من شهورٍ خلت بدأ التغريد عن مساعي دخول اليمن ضمن المنظومة الخليجية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي الأسابيع الأخيرة باشر مجلس التعاون خطوة “العودة إلى اليمن”سعياً منه في علاج العلة اليمنية: اليمننة، عبر تنظيم المشاورات اليمنية – اليمنية تحت مظلة المجلس وسط الرياض. فتوجهت “الدعوة الكريمة” من معالي أمين عام المجلس نايف الحجرف إلى اليمنيين كافة، بما فيهم جماعة الحوثي (أنصار الله) الممتنعةعن قبول الدعوة وفقاً لتقديرات خاصة.. قد لا تدوم.
“ياالله بعودة” هكذا أجاب أحد الساسة اليمنيين بلهجةٍ خاصة ملبياً دعوة المجلس المفاجئة للبعض، لأن المجلس المطل على المسرح اليمني، منذ تلقي طلب انضمام اليمن إلى عضوية المجلس مروراً بتقديم المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية حتى انتهت مشاورات الكويت الطويلة صيف 2016م، قد أمضى هذه الفترة يتابع بصمت حتى بادر بدعوتيه للمتشاورين ولوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان تخفيفاً لمعاناة المواطنين اليمنيين، والتي استجاب لها التحالف بقيادة السعودية.. هي إذاً “عودة” للمساعدة في إنهاء المأساة كمساعدتهمبتلافي الأزمة 2011 عبر المبادرة الخليجية.. لولا التربص وسوء التنفيذ.
مادة اعلانية
عودةالمجلس الخليجي إلى الشأن اليمني، اتسقت مع جهود المبعوث الأممي هانس غروندبرغ ومشاوراته الخاصة لتطوير إطار عمل لحل “اليمننة” (آخرها إعلان موافقة أطراف النزاع على هدنة شهرين بدءً من اليوم الأول من رمضان – الثاني من أبريل، قابلة للتجديد ومعرضة للتهديد!!) فتظافرت جهودهم جميعاً مع المبعوثين الأميركي تيم ليندركينغ والسويدي بيتر سيمنبي، مؤكدين قولاً وفعلاً على أن “اليمن لن يُنسى” مهمااستجدت الشواغل الدولية الكبرى.
وبرغم تسرب الملل واليأس إلى نفوس اليمنيين من إمكانية علاج علتهم، لكن المجتمعين الخليجي والدولي لم يفقدا أملهما بعد بإمكانية ارتحال اليمنيين -اليائسين من أنفسهم- إلى عتبات السلام.
“الرحلة اليمانية” إلى السلام تتطلب زاداً مُعيناً على انبعاث الأمل في تجاوز الشلل ومداواة الخلل المستوطن سياسياً. وهذه المشاورات التي يحتضنها مقر مجلس التعاون وسط الرياض، جامعاً ولأول مرة أطراف الشرعية المتعددة والمتباعدة، تهيئ فرصة توفير هذا الزاد خلال جلسات “تنفيس” تُعنى بتقييم الوضع الراهن وتواجه تحدياته وتستكشف حلوله ضمن ست محاور (سياسية، اقتصادية وتنموية، إغاثية وإنسانية، اجتماعية، وإعلامية) وضعت اليمنيين أمام اختبار حقيقي أعفى الحوثيون نفسهم من خوضه-حالياً- بينما يواجهه مؤيدو الشرعية وأنصار “اليمن” آملين إثبات قدرتهمعلى خلق أجواء منزوعة “السموم” كما يُرجى ويُتوقع أن صُمِمَت لأجله هذه المشاورات، بعد تشخيص الداء ووصف الدواء المطلوب للعلة المخلوقة بيد الأطراف السياسية و”الديناسية (الدينية – السياسية)”، ممن أثبتوا صحة نظرية “اليمنيون مشكلة اليمن”.
ولأن الجوار الخليجي ممثلاً في مجلس التعاون يدرك أن مياه المحيط الهادي البعيد لا تطفئ النيران المشتعلة داخل اليمن، ويعلم جيداً “أن من بدأ من المأساة ينهيها” فإنه عاد يأخذ بيد اليمنيين أنفسهم نحو إطفاء حرائقهم و”عدم استمرارالتغطية على الفشل” الذي “تتشاطر مسئوليته جميع الأطراف” بعد “تحديدالمراد كسره” حسب مناقشات بعض أعضاء المحور السياسي.
والمؤمل عقب هذه المشاورات هو تعميق العودة الخليجية إلى اليمن، بتوسعة نطاق نشاطهم عبر بعثة المجلس لدى اليمن برئاسة السفير سرحان بن منيخر ومبعوث الأمين العام الفريق مدخل بن دخيل الهذلي بما يقوي جهود شركائهم مبعوثي ورؤساء البعثات الأممية والدولية لدى اليمن، لإعانة اليمنيين على التعافي من سلبيات “اليمننة”، والذهاب صوب #السلام_لليمن.