اخبار المقاومةالحوثي جماعة ارهابيةالرئيسيةتقاريرصنعاءمحلياتملفات خاصة

مركز صنعاء: السلام صعبًا مع الحوثيين

يمن الغد / يمن الغد – عبد الرب الفتاحي

ترى ميساء شجاع الدين في تقرير لها في مركز صنعاء للدراسات الاستراتجية، أن الحركة الزيدية الشيعية أوجدت حقائق على الارض، تعقد تحقيق أي خطوة للتقارب بين الاطراف المختلفة ضمن أي اتفاق سياسي جديد، وعملت جماعة الحوثيين على تحويل مؤسسات الدولة في صنعاء، كأدوات لخدمة مشروع بناء دولتها الخاصة.

مؤسسة عائلية:


ويؤكد تقرير مركز صنعاء أن الجماعة الحوثية نشرت أفكارها العقائدية في المجتمع، وشكلت جيشًا كبيرًا خاص بها ، وأنشأت شبكة واسعة من المشرفين بصلاحيات تعلو المؤسسات الحكومية، مما وسع الهوة بين المجتمع والطبقة الحاكمة. وصار من الصعب تخيل سماح الحوثيين طواعية، بتفكيك هذه الشبكة السياسية والاقتصادية الواسعة لتقاسم السلطة مع الفصائل اليمنية الأخرى.
وتنظر الباحثه في مركز صنعاء في تقريرها أن الطبيعة المتغيرة للدولة اليمنية، تحت سيطرة الحوثيين تعد إحدى التحديات التي تواجه مسألة إنهاء الحرب في اليمن، واتجهت الحركة الشيعية الزيدية لتثبيت حقائق على الأرض ،جعلت أي خطوة للتقريب بين الأطراف المختلفة ،ضمن أي اتفاق سياسي جديد مسألة بالغة التعقيد و اتخذت سلطات الأمر الواقع “سلطات الحوثيين” من مؤسسات الدولة في صنعاء أدوات لخدمة مشروع بناء دولتها الخاصة.
يتناول التقرير أن الجماعة الحوثية تطلق على نفسها اسم “أنصار الله”، إلا أن معظم اليمنيين ينظرون إليها على أنها مؤسسة عائلية ،تقوم على أفكار بدر الدين الحوثي (المُتوفى سنة 2010) وغيره من علماء الدين الزيديين، وتعززت على يد أبناء الحوثي.
وتعتقد الباحثة أن التأثير الخارجي لإقناع الحوثيين بالرضوخ محدودًا بحكم علاقاتهم السياسية والاقتصادية المحدودة مع الخارج.
وتجد الباحثة أن العقوبات الأمريكية والعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على العديد من المسؤولين الحوثيين، بما في ذلك تجميد حساباتهم المصرفية، أنها لم تظهر أي نتائج، في ظل عدم سفر شخصيات مثل عبدالملك الحوثي أو أبو علي الحاكم -قيادي عسكري بارز في الجماعة -إلى الخارج وعدم امتلاكهم حسابات مصرفية في بنوك غربية. فالحوثيون لا تربطهم سوى علاقات عسكرية واستخباراتية مع إيران.ظهور الحوثيين
وتتطرق الباحثه في تقريرها أن جماعة الحوثيين، بدأت بالتحرك منذ أوائل ثمانينيات القرن العشرين في صعدة، معقل الزيديين في شمالي اليمن، بهدف مزدوج يتمثل في مواجهة انتشار الوهابية القادمة من السعودية وإحياء حكم الإمامة الزيدية. وتمكنت العائلة من فرض سيادتها عبر نظرية الإمامة لدى الزيدية، التي تركز القيادة السياسية والدينية في شخصية زعيم الدولة مع توسيع قاعدة أولئك الذين يمكنهم تولي هذا الدور لتشمل أي شخص من فئة الهاشميين (نسل النبي محمد).
وأعتمد الحوثيون حسب تقرير مركز صنعاء في تلك الفترة على شبكة واسعة في محافظة صعدة وغيرها من المناطق القبلية شمالي البلاد. وكان محمد وحميد بدر الدين نشطين في التجمعات الشبابية والمخيمات الصيفية في المدارس الداخلية المحلية، التي سُميت فيما بعد بـ”الشباب المؤمن”، في حين كان حسين ويحيى بدر الدين الحوثي نشطين في المجال السياسي، بينما وجه عبدالملك الحوثي اهتمامه نحو الأنشطة العسكرية. اختار بدر الدين نجله عبدالملك لقيادة الجماعة، عقب مقتل ابنه الأكبر حسين عام 2004 خلال الحرب الأولى من الحروب الست -المعروفة بحروب صعدة -التي خاضتها الجماعة ضد نظام الحُكم في صنعاء أثناء عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، التي استمرت حتى عام 2010.
ويحدد التقرير أن نظرية الدولة لدى الحوثيين تخلط بين الزيدية التقليدية ونمط الحكم العائلي المشابه للنمط الملكي القائم في دول الخليج وبعض عناصر النظام الثوري الإيراني، مع الاحتفاظ شكليًا بالكيان الجمهوري للدولة اليمنية. وبينما تحتفل الجماعة بالاستيلاء على صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول من كل عام كمناسبة تحتفل فيها بـ”الانتصار على الفساد والتدخل الأجنبي”، تحيي بصورة باهتة ذكرى قيام النظام الجمهوري الذي يصادف 26 سبتمبر/ أيلول. إلا أن العديد من اليمنيين يحتفلون بالمناسبة الأخيرة -بإضاءة أسطح منازلهم وتشغيل أغاني ثورة 1962 -كوسيلة للتعبير عن رفضهم مساعي الحوثيين لتقويض النظام الجمهوري.

