثي من منزلي بلا رحمة”.
كانت أمينة وبجوارها إحدى حفيداتها من أمام خيمة متهالكة تفتقر إلى دورة مياه بينما علقت قطعة قماشية مهترئة على عتبات الباب لمنع المارة من النظر إلى الداخل.
وترى أن السبيل الوحيد للاحتفال بعيد الأم، هو إعادة ما فقدته المرأة اليمنية طيلة السنوات السبع الماضية، وما عانته من ويلات، على يد مليشيات الحوثي.
يتشارك مع أمينة مصير ذاته آلاف الأمهات اللاتي هجّرتهن مليشيات الحوثي من منازلهن وتوزعّن على 548 مخيماً في 13 محافظة خاضعة للحكومة المعترف بها دوليا ويعشن الفقد والحنين تزامنا مع احتفال العالم بيوم الأم.
ويحتفل اليمنيون بعيد الأم 21 من شهر مارس/آذار من كل عام، وسط أرقام مخيفة عن انتهاكات وفظاعات تعرّضت لها أمهات اليمن على يد مليشيات الحوثي، من بينها القتل المباشر.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن مليشيات الحوثي هجّرت قسريا نحو 125 أسرة، فيما حرمت 155 أسرة أخرى من الحق في السكن.
وسجّلت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان المدعومة من الأمم المتحدة، مقتل وإصابة 116 أم يمنية خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني 2021 وحتى يناير/ كانون الثّاني من العام الجاري.
حنين يصطدم بفخاخ الألغام
في المخيم ذاته، تتذكر خميسة ناجي، وهي نازحة أخرى، كيف أنّها كانت تعيش بسلام قبل قدوم مليشيات الحوثي التي بدأت بزراعة الألغام في الحقول القريبة من منزلها والطرقات العامة غربي اليمن مطلع عام 2017.
وتقول خميسة وهي أم لـ6 أطفال وتبلغ من العمر نحو 29 عاما لـ “العين لإخبارية”، إن “عناصر مليشيات الحوثي لم يتحلوا بالرحمة، بل إن سلوكهم الإجرامي دفعهم إلى عدم تقبل مناشدات الأهالي بعدم إلحاق الضرر بهم”.
وتؤكد أنهم استمروا في وضع الفخاخ تاركين ممرا وحيدا لخروج الأسر من البلدة السكنية الريفية في مديرية موزع، غربي محافظة تعز، جنوبي اليمن، والتي تحتوي على أشهر الأودية الزراعية ويحمل الاسم ذاته.
وتكافح خميسة مع زوجها في تدبير احتياجات الغذاء للأطفال من خلال ممارسة يدوية تقليدية، لكنها ما تنفك تحن للعودة إلى منزلها الذي لا زال مفخخ بالعبوات والألغام رغم طرد مليشيات الحوثي من مديرية موزع.
وتضيف: “يمنح المنزل الأم المساحة والأمان في رعاية أطفالها، أما المخيمات عبارة عن سجون اختيارية، وبقائنا فيها إجباريا، نظرا لانسداد أمل العودة”.
أمهات بلا معيل
وتحت وطأة الإرهاب الحوثي الذي أدى إلى فقدان الأسر لعائلها، أجبرت المئات من الأمهات على العمل، وتحمل مسؤولية توفير المصاريف اليومية لابنائها.
وفي أحدث مشهد على ذلك، بثت قناة محلية لقطات مصورة لامرأة تسلخ وتبيع الدجاج في محافظة الضالع، جنوبي اليمن، من أجل إنفاق ما تكسبه في شراء الطعام لأطفالها، بعد أن فقدت زوجها في قصف حوثي.
وتتشارك الأم المسكينة التي عرفت باسم “أم محمد” مع امرأة أخرى في تلك المهنة المتواضعة.
وتقول “أم محمد” في مقطع مصور، إن ما دفعها إلى ذلك هو مقتل زوجها بقذيفة حوثية، وإنّها أجبرت تحت وقع الحاجة على العمل في ذلك المسلخ الصغير لإطعام أطفالها.
وتعرضت الأمهات في اليمن إلى واحدة من أعنف الانتهاكات، منذ انقلاب مليشيات الحوثي المدعومة من نظام إيران أواخر 2014.