محافظ شبوة يكشف أسباب عودة الإرهاب (حوار)


أكد محافظ شبوة، عوض بن الوزير العولقي، أن المحافظة الواقعة جنوب اليمن، تشهد حاليا استقرارا سياسيا واجتماعيا نوعيا، بعد نحو 5 أشهر من تحرير كامل مديرياتها من ميليشيات الحوثيين بدعم من دول التحالف العربي.
وأشار في حوار مع ”إرم نيوز“، إلى أن العمليات الإرهابية التي شهدتها شبوة مؤخرا، تأتي كنتيجة طبيعية أفرزتها تقلبات الأوضاع السياسية و“توطين مصالح بعض القوى السياسية فوق مصالح الشعب“، إضافة إلى غياب قوات ”النخبة الشبوانية“ في عام 2018، التي كان لها دور كبير في محاربة الإرهاب.

الاختراق الحوثي سببه الولاءات الضيقة:


وحول السبب الذي مكن الحوثيين من تحقيق اختراقهم الثاني لمناطق شبوة بعد الاختراق الأول في 2015، قال إن العوامل المُسببة لسقوط محافظة شبوة ثانية، تحت سيطرة مليشيات الحوثي، كان أبرزها أن ”عملية إعادة بناء ألوية مسلحة؛ تمت بعيدا عن المهنية العسكرية لقيادتها وافتقار تدريباتها الميدانية، وأيضا اعتماد الألوية العسكرية؛ ورقيا، وغيابها حضوريا وميدانيا بميادين المحاور والمعسكرات وخطوط الدفاع الوطني“، معتبرا أن هذه الأمور قادت إلى سقوط بيحان بمديرياتها الثلاث خلال ساعات قليلة.
وأكد العولقي أنه ”لم تكن هناك أي مقاومة عسكرية تُذكر؛ ويعود ذلك إلى عدم تضافر الجهود العسكرية بسبب المناكفات الحزبية والمكايدات السياسية والولاءات الضيقة التي كانت عاملا بنيويا لسيطرة ميليشيات الحوثي عليها مُجددا، لا سيما أنَّ القوة العسكرية والترسانة المُسلحة في المناطق الحدودية مع محافظتي مأرب والبيضاء؛ لا تكاد تُذكر أيضا“، معتبرا أن هذا ”تقاعس عسكري في مسرح العمليات القتالية؛ يُثبت الافتقار المهني لِقيادتها، بِالتزامن معَ بِدء هجوم ميليشيات الحوثي على محافظة مأرب“.

التحرير الخاطف لمديريات شبوة:


وعن سر الانتصار القياسي، وتحرير مديريات شبوة خلال فترة وجيزة لا تتعدى الأسبوعين، اعتبر العولقي أنه ”عندما غُلِبت المصلحة العامة لِمحافظة شبوة على المصلحة الحزبية والمكايدات السياسية؛ أتى النصر، ولكنهُ لم يأتِ إلّا عقب توحيد الكلمة والصف الوطنيين، والّذي كان لهما انعكاس إيجابي على أرض المعركة وسير تقدمها النوعي، بفضل الله ثم جهود دول التحالف العربي بِقيادة السعودية والإمارات“.
وأضاف محافظ شبوة ”عندما توجد الألوية المسلحة الحقيقية والمُخلصة على الأرض، المُتلقية التدريب العسكري والتسليح السخي والدعم المباشر من قبل التحالف العربي، والّتي تعتبر ألوية بعيدة عن الولاءات الحزبية والمكايدات السياسية؛ ستجد الانتصار يتحقق بصورة بطولية وفي وقت وجيز“.
وقال العولقي إنه ”كان لدولة الإمارات العربية المتحدة وألوية العمالقة؛ الدور الرئيس في تحقيق الانتصار في مديريات بيحان الثلاث فَلهم من أبناء شبوة وقيادتها الشكر والعرفان“.
وتابع ”نأمل أن نرى ذَلك في المحافظات المجاورة؛ بهدف استعادة المحافظات اليمنية من قبضة ميليشيات الحوثي الإجرامية المدعومة من إيران“.

