محمد بن زايد.. مسيرة رئيس وُلد قائدا

بايعت الإمارات، السبت، رسميا وشعبيا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسا لدولة الإمارات، وقائدا لمسيرتها، وسط إيمان عميق بقدرته على حمل الراية ومواصلة مسيرة العزة والتنمية والبناء المجيدة.
والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة قائد تاريخي من طراز رفيع، صنع الفارق على المستوى المحلي، وسطر إنجازات يشار إليها بالبنان على مستوى تعزيز السلم والأمن في المنطقة والعالم، ونشر مفاهيم التسامح والتعايش السلمي بين الأديان والمجتمعات، ورائد من رواد العمل الإنساني والخيري على مستوى العالم.
ولد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في 11 مارس/آذار عام 1961، وهو الابن الثالث للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ونهل من مدرسة والده القائد المؤسس “زايد الخير” وتمرس منذ حداثة سنه على شؤون الحكم والقيادة.
وعند بلوغه الثامنة عشرة من عمره، أتم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان سنواته الدراسية بين مدينتي العين وأبوظبي، حيث تدرج في المراحل الدراسية بمدارس الدولة والمملكة المتحدة.
ويمتلك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلفية عسكرية، إذ تخرج عام 1979 في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في المملكة المتحدة حيث تلقى تدريبه هناك على سلاح المدرعات والطيران العامودي والطيران التكتيكي والقوات المظلية، ومن ثم انضم إلى دورة الضباط التدريبية في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وشغل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مناصب عدة في القوات المسلحة، من ضابط في الحرس الأميري -قوات النخبة في دولة الإمارات العربية المتحدة- إلى طيار في القوات الجوية، ثم تدرج في عدة مناصب عليا حتى وصل إلى منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وساهم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تطوير القوات المسلحة لدولة الإمارات، من حيث التخطيط الاستراتيجي والتدريب والهيكل التنظيمي وتعزيز القدرات الدفاعية للدولة، مستلهما توجيهات المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وقد ساهمت توجيهاته المباشرة والقيادية، في جعل القوات المسلحة الإماراتية مؤسسة رائدة تحظى بتقدير عدد كبير من المؤسسات العسكرية الدولية.
وشغل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أيضاً عدداً من المناصب السياسية، والتشريعية والاقتصادية للدولة، حيث تولى ولاية عهد إمارة أبوظبي في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2004، وأصبح رئيساً للمجلس التنفيذي في ديسمبر/كانون الأول عام 2004، كما أصبح نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة في يناير عام 2005، كما ترأس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان المؤسسات التالية: مجلس أبوظبي للتعليم – سبتمبر/أيلول عام 2005، وشركة مبادلة للتنمية – العام 2002، ومكتب برنامج التوازن الاقتصادي “الأوفست” لدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1992، ويشغل أيضاً عضوية المجلس الأعلى للبترول وجهاز أبوظبي للاستثمار.
وكان للشيخ محمد بن زايد آل نهيان دور فاعل في المشاركة بتطوير إمارة أبوظبي لأكثر من ثلاثة عقود شهدت تحولاً اقتصادياً واجتماعيا متسارعاً.. وعُرف عن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان منذ فترة طويلة من تعيينه ولياً للعهد، على أنه القوة الموجهة وراء المبادرات العديدة التي ساهمت في تدعيم وتعزيز أمن إمارة أبوظبي وتحفيز نمو وتنويع النشاط الاقتصادي فيها، وإرساء نهضتها التعليمية والثقافية والسياحية، هذا فضلا عن الطفرة العمرانية التي حققتها الإمارة على مستوى إسكان المواطنين أو على مستوى المنشآت الخدمية والصحية والترفيهية وغيرها من المجالات.
وعلى المستوى الاتحادي، ساهمت الرؤية الثاقبة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وقيادته الحكيمة في نهضة دولة الإمارات الحديثة وترسيخ مكانتها كوجهة عالمية مثالية في مختلف الأصعدة، وتعد مظلة الأمن والاستقرار والازدهار والتنمية المستدامة والرفاه الاجتماعي، التي رسخها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان واحدة من أهم وأبرز الإنجازات التي تخدم الوطن والمواطن، وتعكس عمله وسعيه وعطاءه الموصول ليلا نهارا من أجل رفعة ومكانة الإمارات وسكانها.
ويؤمن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن الاستثمار في تعليم أبناء الوطن هو أغلى استثمار لأنهم أمل ومستقبل هذا الوطن، ومن هذا المنطلق حرص على تميز المؤسسات التعليمية الوطنية من خلال توفير أحدث وسائل التعليم والبحث العلمي لرفد مسيرة الوطن بأفضل مخرجات التعليم المواكب للتطور الحضاري العالمي.
