محلياتمقالات

‏هل يمكن انتاج حل للمشكلة الحوثية؟

ستظل قضية الصراع مع الجماعة الحوثية لغزا غامضا، وقصة مبهمة، ومشكلة رأى الناس انفجارها وتمددها ونتائجها وآثارها، ولم يعرفوا كيف تكونت وتشكلت ونمت وتمددت، حتى يتاح دراسة هذه الظاهرة من جذورها .

استذكر بجلاء اوضاع واحداث وتطورات وتفاعلات سنوات المخاض التي سبقت عام انفجار الحرب الاولى التي اندلعت في يونيو من العام ٢٠٠٤م التي مثلت الشرارة الاولى لتحول الصراع الى صراع مسلح بين الحوثيين من جهة وبين الدولة والمجتمع من جهة أخرى.

يمكن لاي دراسة متعمقة في جذور المشكلة ان توزع البحث المخصص لدراسة نشوء ونمو وتطور هذه الحركة الى ثلاثة او اربعة مستويات زمانية ومكانية ، وذلك على النحو الآتي:-

– فترة المخاض الفكري والتنظيمي والتي بدأت من مطلع الثمانينات من القرن الماضي وحتى العام ٢٠٠٤م ومركزها صعدة.

– فترة دخول المواجهة المسلحة في صعدة مع الدولة من ٢٠٠٤- ٢٠١٠م وسلبيات وايجابيات هذه المواجهة وملابساتها ودراسة أساليب وآليات ادارتها، وما نتج عنها .

– فترة مابعد دخول الحركة الحوثية الى ساحات الربيع العربي والتي مثلت نقلة نوعية للجماعة وحولتهم من متمردين الى ثوار ثم الى شركاء حوار من ٢٠١١- ٢٠١٤م .

– فترة الدخول في مواجهة مع الشرعية والقوى اليمنية والتحالف العربي منذ ٢٠١٥- ٢٠٢٢م هذه الفترات الاربع وما صاحبها من صراعات سياسية ومواجهات وتدخلات وتداخلات واحداث لازالت الى الآن بحاجة الى بحث منهجي علمي مستفيض ومتجرد من العاطفة والتأثير الحزبي والطائفي ، والاهم هي الفترة الاولى التي الى الان لازالت خارج اطار البحث والنقاش تليها الفترة الثانية المتمثلة في تاريخ الحروب الست ويومياتها .

ومالم يتم دراسة هاتين الفترتين للوصول الى تصور حقيقي وعميق عن جذور المشكلة، فستظل نظره كل متعاطي مع هذه القضية المعقدة قاصرة وغير قادرة على انتاج افكار وحلول ومعالجات حقيقية ، وغير مؤهلة حتى لادارة الصراع مع الحوثية والتي تحتاج الى قيادات استثنائية مدركة بعمق كل تفاصيل نشوء وتطور الحركة ، منهجها الفكري وتراثها العقدي ، نقاط قوتها ونقاط ضعفها وغير ذلك من المعلومات التي لا يستغني عنها كل مهتم ومسئول يتعاطى مع هذه القضية التي اصبحت اليوم هماً وطنياً يتشارك فيها كل اليمنيين شمالا وجنوبا بل والاشقاء في الاقليم والاصدقاء في العالم لاسيما والحوثية قد تحولت الى كارثة عامة ونكبة شاملة لا ولم يسلم احد من شرورها وبغيها .

لا اخفيكم لا زلت ارى ان هناك أمية مفرطة ومعيبة لدى النخب والقيادات السياسية والثقافية والاعلامية وحتى الامنية والعسكرية، وليس هناك جهد حقيقي لفهم حقيقة وابعاد هذا الصراع ودراسة جذوره بتمعن وانصاف ودقة ، وستظل الافكار التي تقدم حول هذه الحركة وكيفية التعامل معها قاصرة وحتى ستظل الحرب غير مجدية ولا ناجزة مالم يتم الغوص في كل التفاصيل التي ادت الى نشوب هذه الحرب ونشوء هذا الفصيل المسلح والصلب والمتماسك ، واتمنى ان يأتي اليوم الذي ارى فيه جهدا حقيقيا لسد هذه الثغرات القاتلة ..

والله من وراء القصد ..

زر الذهاب إلى الأعلى