عملية ”حرية اليمن السعيد“:


وبخصوص ما تحقق في عملية ”حرية اليمن السعيد“ التي أعلن عنها على جميع المحاور والجبهات، في يناير/ كانون الثاني الماضي، قال العولقي إن ”العميد ركن تركي المالكي، المتحدث الرسمي باسم التحالف العربي، أعلن عن عملية (حرية اليمن السعيد)، عقب تحرير جميع مناطق ومُديريات محافظة شبوة، ولكن التحركات الأخيرة الّتي قادها المجتمع الدولي، المتمثل بالأمم المتحدة، أفضت إلى اتفاقات سياسية للهدنة تحت إشراف المجتمع الدولي“.

شبوة لكل أبنائها:


وعن حالة الصراعات الداخلية في شبوة، والعلاقة مع المكونات والأحزاب السياسية، قال العولقي إن ”محافظة شبوة عاشت صراعا جليا معَ مختلف القوى السياسية والاجتماعية – القبلية، ولَكن منذُ قدومنا إليها، عملنا على تهدئة النفوس وتجنب خلق المشاحنات ولملمة الشتات ونبذ الخلافات؛ سعيا لبدء مرحلة جديدة تُحقق المصلحة الوطنية الجمعاء“، مضيفا ”لقد نجحنا بِذَلك؛ بِتعاون الأخيار وبِسواعد المسؤولين والأعيان، إذ نحاول أن نرسخ شعار (شبوة لكل أبنائها) بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية وتوجهاتهم السياسية، شرط عدم الضرر بالسكينة العامة وأمن محافظة شبوة“.
وتابع محافظ شبوة ”أكدنا لِلمكونات والأحزاب السياسية، أن الحرية السياسية مكفولة؛ حسب الأنظمة والقوانين المشروعة، وأكدنا لهم بأننا لسنا ضد إقصاء أي طرف سياسي أو مسؤول إداري على آخر؛ إلّا بحالة الإخفاق، الفساد، ممارسة أي شكل من الأشكال غير القانونية، أو ما تقتضيه المصلحة العامة لِلمحافظة“.

تنسيق أمني:


وفيما يتعلق بالجانب الأمني، والتعامل مع تعدد القوات الأمنية والعسكرية الموجودة في المحافظة، قال عوض العولقي ”أنشأنا غرفة عمليات مشتركة في يناير/ كانون الثاني الماضي تقوم بتنسيق الجهود الاستخباراتية بين مختلف الألوية والتشكيلات العسكرية والقوات والوحدات الأمنية في محافظة شبوة، لِلتصدي للعناصر التخريبية والجماعات الإرهابية، بهدف الحفاظ على أمن واستقرار المحافظة“.
وفي تعليقه على ما نقلته وسائل إعلام محلية قبل أيام، حول رفض قائد القوات الخاصة في المحافظة، المحسوب على الإخوان المسلمين والمحافظ السابق، لعملية الهيكلة، بحجة عدم قانونية هذه القرارات، قال محافظ شبوة ”هناك لجنة أمنية تُشكلت من قبل وزارة الداخلية اليمنية؛ برئاسة وكيل الوزارة لِقطاع الأمن والشرطة، أطلعوا من خلال نزولهم على حقيقة أوضاع القوات الخاصة، حيث تم رفع تقرير مشفوع بنتائج النزول ومراجعة أوضاع القوات الخاصة ميدانيا، كما أوصت اللجنة بمخرجاتها بما يجب على وزير الداخلية اتخاذه من قرارات بشكل فوري ونعتبر بأن الكرة الآن في ملعب وزير الداخلية“.
وأضاف ”حرصا منا على أمن واستقرار وسكينة ووحدة صف أبناء محافظة شبوة، ولِعدم إعطاء الفرصة للمتربعين.. سَنعطي الفرصة الكافية لاتخاذ القرار السليم من قبل وزير الداخلية، ولهذا لن نتأخر عن ممارسة صلاحيتنا القانونية كمحافظ – ورئيس اللجنة الأمنية في المحافظة“.