ولا تزال كلمة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال القمة العالمية للحكومات عام 2015 تشكل مرحلة تاريخية فاصلة في دولة الإمارات، والتي رسم من خلالها ملامح جديدة لاقتصاد الدولة الذي يرتكز على المعرفة والابتكار والاستثمار في الإنسان باعتباره الثروة الحقيقة التي لا تنضب، وقد شرعت تلك الكلمة أبواب الثقة بمستقبل الوطن، وحولت هواجس الخوف من نفاد النفط والغاز بعد 50 عاماً إلى تفاؤل أوسع بالمستقبل.
ورغم مسؤوليات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، السياسية والتشريعية والاقتصادية في إمارة أبوظبي ودولة الإمارات بشكل عام، حظيت البيئة برعاية واهتمام كبيرين منه، حيث تعد القضايا البيئية واحدة من أهم أولوياته على الصعيدين الرسمي والشخصي، إذ قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بقيادة جهود حثيثة لحماية الصقور وطيور الحبارى وظباء المها العربي داخل دولة الإمارات وخارجها، كما كان له دور محوري في تأسيس هيئة البيئة بأبوظبي وأعلن في يناير/كانون الثاني 2008 عن منح حكومة أبوظبي 15 مليار دولار لمصلحة مبادرة “مصدر” الرائدة عالمياً في مجال الطاقة البديلة والمتجددة، والمطور الأول لهذه المدينة المتكاملة والخالية تماماً من النفايات والانبعاثات الكربونية.
وإدراكاً للتحديات التي تواجه جهود المحافظة على الكائنات الحية، أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بتأسيس صندوق متخصص يعنى بتقديم الدعم لأي مبادرات ذات صلة بالمحافظة على الكائنات الحية، سواء أكانت مبادرات فردية تتناول أمراً محدداً أو مبادرات منسقة تسير على مسارات عدة.. كما تظهر جهود في الحفاظ على فن الصقارة وتراثها العريق ونقلها إلى الأجيال الحالية وفق منهجية منظمة ومدروسة تراعي الحياة البرية والحفاظ على البيئة.
وتحتل الثقافة بمفهومها الشامل جانباً مهماً في فكر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في إطار رؤيته الاستراتيجية الشاملة لمستقبل دولة الإمارات، وقد عبَّر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن جزء من هذه الرؤية بقوله خلال لقاءٍ مع الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب عام 2016.. “نحن في دولة الإمارات نعتبر العلم والثقافة جزءاً لا يتجزأ من إرثنا الحضاري، ومن العملية التنموية، ومن بناء الإنسان والهوية المنفتحة الواثقة بنفسها، دون أن تتنكر لقيمها وأصالتها وتراثها”.
وتنعكس الرؤية الخاصة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أنه جمع بين “الثقافة والعلم”، حيث يؤكد على الارتباط بينهما، ويمكن أن نرى ترجمة واضحة لهذه الرؤية المتسعة للثقافة في المحاضرات التي تُعقد في مجلس سموه منذ سنوات، حيث يحتل فيها العلم والتطبيقات التكنولوجية موقعاً بارزاً، وبقدر ما نجد فيها حضوراً للقضايا الفكرية نجد حضوراً ملحوظاً لموضوعات في الطب والكيمياء والفيزياء والهندسة الحيوية والطاقة المتجددة وعلوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي.. وهذا التصور يُعيد الثقافة إلى معناها الحقيقي الذي يشمل المعرفة في كل المجالات، ولا يقتصر على الإبداع الأدبي والفني على النحو الذي أصبح سائداً الآن.
ويقف الشيخ محمد زايد آل نهيان، وراء التطور الهائل الذي شهده العمل الثقافي في دولة الإمارات وفي إمارة أبوظبي، والمشروعات الثقافية الكبرى التي جعلت من الدولة وعاصمتها مركز الثقل في العمل الثقافي العربي، وصاحبة التأثير الأكبر فيه، وأصبحت الدولة وعاصمتها المتألقة قبلة المثقفين والمفكرين والمبدعين العرب في كل المجالات، يجدون فيها المجال الرحب والأرض الخصبة التي تسمح للأفكار الخلاقة بالنمو والنجاح، ويلقون فيها الاهتمام والاحتفاء والتقدير.
ويسعى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة دائما إلى إحياء قيم الدين الإنسانية النبيلة، وتعزيز روح الأخوة بين بني البشر، وبرؤيته الثاقبة، وعزيمته وحكمته الرشيدة، ونجح في مد جسور التواصل والسلام مع جميع قيادات وشعوب العالم، ونشر ثقافة التسامح ونزع فتيل عدد من الأزمات والتخفيف من حدتها، والوقوف حائط صد أمام أفكار التطرف والتشدد.
ومنذ إقرار دولة الإمارات عام 2019 “عام التسامح”، تصدر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان المشهد بمواقفه وأقواله، ومن أبرزها استقباله اثنين من أهم القادة الدينيين في العالم، هما قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقد تمخض اللقاء العالمي في العاصمة أبوظبي عن توقيع “وثيقة الأخوة الإنسانية”؛ لتكون دليلا على تعزيز ثقافة الاحترام المتبادل وتفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين البشر.
ورسخ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، منهج إطلاق المبادرات الإنسانية من أرض دولة الإمارات لنشر الخير في العالم، ومنها توجيهه بتشييد “بيت العائلة الإبراهيمية” في أبوظبي؛ تخليداً لذكرى الزيارة التاريخية المشتركة لقداسة البابا فرنسيس والدكتور أحمد الطيب، وتعبيراً عن حال التعايش السلمي وواقع التآخي الإنساني الذي يعيشه مجتمع دولة الإمارات، وإطلاق “صندوق زايد العالمي للتعايش”؛ دعماً لجهود تعزيز ثقافة التعايش السلمي والأخوة الإنسانية بين شعوب العالم.

