سلاح الرهائن.. بين القاعدة والحوثي والأمم المتحدة
انبرت القاعدة مجددا لإسناد مليشيات الحوثي في اليمن ضمن إرهاب مشترك لمقايضة العالم و”لي ذراع” الأمم المتحدة ولتحقيق مكاسب أمنية وسياسية واقتصادية.
تنظيم القاعدة الإرهابي الذي لم يعد لديه إلا الخطف من أجل الفدية والنهب والسرقة لإثبات وجوده، أشهر يوم السبت الماضي آخر ورقة ضغط في جعبته على المنظمة الدولية محاولا صرف الأنظار بعيدا عن التصعيد الحوثي ضد اتفاق الهدنة وضد الأمم المتحدة الراعية للاتفاق.
ونشر التنظيم الإرهابي مقطع فيديو لمناشدة موظف أممي مختطف لديه منذ 11 فبراير/شباط سعى من خلاله لمقايضة الأمم المتحدة وإظهار القوات المناهضة للحوثيين شبه عاجزة عن تحريره.
بحسب الفيديو فإن التنظيم الإرهابي أجرى تصوير المناشدة للموظف الأممي في 9 أغسطس/آب الماضي إلا أنه لم يبثها إلا في 3 سبتمبر/أيلول الجاري وهو توقيت جاء جنبا إلى جنب مع افتعال مليشيات الحوثي أزمة وقود اتخذتها كمبرر للهروب والانقلاب على اتفاق الهدنة.
يأتي ذلك تتويجا لجهود المجلس الرئاسي الذي نجح في تعرية الانقلاب الحوثي وحشره في الزاوية أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة كطرف يرفض تنفيذ بنود الهدنة بما فيه فتح الطرق إلى جانب التصعيد عسكريا بتعز والحديدة، لتلجأ المليشيات للدفع بالقاعدة للضغط على الأمم المتحدة والحكومة اليمنية على حدا سواء.
محاولة يائسة
في 11 فبراير/ شباط كان 5 موظفين أمميين من بينهم مدير مكتب الأمم المتحدة للسلامة والأمن في عدن آكام سوفيول في مهمة إغاثية إلى أبين قبل أن يعترض مركبته عناصر القاعدة وتختطفه إلى موقع محصن في “مودية” شرقي المحافظة الذي تضم مناطق خاضعة للحوثي أيضا.
آنذاك، اشترط تنظيم القاعدة الإرهابي لوساطات حاول فتحها مقابل أطلاق سراحهم فدية مالية تتجاوز 5 مليون دولار والإفراج عن عدد من عناصره في سجون الحكومة اليمنية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي وهو ما لم يحصل عليه.
دفعت تلك العملية الإرهابية، مجلس القيادة الرئاسي لاتخاذ خطوات حاسمة، بحسب مصدر حكومي لـ”العين الإخبارية”، وتمثلت بجمع المعلومات الاستخباراتية عن تواجد ومعاقل تنظيم القاعدة الإرهابي في أبين وإعادة انتشار القوات الأمنية والعسكرية بموجب اتفاق الرياض.
كما أطلق نائب المجلس الرئاسي اللواء عيدروس الزبيدي عملية “سهام الشرق” لتطهير أبين من العناصر الإرهابي والتي توجت حتى الآن بتوحيد القوات الأمنية من الحزام الأمني والأمن العام تمهيدا لمعركة حاسم ومشتركة ضد تنظيم القاعدة بالمحافظة وكذا مليشيات الحوثي فضلا عن تطهير عددا من الأوكار الإرهابية.
تنظيم القاعدة الإرهابي المنهك أصلا تحت ضربات قاصمة للتحالف العربي جنوبي وشرقي اليمن منذ 2015، وفي محاولة يائسة لمنع مكافحة إرهابه ذهب لبث فيديو لـ” آكام سوفيول” الذي ناشد الأمم المتحدة تلبية مطالب التنظيم للإفراج عنه وزملائه وكأنه في وضع إنساني حرج للغاية.
لوك سومرز يعود للواجهة
في الفيديو كان من الواضح تهديد القاعدة لـ”آكام سوفيول” بأنه سيلقى مصير “لوك سومرز” كرسالة تحذير بعثها التنظيم لواشنطن والمجلس الرئاسي والتحالف العربي المعنين بمكافحة الإرهاب.. فمن هو سومرز؟
قبل انقلاب الحوثي بعام وتحديدا في سبتمبر/أيلول 2013، اختطفت القاعدة صحفي أمريكي من صنعاء قبل أن تقوم بنقله إلى حضرموت.
