متفجرات وعبوات حوثية في طريق المدنيين.. عراقيل أمام مطار صنعاء وهل سيتم رفع الحصار عن تعز؟
رغم استبشار اليمنيين بفتح مطار صنعاء والهدنة الأممية، فإن مليشيات الحوثي زرعت الألغام والعراقيل في طريق المدنيين والمرضى.
ووضعت مليشيات الحوثي الأولوية لسفر الجرحى من مسلحيها عبر الرحلات الجوية من مطار صنعاء، الأمر الذي حد من قدرة المرضى المدنيين على السفر وفاقم معاناتهم عقب أعوام من متاجرة الانقلابيين بآلامهم.
ومن المقرر أن تنطلق أول رحلة من مطار صنعاء إلى عمان الأحد المقبل، وفق ما أعلنته الحكومة اليمنية والخطوط الجوية اليمنية، ورحبت به الأمم المتحدة التي ترعى هدنة إنسانية في البلاد.
وكانت مبادرة الهدنة التي تستمر شهرين من الثاني أبريل/نيسان الجاري، وحتى الثاني من يونيو/حزيران المقبل، بين حكومة اليمن والحوثيين تضمنت إلى جانب الإجراءات الإنسانية والاقتصادية، تشغيل رحلتين جويتين تجاريتين أسبوعياً إلى مطار صنعاء بوجهات محددة منها الأردن.
وتصل منذ 2016، الرحلات الأممية والإغاثية يوميا إلى مطار صنعاء بتسهيلات حكومية ومن التحالف العربي، بهدف تخفيف معاناة اليمنيين، لكن مليشيات الحوثي اتخذت ذلك ورقة ضغط لابتزاز الأمم المتحدة.
ويسعى الحوثيون لإضفاء المدنية على مطار صنعاء وإكسابه مزيدا من الحصانة لشرعنة استغلاله عسكريا وتحويله منصة تهديد، كما حدث طيلة 7 أعوام مضت، وفق تأكيدات فندها التحالف العربي بشكل متكرر.
استثمار ومتاجرة
وفي اليومين الماضيين، وبالتزامن مع بشرى استقبال مطار صنعاء أولى رحلاته، لجأت مليشيات الحوثي لإلزام المرضى المدنيين الراغبين بالسفر عبر مطار صنعاء بضرورة التسجيل والموافقة المسبقة مما يسمى “اللجنة الطبية العليا”، وهو كيان شيده وأخضعه الانقلاب الأعوام الماضية لخدمة جرحاه.
وأقرت مليشيات الحوثي في تصريحات لرئيس ما يسمى “اللجنة الطبية العليا” مطهر الدرويش، وضع أولوية للجرحى المقاتلين من عناصرها وقياداتها بمعدل يصل أكثر من النصف في مقاعد الرحلات المقررة بموجب الهدنة، وزعمت أن ما تبقى للمدنيين.
كما أقرت اللجنة الحوثية كشوفات من قبل سريان الهدنة الإنسانية للمسافرين وزعمت أنهم بالآلاف، مما يعني أن الحالات الحرجة للمرضى المدنيين الذين تلقوا نبأ فتح مطار صنعاء مؤخرا لن يكون بمقدورهم السفر.
وهو ما أكده أحد المرضى، فضل عدم ذكر اسمه لـ”العين الإخبارية”، إذ قال إن مليشيات الحوثي اشترطت ضرورة الحصول على موافقة طبية أو تقرير مما يسمى “اللجنة الطبية” للانقلابيين، فضلا عن فرض مبالغ مالية بخلاف رسوم تذكرة السفر المعتمدة من قبل طيران اليمنية.
وتفاقم مليشيات الحوثي من معاناة المرضى في مناطق سيطرتها، والتي لطالما استثمرت آلامهم لتحقيق مآربها السياسية وأهدافها السوداء تحت يافطة الحصار الجوي.
وكانت شركة طيران اليمنية الناقل الجوي الحصري من وإلى اليمن، حددت بعض الإجراءات للسفر في رحلات الهدنة منها الحصول على فيزا مسبقة للحجز إلى الأردن وبحوزة المسافر 1500 دولار حتى وصوله مطار عمان.
كما أعفت المسافرين لغرض العلاج للأعمار أقل من 15 سنة وأكبر من 50 عاما من الحصول على تأشيرة، شريطة إحضار ما يثبت ذلك (حجز مستشفى في الأردن أو تقرير طبي) وكذا منع الحجز خلال 48 ساعة من إقلاع الرحلة لأسباب خاصة بإرسال كشوفات الرحلة قبل السفر بـ48 ساعة.
مقايضة الحوثي
وبالتزامن مع الإعلان عن فتح صنعاء، ضجت موقع التواصل الاجتماعي باستمرار مليشيات الحوثي في فرض الحصار العسكري المشدد على مدينة تعز، أكبر مدن اليمن من حيث الكثافة السكانية، ورفضها فتح شريان إنساني للمدنيين بناء على الهدنة الأممية.
