الرئيسيةعربيمحليات

جماعة الإخوان تلوذ بالأزهر للوساطة والإفراج عن محبوسيها

بات الأزهر الملاذ الأخير للقطاع العريض المتضرر من انقسامات جماعة الإخوان، وغالبيته من الشباب، بهدف إنقاذ عناصره القابعة في السجون المصرية، حيث تنم المناشدة التي وجهت إلى الأزهر قبل أيام للقيام بدور الوسيط في تسوية أوضاع شباب الإخوان والاستفادة من لجنة العفو الرئاسي عن فقدان الأمل في الرهان على القيادات المتصارعة، مع إصرار الدولة على عدم الاستجابة لدعوات أي منهم فيما يتعلق بالمصالحة والمشاركة في الحوار الوطني.

وتنطوي الرسالة، التي حملت اسم “رابطة الشباب المعتقلين” وأعلن عنها أخيرا، على رغبة في استغلال الحراك السياسي الذي تشهده مصر عقب انطلاق فعاليات الحوار الوطني وفقًا لصيغة تتلافى التوظيف السياسي الذي طغى على محاولات جبهتي إبراهيم منير ومحمود حسين سابقا.

ووضع أسلوب التعامل من قبل السلطات المصرية مع ملف جماعة الإخوان العديد من المحددات أمام الأزهر بشأن استجابته للمناشدات المتكررة التي تدعوه إلى التدخل لحل أزمة شباب الجماعة المسجونين.

وحصر تعامل السلطات المصرية بحزم مع ملف الإخوان ما يمكن للأزهر فعله في مسألة مساعدة شباب الإخوان على العودة إلى الفكر الإسلامي المعتدل والبعيد عن التشدد والعنف وتسييس الدين، تمهيدًا للنظر في من يستحق إدراجه في قوائم العفو الرئاسي ممن يتبيّن تخليهم عن طريق الإسلام السياسي والانتماء الحركي لتنظيم الإخوان.

لكن الأزهر لا يستطيع تلبية ما يريده قادة الإخوان في هذا الشأن بلعب دور الوسيط بين الجماعة والدولة، وهم يلحون على استنساخ ما جرى مع الجماعة الإسلامية في التسعينات، حيث أعقب توسط علماء بالأزهر البدء في سلسلة من المراجعات الفكرية قادت إلى خروج جماعي لقادة التنظيم وعناصره من السجون، تبعته عودة إلى المشهد العام وتأسيس حزب سياسي.

وإذا قبلت السلطات المصرية بتدخل ما للأزهر فلن يكون على غرار التجارب السابقة، وهو ما يصب في مصلحة التنظيم الباحث عن أي فرصة ليعيد إنتاج نفسه في المشهد من جديد.

تغير آليات التعامل
طرأ تحول لافت في تعاطي الأزهر مع جماعة الإخوان عام 2019 بعد سنوات من المواقف المبهمة والغائمة عندما وصف مرصد الأزهر لمكافحة التطرف الجماعة بأنها تسير على خطى داعش ساعية لنشر الفوضى وتحقيق أجندات خفية ومحاولة تهديد الأمن والأمان في مصر.

وأصدر المرصد بيانين خلال عامي 2019 و2020 وصف فيهما جماعة الإخوان بالتنظيم الإرهابي واعتبر أنها تستخدم النصوص الشرعية في غير موضعها وتحرف معانيها لتبرير نشر الفساد والفوضى وترويع الآمنين.

وصدرت أول فتوى صريحة من مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في يناير الماضي وتقضي بتحريم الانضمام إلى جماعة الإخوان من منطلق أنها شوهت النصوص واقتطعتها من سياقها واستخدمتها لتحقيق أهداف ومآرب شخصية وإفساد في الأرض بعد إصلاحها من خلال غرس الفتنة والوقيعة بين أبناء الوطن الواحد بل أبناء الإنسانية كلها ورمي المجتمعات بالكفر.

وظل الأزهر لفترة طويلة قبل هذه المواقف الأخيرة مخترقًا بشكل كبير من قبل جماعة الإخوان، وتشكلت داخله كيانات عملت تحت مظلة الإخوان خادمة لأهدافها السياسية، مثل جبهة علماء الأزهر التي أصدرت العديد من فتاوى التكفير في حق خصوم الإخوان من السياسيين والمفكرين.

وتعرضت استراتيجية اختراق الإخوان للأزهر إلى الانهيار مع بدء مرحلة تولي الجماعة السلطة وما تخللها من فشل، وتاليًا ما صاحب عزلها عن الحكم وما أعقبه من توجهات وممارسات أدت إلى كشف الانقسامات والتصدعات داخل الائتلاف الإسلامي الكبير الذي كان يضم العديد من التيارات الطامحة إلى أسلمة الدولة ومن ضمنها أجنحة داخل الأزهر.

وعانى منتسبون إلى الأزهر (أساتذة بجامعة الأزهر تعرضوا للفصل من وظيفتهم بسبب انتمائهم التنظيمي وطلبة حُوكموا في قضايا عنف واغتيالات) من انقسام جماعة الإخوان إلى جبهات تضم بجانب مجموعتي إسطنبول (محمود حسين) ولندن (إبراهيم منير) أعضاء مجموعة المكتب العام، وهم بقايا تيار محمد كمال الرافض للحوار مع الدولة والداعي إلى الاستمرار في النهج الثوري المسلح.

وتبيّن أن الجبهتين الرئيسيتين المتنازعتين على قيادة الجماعة سعتا لاستغلال المستجدات على الساحة المصرية فيما يتعلق بانطلاق فعاليات الحوار الوطني وإعادة تنشيط دور لجنة العفو الرئاسي بهدف تعزيز موقف كل منهما في الصراع الداخلي على القيادة.

زر الذهاب إلى الأعلى