حصار تعز يفتك بالسكان وأحد الضحايا يروي تفاصيل مروعة من فصول المعاناة

يمن الغد – حسين الفضلي:

بعد عودته لقيادة شاحنة نقل في الشريان الوحيد لمدينة تعز انقلب محمد علي (اسم مستعار) في طريق العودة للمدينة، وتعرض لضربة في رأسه أفقدته الحركة لشهرين، ومن ثم الإعاقة التي لا تزال مستمرة حتى الآن منذ أكثر من ثلاث سنوات.

“محمد علي” اسم مستعار لأحد سائقي شاحنات النقل في مدينة تعز، حيث كان يعمل سائقا في نقل البضائع من صنعاء إلى مدينة تعز.. ومع بداية الحرب وقطع خطوط تعز وحصارها من قبل الحوثيين اضطر للتوقف عن العمل لفترة طويلة، لكن فقره وعجزه عن القيام بأي عمل آخر اضطره إلى المخاطرة عبر المنفذ الوحيد للمدينة، الأمر الذي كلفه الإعاقة والعجز حتى عن الكلام.

مأساة

فرضت الظروف المادية على “محمد” أن يعود لقيادة الشاحنة عبر المنفذ الوحيد لمدينة تعز، المنفذ الذي يمثل هاجسا مرعبا لكل أبناء المدينة من حيث وعورة الطريق وضيقها، لكنه الخيار الوحيد أمام محمد لكي يعول أسرته، لكن الموت ترصد له بالطريق ونجا منه بأعجوبة لكنه لا يزال يعاني من الحادث إلى اليوم.

في حديثها لـ”الساحل الغربي” تقول زوجة “محمد” وهي تشرح مأساة زوجها: “انقلب زوجي بهيجة العبد وهو راجع من عدن حيث كان ينقل بضائع من هناك”.

نقل محمد إلى المستشفى وظل فاقدا الحركة لمدة شهرين ليعيش مع أسرته فصولا من المعاناة المستمرة حتى اليوم.

تضيف زوجة محمد، إنها كانت رافضة لعمل زوجها في هذا الخط، خوفاً عليه، لكنه الحصار فرضه عليه وبات عمله هذا المجال الوحيد لمواصلة عيشهم الكريم، حيث يعد السير بتلك الطريق مخاطرة بالأنفس، كونها متعرجة على الجبال ومليئة بالحفر والالتواءات والمخاطر.

“محمد” واحد من مئات العاملين في مجال نقل البضائع من وإلى المدينة عبر منفذها الوحيد المتعرج على حواف الجبال حيث يلاقون فيه كل يوم عشرات القصص المؤلمة والمفزعة والتي يعيشونها بأنفسهم في كل مرة يمرون خلالها.

حصار الحوثي للمدينة

يقبع سكان محافظة تعز تحت حصار خانق تفرضه عليهم مليشيا الحوثي منذ بداية الحرب في البلاد، حيث تعيش آلاف الأسر في هذه المدينة المحاصرة تحت وطأة المعاناة اليومية التي ألقت عليهم بثقلها بكل التفاصيل.

عمل الحوثيون على إغلاق وقطع جميع خطوط ومنافذ المدينة وعزلها بشكل شبه كلي عن باقي المحافظات، مما اضطر بأبنائها لسلوك طرق وعرة وأدوات بدائية للمواصلات والمخاطرة بأرواحهم من أجل مواصلة الحياة في هذه المدينة، فسلكوا طرقا بدائية تربطهم بالمحافظات الأخرى تكلفهم ساعات عدة بدلا من الدقائق، وأياما طويلة بدلا من ساعات قليلة.

في هذا الصدد تقول زوجة محمد، قبل الحرب والحصار كان زوجها يستغرق في طريقه ساعات قليلة للذهاب والإياب بنفس اليوم، لكن مع حصار المدينة يكلفهم الكثير حيث كان يستهلك أياما للذهاب والإياب.

وتتابع زوجة محمد”: خسرت عافية زوجي بسبب الحصار.. وأتمنى أن لا نخسر كل يوم أرواحَ جدد، نريد فك الحصار عنا وعن هذه المدينة. الجميع في هذه المدينة باتوا يطالبون بإنهاء الحصار الجائر على هذه المدينة وأبنائها والذين يدفعون خلاله فواتير باهظة للمآسي والأحزان.

هدنة أممية

استبشر سكان المدينة مطلع الشهر الجاري بالإعلان عن هدنة يمنية تحمل في طياتها بشائر سلام متمثل بإنهاء حصار مدينة تعز، لكن يوشك الشهر على الانتهاء ولا تزال المدينة ترزح في ظل الحصار.

من جانبه يقول محمد سيف: “الهدنة الأممية حملت لنا تفاؤلا كبيرا، كونها ستنهي كما كبيرا من المعاناة التي نعيشها جراء الحصار، لكن لا ندري لماذا هذا التأخير إلى الآن ولا تزال المدينة محاصرة”، مثلت الهدنة للمواطنين في تعز بشارة سلام ونهاية لفصل من المعاناة التي يعيشونها بشكل يومي.

من جهتها الحكومة الشرعية تقول بأنها قدمت كل التسهيلات والتدابير اللازمة لتنفيذ الهدنة، حيث قامت بتنفيذ كل ما يقع على عاتقها من مسؤولية تجاه الهدنة التي ترعها الأمم المتحدة، حيث تم فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة إلا أن هناك تلكؤاً حوثياً في إنهاء الحصار عن المدينة.

Exit mobile version