حماية المنشآت النفطية:


وعن الإجراءات المتخذة لمواجهة أي هجمات ضد قوات أمنية، أو ضد الأنابيب والمنشآت النفطية، أوضح العولقي أنه ”نتيجة تقلبات الأوضاع السياسية وتوطين مصالح بعض القوى السياسية فوق مصالح الشعب من الطبيعي أن تفرز هذهِ التطورات تلك الأعمال التخريبية، ولَكن نحن نقوم حاليا بالتنسيق معَ الأشقاء في التحالف العربي لدعم تدريب وتسليح وحدة عسكرية لِمكافحة الإرهاب والتطرف وحماية المنشآت الاقتصادية السيادية“.
وأضاف ”نستذكر مليا تعرض محافظة شبوة لِعملية تخريبية استهدفت أنبوب الغاز المسال في أبريل/ نيسان الماضي إذ قمنا بتكليف لجنة تحقيق من شعبة الاستخبارات العسكرية والبحث الجنائي؛ ووحدة نزع الألغام والمتفجرات من محور عتق، بالتحرك إلى موقع الحادث التخريبي؛ لأخذ الدلائل وتحديد نوع وسبب الانفجار الإرهابي، ووجهنا الأجهزة الاستخباراتية بسرعة لملاحقة العناصر الإرهابية المُتهمة بِذَلك“.
وذكر أن ”التشكيلات العسكرية المعنية بتعزيز الانتشار العسكري والأمني وأشكال الحماية اللازمة لأنابيب النفط الخام والغاز المسال، قامت بمجابهة التحركات الإرهابية والحد من الأعمال التخريبية“.

كفاءة النخبة الشبوانية:


وحول سبب نشاط الخلايا التخريبية في هذه الفترة، أكد محافظ شبوة أن ”غياب قوات النخبة الشبوانية في عام 2018؛ التي كان لها الدور الكبير في محاربة هذه الخلايا وكانت سدا منيعا ضد الجماعات الإرهابية ومجابهتها لأعمالهم التخريبية، ساعد في إعادة ترتيب صفوف الجماعات المُتطرفة،  وتلك الأعمال تحركها قوى سياسية خفية لها مآربها من ذَلك“.
وأضاف ”لن ندع ولن نسمح لِلجماعات الإرهابية؛ أن تجد فرصتها لِملئ فراغاتها، بل سَنُجابِهها وسَنرد على هجماتها المتطرفة بردود حاسمة وقاسية“.
كما أكد أن تلك العمليات التخريبية ”لن تؤثر على الإنتاج النفطي بتاتا، والإنتاج سَيستمر بِتدفقه الطبيعي حسب جدول الإنتاج والتصدير الذي يتم تجميعه وتصديره بشكل شهري أو فصلي، وهناك ما هو قادم؛ الّذي سَينعكس أثره الإيجابي على تحسين الأوضاع الاقتصادية للبلد عامة ولمحافظة شبوة خاصة.
وعن الإنتاج النفطي في شبوة حاليا، قال العولقي إن ما يتم إنتاجه من حقل العقلة النفطي؛ وتصديره من حقل عياذ السطحي وشحنه من ميناء النشيمة البحري، يتجاوز 600,000 برميل شهريا بما في ذلك نفط قطاع 9 في حضرموت وكذلك حقل صافر مأرب.
وبخصوص معوقات استئناف العمل في منشأة بلحاف الغازية، وحقيقة اتهامات المحافظ السابق للتحالف العربي بعرقلة عمل المنشأة، أفاد العولقي بأن ”قرار استئناف عمل منشأة بلحاف الغازية؛ يعود اتخاذ القرار للشركاء في شركة (YLNG) والحكومة اليمنية، وأما اتهامات السلطة المحلية السابقة حول عرقلة عمل المنشأة فقد أجاب عن ذلك وزير الخارجية اليمني في ديسمبر/ كانون الثاني 2021 أحمد عوض بن مبارك، عندما اعتبر أن التوقيف ليس من اختصاص المحافظين وهذا خطأ وقعت فيه السلطة المحلية السابقة“.
ولفت إلى أن ”الحكومة اليمنية والأخوة في دول التحالف العربي وتحديدا دولة الإمارات العربية المتحدة، يطالبون بشكل مستمر ويحثون شركة YLNG على استئناف العمل والقيام بتصدير الغاز الطبيعي المُسال، ولكن الشركة قدمت لهما شرطين وهما الجانب الأمني، وعدم استغلال موارد الغاز لِتمويل أي أعمال عسكرية“.
وتابع ”تمت الموافقة من قبل الحكومة اليمنية على ذَلك، ووعدت بأنّ الإيرادات المالية؛ سَتصرف كرواتب للمدنيين في جميع قطاعات المرافق الحكومية في الجمهورية اليمنية -دون استنثاء- وكذَلك لِدعم الأمن الغذائي والمشتقات النفطية والطاقة الكهربائية والصحة العامة والمشاريع التنموية والمستدامة بشكل عام“.