وبحسب مصادر مطلعة، فإنه كان من المقرر فتح مطار صنعاء بشكل متزامن مع فتح ممر إنساني إلى مدينة تعز، لكن مليشيات الحوثي عمدت لعدم تسمية ممثليها لدى الأمم المتحدة للتباحث مع الحكومة اليمنية بموجب نص مبادرة الهدنة.
ورفض نشطاء يمنيون ما سموه تجزئة الإنسانية من قبل مليشيات الحوثي، وطالبوا بإنصاف يسهل من تنقل المدنيين والمرضى بين تعز وصنعاء.
وتحت هاشتاق “فكوا الحصار عن تعز” كتب المصور اليمني أحمد الباشا، أن العدالة تتمثل بأن “يسافر المدنيون والمرضى من صنعاء إلى الأردن أو القاهرة للعلاج دون قيود أو معاناة وأن يسافر المدنيون والمرضى من تعز للعلاج دون قيود أو حصار ومعاناة”.
وأعرب الباشا على حسابه في “فيسبوك” تابعته “العين الإخبارية”، عن سعادته عن استقبال مطار صنعاء الأحد المقبل أولى الرحلات كخطوة للتخفيف معاناة المدنيين، معتبرا ذلك دليلا على حسن نوايا مجلس القيادة الرئاسي.
لكن مليشيات الحوثي لم تبعث بأي رسائل إيجابية بما يخص رفع الحصار عن تعز، وإنما كثفت من انتشارها ورفعت من التحصينات الترابية مما يبعث برسائل سلبية حول نيتها في فتح الطرق أمام المدنيين، وفقا للباشا الذي نشر صورة تظهر تشيد الحوثيين تحصينات جديدة في مدخل تعز الشرقي.
من جهته، قال السفير اليمني في المغرب عز الدين الأصبحي، إن “خطوة إعادة ترتيب الرحلات الجوية من مطار صنعاء احتاجت بعض الوقت لأسباب فنية معروفة، وارتباط القرار وتقديم الخدمة بدول أخرى”.
وأعتبر المسؤول اليمني فتح مطار صنعاء إنجازا يخدم “مواطنينا قبل كل شيء ويرسخ خطوات نحو فك قبضة الميليشيات الحوثية عن رقاب جزء مهم من اليمن.. لكن ماذا يتطلب فتح معابر تعز من قبل الانقلابيين؟”.
وأجاب الأصبحي على حسابه في “فيسبوك”، عن تساؤله، أن مليشيات الحوثي لا تحتاج إلى شيء لفتح طرقات تعز الرئيسية المغلقة كليا منذ 8 أعوام، مشيرا إلى أن فتح المعابر بين المدن من قبل المليشيات، وتدفق التجارة الداخلية، سيعزز مسار السلام في اليمن وسيعمل على وقف حالة التدهور المعيشي بشكل كبير.
وهذا ما أكده الإعلامي والناشط السياسي اليمني عبدالسلام القيسي، بأن “الطريق حق إنساني لا يجب أن يستخدم كورقة سياسية وعسكرية”.
وفيما نبه إلى مقايضة مليشيات الحوثي بحصار تعز مقابل فتح مطار صنعاء بجانب مكاسب سياسية، دعا المبعوث الأممي إلى اليمن لعدم القبول بتجزئة القضايا الإنسانية، وأن حصار تعز أكبر قضية إنسانية يجب وضع حدا لها خلال شهري الهدنة.
دعوات دولية
وجددت الحكومة الفرنسية، مطالبتها بتسريع فتح طرق ومعابر مدينة تعز، جنبا إلى جنب مع الإجراءات الإنسانية المرتبطة بتسهيل دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، واستئناف الرحلات عبر مطار صنعاء.
جاء ذلك على لسان السفير الفرنسي لدى اليمن جان ماري صفا، لدى ترحيبه بالإعلان عن إطلاق أول رحلة تجارية من صنعاء ووصول ناقلات النفط إلى ميناء الحديدة.
وشدد صفار على ضرورة أخذ بعين الاعتبار كل أشكال المعاناة في جميع أنحاء اليمن، قائلا إن “فرنسا تطالب بفتح الطرق في تعز، دون تأخير لإظهار الالتزام الصادق من جميع الأطراف بالسلام”.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن شدد خلال اتصال هاتفي برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، مساء الخميس، على أهمية فتح الطرقات المؤدية إلى مدينة تعز لتخفيف المعاناة الإنسانية.
من جهته، أكد العلمي التزام الحكومة بالهدنة الإنسانية رغم الانتهاكات المستمرة للحوثيين، داعيا المجتمع الدولي للضغط على المليشيات لرفع حصار تعز الخانق، كما جاء في المبادرة الأممية للهدنة.