وبعد عام من عجزها على فرض اشتراطاتها لجأت لإعدامه بالرصاص وذلك بعد محاولة تحريره مع آخرين بعملية عسكرية وأمنية يمنية وأمريكية مشتركة وذلك في سبتمبر/أيلول 2014.
بعد نحو 9 أعوام، عاد تنظيم القاعدة الإرهابي لاستحضار قصة الصحفي الأمريكي لوك سومرز على لسان الرهينة الجديد “آكام” وهو من بنجلاديش ويحمل الجنسية الأمريكية والذي أبدى في مناشدته الخوف من مواجهة ذات المصير.
وفي مشهد كان آكام ينظر للأسفل لقراءة رسالة يتهم فيها تنظيم القاعدة الإرهابي واشنطن ودول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بإفشال مفاوضات فدية إطلاق سراحهم ثم تابع قائلا: “أنا لا أريد أواجه نفس مصير لوك سومرز”.
ويستهدف التنظيم من خلال الاستشهاد بقصة “سومرز” الإيحاء بنقل الرهائن الجدد آكام ورفاقه من أبين إلى محافظة أخرى إلى جانب التهديد بإعدامهم حال انطلاق أي عملية عسكرية لتحريرهم إلى جانب ترك مهلة قصيرة لتلبية مطالبه وهو الضغط الموجهة على الأمم المتحدة للتحرك لإنقاذ موظفيها كأولوية قبل أي ملفات باليمن، وفقا لخبراء.
وما بين مصير “لوك” و”آكام”، ينتظر الحوثيون جني ثمار الجرائم الوحشية للقاعدة، ففي الأولى استغلتها المليشيات لاحقا لتبرير انقلابها على الشرعية في صنعاء واجتياح مختلف المحافظات بغطاء مكافحة “الإرهاب”، فيما تسعى مجددا للمناورة بـ”ورقة القاعدة” لشراء صمت العالم لتمرير أهدافه محليا ودوليا.
الرهائن الأممية بيد الحوثي والقاعدة
كانت “الرهائن” أكبر تحدي للدولة اليمنية لأكثر من 3 عقود، إلا أن تطور الجريمة مؤخرا كشف الأهداف المشتركة لتنظيم القاعدة الإرهابي وقيادات الصف الأول لمليشيات الحوثي من خلف اختطاف موظفي الأمم المتحدة ضمن عمليات ممنهجة ومدروسة بعناية أيضا.
واشتدت عمليات الاختطافات ضد الموظفين الأمميين من قبل القاعدة والحوثي بشكل غير مسبوق منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لا سيما عقب مقتل القائد العسكري للتنظيم الإرهابي أبو عمير الحضرمي والذي أعلن عنه لاحقا مطلع العام الجاري.
آنذاك، اختطفت مليشيات الحوثي اثنين من موظفي الأمم المتحدة لازالوا رهائن حتى اليوم في معتقلاتها رغم التنديد والمطالبات الدولية، وامتد إلى اعتقال 3 آخرين موظفين في عدة منظمات دولية كـ”رهائن”.
وعلى مستوى علاقته في القاعدة، عمل في إيواء عناصر التنظيم وإطلاق سراح السجناء مقابل توفير التدريب لمقاتلي الحوثي والبقاء تحت مظلته وأجندته منها تحقيق أهدافه في استهداف الوكالات الإنسانية للأمم المتحدة.
وهذا ما حدث بالفعل بعد اختطاف تنظيم القاعدة للموظفين الأمميين في مديرية “مودية” شرق أبين، في فبراير/شباط الماضي تلى ذلك اختطاف آخر طال موظفين اثنين أجانب في منظمة أطباء بلا حدود الدولية في وادي حضرموت في مارس/آذار للماضي.
وتشير احصائيات للأمم المتحدة إلى أن النصف الأول من عام 2022 شهد تعرض 19 عامل إغاثة للقتل والإصابة والاختطاف والاعتقال من قبل تنظيم القاعدة ومليشيات الحوثي إلى جانب هجمات واعتداءات وحملات إعلامية ممنهجة لتبرير الجرائم بحق المنظمات الدولية.