احتكار السلطة:


ينظر التقرير أن المعارضين لجماغة الحوثيين يرون إليها أنها تسعى لإحياء حُكم الإمامة الزيدية، بيننا يشير آخرون إلى احتكار الأسرة للسلطة باعتباره انتهاكًا لمبادئ الإمامة نفسها.
ووفق التقرير أنه في الواقع التأريخي، لم يكن مستغربًا سعي الحكام الزيديين إلى تعزيز قبضتهم على السلطة من خلال توريثها لأبنائهم، رغم أن هذه المساعي جازفت بمقابلتها بالرفض والانقلابات ضدها ،حيث اعتمد الرئيس الراحل صالح في سنواته الأخيرة على رأس السلطة على أفراد أسرته لإحكام قبضته على السلطة، إلا أن جماعة الحوثيين ذهبت بهذه الظاهرة إلى ما هو أبعد من ذلك، وبشكل قد يزرع بذور انشقاقات مستقبلية.

سلطة مطلقة:


يحدد التقرير الدور الذي يتولاه عبدالملك الحوثي والذي يمثل قمة منظومة حُكم الحوثيين، حيث يتمتع بسلطة مطلقة كزعيم هاشمي زيدي يُعتبر ذو شخصية كاريزماتية ،باعتباره سليل النبي محمد.
ويضيف التقرير أن المسؤولون الحوثيون لا يستمدون نفوذهم وسلطتهم من ألقابهم أو الأدوار التي يضطلعون بها، بل بقربهم من عبدالملك الحوثي، الذي يعيش في مكان سري ويوصف في وسائل الإعلام الحوثية بـ”قائد الثورة”.
وقالت ميساء شجاع الدين أنه على الرغم من أن عبدالملك الحوثي يحتل منصب زعيم الجماعة الذي لا ينازعه أحد، لا يصل إليه سوى مجموعة محدودة فقط من أتباعه. فهو يكون في قلب شبكتين: الأولى تتألف ممن أثبتوا ولاءهم له وعائلته خلال حروب صعدة (أو الحروب الست)، وينحدر معظمهم من محافظة صعدة ومن نسل الهاشميين ويشير إليهم عبدالملك باسم المجاهدين. أما الأخرى فهي مكونة من الشبكات الاجتماعية الواسعة التي أنشأها الأبناء الآخرون لبدر الدين في التسعينيات.
ويكشف مركزصنعاء أن العائلات التي تربطها علاقة نسب مع أسرة الحوثيين مهمة أيضًا في تعيين المشرفين الرئيسيين مثل أسرة العجري، والمتوكل، والمؤيد، والطاووس، والمشاط. كما أن الانتماء إلى الأصل الهاشمي يربط الحوثيين بعشرات الأسر الأخرى، ومن أبرزها أسرة الشامي. ويشكل الانتماء المناطقي أمرًا ذي أهمية لدى الحوثيين، حيث أن معظم المشرفين الرئيسيين منحدرون من محافظة صعدة، أما من انضموا إلى الجماعة بعد بسط سيطرتها على صنعاء فقد أصبحوا يُعرفون باسم المتحوثين ويضطلعون بأدوار ثانوية من قبيل مشرفي المديريات في النطاق الجغرافي الذي ينتمون إليه.
