لجأت ميليشيا الحوثي في صنعاء، وبعد تصاعد الغضب تجاهها لاستنساخ التجربة الأمنية الإيرانية مع السكان، عبر تقسيم الأحياء إلى مربعات أمنية صغيرة، وتحويل المنتمين لها والموظفين ومسؤولي الأحياء إلى مخبرين لمراقبة السكان وتحركاتهم.
ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” روايات لعدد من اليمنيين، استدعتهم ميليشيا الحوثي بعد استضافتهم أشخاصاً معارضين لها.
وقال شاب دعا بعض أصدقائه ومن بينهم صديق حوثي إلى وجبة غداء، إنه “أثناء تناول الوجبة كان صديق آخر ضمن الموجودين الذين يناقشون الوضع بشكل عام يوجه انتقادات لسلطة الميليشيات متحدثاً عن فساد مشرفيها، بينما الناس يموتون من الجوع، وبعد انتهاء الدعوة وذهاب كل منهم في حاله فوجئ بوصول مسلحَين اثنين من قسم شرطة تديره الميليشيات لأخذه لأنه مطلوب لديهم”.
وأضاف أن “المسلحين تلقوا بلاغاً من صديقه الحوثي يفيد بأنه يستضيف معارضين لحكم الميليشيات، ليتم احتجازه عدة أيام قبل أن يفرَج عنه بعد تدخل كثير من الوسطاء والأقارب وتعهده بعدم تكرار ما حدث”.
ويشير إلى أنه اكتشف بعد ذلك أن المكان الذي يسكنه جزء من مربعات أمنية تم تقسيمها، بحيث يراقب السكان عبر ثلاثة مستويات ويتم تلقي المعلومات من عناصر الميليشيات الذين يقيمون في هذا الجزء من الحي، ومعهم موظفون أو باحثون عن مصدر للرزق من الذكور والإناث، حيث يكون في أعلى سلم المراقبة المشرف، ومن بعده مندوب الأمن الوقائي (جهاز المخابرات الداخلي) ثم مسؤول الحي، وهو أمر جعل السكان يشعرون بأن حركتهم مرصودة طوال الوقت حتى فيما يخص استقبال الضيوف فإنهم ملزمون بالإبلاغ عنهم إذا طالت إقامتهم أكثر من ثلاثة أيام.
وقال يمني مفرج عنه من سجون ميليشيا الحوثي، إنه “ورغم الإفراج عنه بموجب وساطة عالية المستوى فإنه ممنوع من مغادرة صنعاء، ومطلوب منه عدم استقبال أي أشخاص من غير الأقارب في منزله، مع ضرورة أن يعود إلى المنزل عند السابعة مساء”.
ونقلت “الشرق الأوسط” عن مطلعين على سلوك الميليشيات الحوثية، قولهم إن الجماعة استنسخت التجربة الإيرانية في التعامل مع التذمر الشعبي، حيث قامت بتقسيم أحياء مدينة صنعاء إلى مربعات أمنية يشرف عليها خالد المداني، القيادي المقرب من زعيم الميليشيات والمعيّن في منصب وكيل أول أمانة العاصمة صنعاء.
وأضافت أنه “وسط هذه المربعات الأمنية تتولى مكاتب الجهاز المخابراتي الخاص المعروف باسم الأمن الوقائي الذي تشكَّل على يد عناصر من حزب الله اللبناني، مهمة رفع التقارير اليومية عن حركة السكان وعمل مسؤولي الأحياء والإشراف على توزيع الغاز المنزلي وحتى عمل المدارس إلى جانب توزيع متدربين عن هذا الجهاز في أقسام الشرطة”.
وأشارت إلى أنه تم استحداث جهاز أمني في الجامعات تحت اسم “الملتقى الطلابي” و”نادي الخريجين” حيث يكون على رأس كل منهما أحد العناصر التابعة للمخابرات الخاصة “الأمن الوقائي”، ويضم الأول في عضويته العناصر التي تنتمي لسلالة الحوثيين ويتولى مهمة استقبال الطلبة الملتحقين حديثاً بالجامعة في مسعى لاستقطابهم، ومراقبة تجمعات الطلاب ومنع الاختلاط ومراقبة أداء الأساتذة وتحديد الأنشطة والفعاليات في كل كلية من الكليات بما فيها الجامعة الخاصة.
في حين يتولى “نادي الخريجين” الذي تم استحداثه العام قبل الماضي مهمة الإشراف على حفلات التخرج وجمع الأموال من الشركات والجهات لدعم هذه الحفلات حيث تذهب في معظمها لدعم الأنشطة الطائفية.