ومثلما لم يدخر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان جهدا لنشرا قيم التسامح، تفانى “فارس الإنسانية” في خدمة البشرية جمعاء وتقديم العون للدول الشقيقة والصديقة، سواء بعقد الاتفاقيات التي تحمل بإعلانها معاني السلام والتعايش والتعاون، أو مساهمة حكومة الإمارات وتوجيه هيئة الهلال الأحمر الإماراتي وغيرها من الجمعيات الخيرية لتقديم يد العون للشعوب المنكوبة من الحروب أو من آثار الكوارث والأزمات.
ولا يخفى على أحد الدور الكبير الذي لعبه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في تعزيز تصدي دولة الإمارات والعالم لأزمة “كورونا” وتداعياتها، حيث أسهمت جهوده في ان تكون دولة الإمارات من أوائل الدول التي تنجح في تخطي هذه الجائحة والانتقال إلى مرحلة التعافي التام، وفي ذات الوقت برزت توجيهاته المباشرة في مد يد العون وارسال مختلف صنوف المساعدات المادية والعينية للأشقاء والأصدقاء خلال الجائحة.
وفي الإطار ذاته، تبرز مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على استئصال مرض شلل الأطفال في دول عدة، حيث يستفيد من حملة الإمارات لمكافحة شلل الأطفال نحو 400 مليون طفل سنوياً، فيما يعد جهداً عالمياً لحماية الأجيال الجديدة من هذا المرض.
وأثمرت المبادرة التي أطلقها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عام 2011 ومؤسسة بيل وميليندا جيتس، شراكة استراتيجية، حيث قدمت المبادرة منذ إطلاقها مبالغ قيمتها نحو 310 ملايين دولار أمريكي خصص منها 167.8 مليون دولار دعماً لجهود استئصال شلل الأطفال في العالم، إضافة إلى مساهمات أخرى لمصلحة التحالف العالمي للقاحات والتحصين.

رجل السلام

وتحولت دولة الإمارات بفضل رؤية وحنكة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى مركز ثقل حقيقي في صناعة القرارات المصيرية وإطلاق المبادرات تجاه كافة التحديات التي شهدتها المنطقة والعالم خلال السنوات الماضية.
وتحفل مسيرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالمواقف التاريخية التي صبت في مصلحة تعزيز التعاون والتضامن مع الدول العربية الشقيقة، والوقوف إلى جانبها، كما لم يتوانى عن دعم الاستقرار الإقليمي والتصدي لكل التحديات والتهديدات التي تمسّ أمن المنطقة وفي مقدمتها الإرهاب والفكر المتشدد، أما دوليا فقد كان للشيخ محمد بن زايد المبادرة الدائمة لإيقاف الصراعات بين الدول، وإخماد الفتن وإطفاء النزاعات، والساعي إلى المصالحات، بحثاً عن السلام العالمي وسعياً لحقن الدماء، وحفظاً للإنسان وصوناً لكرامته.

Exit mobile version