مشروعات تنموية:


وبشأن الإنجاز في القطاع التنموي، ودور دول التحالف العربي في هذا الجانب، قال العولقي ”قمنا بِقيادة السلطة المحلية؛ بالعمل في قطاع الكهرباء والمياه والصحة والتربية، واستطعنا إضافة 10 ميجاوات لمحطة عتق المركزية بِشكل إسعافي حتى يتم الوصول إلى برنامجنا التنموي في قطاع الطاقة؛ بتحقيق مشروع إنشاء المحطة الكهربائية الغازية في حقول العقلة النفطية“.
وأضاف ”هناك عدد من آبار المياه الإرتوازية الّتي يجرى العمل بها حاليا لتغطية الاحتياجات المُتنامية لِسكان مدينة عتق – مركز المحافظة، وكذَلك جرى إعادة هيكلة قطاع الصحة؛ وتم على إثره تخصيص مستشفى للأمومة والطفولة، بعدما قامت دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة؛ بِتمويل هيئة مستشفى شبوة العام في عاصمة المحافظة؛ والتزمت بتشغيله، كما أوكلت التشغيل لِشركة دولية هندية متخصصة“.
وتابع عوض العولقي ”تم افتتاح المرحلة الأولى من مراحل المستشفى العام، ويزوره حاليا أكثر من 500 مريض يوميا من شبوة والمحافظات المجاورة، يتلقون به العلاج اللازم بشكل مجاني، وكذلك الأشقاء في السعودية أرسلوا فريقا فنيا لدراسة احتياجات المحافظة التنموية والخدمية، ونزلوا إلى مديريات المحافظة، لدعم الأولويات الأساسية في تنمية قطاعات الصحة والتربية والتعليم والكهرباء والمياه والطرقات والتعليم العالي، ونسعى معهم ومن الإيرادات الوطنية أيضا إلى إيجاد تنمية حقيقية على أرض الواقع“.
وأشار محافظ شبوة إلى إرساء مناقصات لمدارس أساسية وثانوية، ودعم تعليم محو الأمية وتجهيز مستشفيات ومراكز صحية ومختبرات طبية، مضيفا ”قدمنا 2,500 كيس بذور محسنة دعما مجانيا لِلمزارعين لِتشجيع زراعة 60,000 كيس من القمح (3 ملايين كيلو) لِمواجهة ما ترتب على الأمن الغذائي نتيجة حرب أوكرانيا، وفقا للإمكانيات المتاحة لنا، وهي شحيحة“.وقال العولقي ”نجري الترتيبات لتشغيل المطار (عتق) وقد تم الإعلان من قبل الهيئة العامة للطيران بجاهزية المطار لاستقبال الطائرات من يوم الأحد، الموافق 26 يونيو/ حزيران 2022“.
وحول تقييمه لتعامل الحكومة اليمنية مع متطلبات المحافظة، قال العولقي إن ”إمكانيات الحكومة اليمنية شحيحة جدا، وتعتمد على إيرادات النفط الخام الّذي يُصدر من شبوة وحضرموت ومأرب، وهي ليست يومية بل شهرية أو فصلية، حيث مردودها لا يلبي الاحتياجات الضرورية“، لافتا إلى أن الحكومة تقدم ما في استطاعتها لدعم احتياجات شبوة.
وأعاد عوض العولقي في نهاية حواره، التأكيد على ضرورة محاربة الإرهاب والتطرف وقال ”نحن في قيادة السلطة المحلية؛ بِحاجة إلى دعم دولي لإنشاء وحدة مكافحة الإرهاب، وكذلك نحتاج إلى دعم تنموي لمحافظة شبوة“.

Exit mobile version