وتحدث التقرير ان هذه الهويات تحتل أهمية بالغة في فض النزاعات الداخلية، التي يكون فيها عبدالملك الحوثي صاحب القول الفصل. تتربع أسرة الحوثيين، وأولئك الذي تربطهم بهم علاقة مصاهرة، في قمة الهرم، ويأتي الموالون لهم من محافظة صعدة الذين قاتلوا مع الحوثيين في بداياتهم في المرتبة الثانية، والهاشميون بشكل عام في المرتبة الثالثة. وفي حال نشوب نزاع بين هاشمي من خارج صعدة وغير هاشمي من محافظة صعدة، تكون الغلبة لغير الهاشمي المنحدر من صعدة. أما الهاشمي المنحدر من صعدة، فيتمتع بنفوذ هائل داخل الجماعة.

فساد منتشر:


يقول التقرير “ساهمت ثقافة الفساد وغياب المساءلة في استشراء هذه الأنشطة، لا سيما بين المشرفين الحوثيين، بسبب القضاء على مساحة ممارسة النشاط السياسي وعلى وسائل الإعلام المستقلة التي كانت موجودة قبل حُكم الحوثيين.
وكشفت الباحثة أن السياسة الاقتصادية للحوثيين أدت إلى ارتفاع معدلات الفقر، وخلق طبقة من الأثرياء المتربحين من الحرب، وتوسيع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وهي العوامل ذاتها التي لعبت دورًا في تأجيج الانتفاضة الشعبية ضد نظام صالح.
ويتهم تقرير مركز صنعاء حكومة الحوثيين في تجاهل دفع الرواتب والحفاظ على الخدمات العامة، فلم يحصل موظفو الدولة عادة إلا على نصف مرتباتهم الشهرية، على فترات غير منتظمة، وهو إجراء تبرره سلطات الجماعة كنتيجة لاستقطاع الزكاة. كما شُهد إهمال في توفير خدمات مثل الماء والكهرباء وصيانة الطرق.
ويركز التقرير إلى أن الحوثيون يرون التأخير في دفع الرواتب وتخفيضها وسوء الخدمات العامة إلى التحديات الناجمة عن الحرب والحصار الاقتصادي المفروض (انظر، على سبيل المثال، الخطاب الذي ألقاه عبدالملك الحوثي في 17 يونيو/حزيران). رغم ذلك، ارتفعت أسعار العقارات في صنعاء خلال فترة الحرب، مع ظهور معظم المشترين من فئة اليمنيين الموالين للحوثيين الذين بدا أنهم أصبحوا أكثر ثراء.

زر الذهاب إلى الأعلى