خلايا “القاعدة” الناشطة في اليمن.. مواجهة حاسمة


نشط تنظيم “القاعدة” الإرهابي في اليمن أواخر ثمانينيات القرن الماضي مع عودة آلاف اليمنيين من حرب السوفييت في أفغانستان.
وكان “القاعدة” حتى 2009 بلا هيكل تنظيمي واضح في اليمن، فيما كان الفكر المتطرف مدعوما من الغرب لمواجهة السوفييت.
جذب تنظيم القاعدة الإرهابي الاهتمام الدولي بصورة كبيرة بعد الهجوم الإرهابي، الذي نفذه في أكتوبر/تشرين الأول عام 2000 على المدمرة البحرية الأمريكية “يو إس إس كول” في ميناء عدن، وأودى بحياة 17 من الجيش الأمريكي وأصيب على إثره 39 آخرون، كما نفذ العديد من العمليات الإرهابية الأخرى، التي استهدفت المنشآت النفطية والسياح الأجانب على غرار ما حدث عام 2007 مع السياح الإسبان والبلجيكيين بهجوم بسيارات مفخخة على السفارة الأمريكية في صنعاء.
واللافت أن التنظيم الإرهابي قد استغل الاضطرابات وحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني، التي شهدها اليمن عقب أحداث عام 2011، في توسيع نطاق تمدده داخل الأراضي اليمنية، حيث أعلن عن إنشاء “مناطق متطرفة صغيرة” في محافظات يمنية في الفترة بين 2011 و2012، ثم وسّع التنظيم وجوده بعد الفوضى التي سادت اليمن إثر انقلاب مليشيات الحوثي الإرهابية على الحكومة الشرعية، وما تلاها من تدخل لقوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة المملكة العربية السعودية، عام 2015، حيث سيطر التنظيم على ساحل “حضرموت” بالكامل ومدينة المكَلَّا، خامس أكبر مدينة في اليمن.
ويضم تنظيم “القاعدة” الإرهابي في اليمن مجموعة خلايا منفصلة عن بعضها، لكن جميعها تتحرك بفكر “القاعدة” الإرهابي، وكل فترة تحصل تشظيات داخل التنظيم في اليمن وخلاياه المختلفة.

ثمة عوامل ساعدت في تمدد تنظيم “القاعدة” الإرهابي في اليمن، في مقدمتها علاقته مع تنظيم الإخوان الإرهابي، ممثلا في حزب الإصلاح، فضلا عن محاولة تنظيم “القاعدة” الاستفادة من الكثافة السكانية الكبيرة في اليمن ومن جغرافيتها الوعرة، لجهة سهولة المناورة والاختباء من الملاحقة.

يبرز سؤال حول سبل تجفيف منابع الإرهاب، الذي يتمثل في تنظيم القاعدة، والجواب هو أن عمليات الحرب المنظمة على التنظيم في اليمن انطلقت منذ بروز خطره المتجاوز للحدود بعد استهدافه المدمرة البحرية الأمريكية، وقد تعرض التنظيم، ولا يزال، إلى حملة قوية من قبل قوى دولية وإقليمية، على رأسها الولايات المتحدة، التي وجّهت وتوجه سلسلة ضربات مؤثرة على قيادات التنظيم باستخدام تقنية الطائرات دون طيار، ردا على محاولات التنظيم ضرب أهداف أمريكية في الولايات المتحدة نفسها وفي الخارج.
ومنذ عام 2002، تاريخ أول عملية أمريكية لمكافحة الإرهاب باستخدام الطائرات دون طيار في اليمن، نفذت واشنطن 290 عملية عسكرية باستخدام هذه التقنية، أسفرت عن مقتل أكثر من ألف إرهابي من “القاعدة”، وقد نجحت هذه العمليات في تصفية بعض قيادات التنظيم الخطرة، من بينهم القيادي البارز أنور العولقي عام 2011، والقيادي سعيد الشهري عام 2013، والذي كانت واشنطن قد أفرجت عنه في وقت سابق من معسكر جوانتانامو، والزعيم الأخطر للتنظيم ناصر الوحيشي، وجمال البدوي، الرأس المدبر لعملية تفجير المدمرة الأمريكية في اليمن عام 2000، والذي قتل إثر عملية أمريكية متقنة في يناير/كانون الثاني 2019، وكذلك زعيم التنظيم قاسم الريمي، الذي قتل في بداية شهر فبراير/شباط 2020.
وكان للتحالف العربي دور بارز لمكافحة إرهاب تنظيم “القاعدة”، خصوصا دولة الإمارات، التي صدت أكثر من هجوم إرهابي لـ”القاعدة” على عدن اليمنية بعد تحريرها، كما شهدت جهود مكافحة التنظيم الإرهابي في اليمن دفعة قوية بعد دخول قوات التحالف العربي إلى اليمن لردع الحوثي الإرهابي، حيث وضعت هذه القوات من ضمن أولوياتها استهداف التنظيمات الإرهابية الأخرى، وعلى رأسها تنظيم “القاعدة”.

وكان لدولة الإمارات دورها الأبرز والأهم في هذه المواجهة، حيث أشرفت على تدريب العديد من قوات الحكومة اليمنية الشرعية، التي تمكنت من صد هجمات “القاعدة” وطرد العناصر المتطرفة من عدن، ولم تتوان دولة الإمارات عن دعم تأمين العديد من المدن والمحافظات وتحريرها من قبضة التنظيم وخطره، مثل لَحْجِ، وأبْيَن، وشبوة، وساحل حضرموت، الذي ظل خاضعا لسيطرة إرهابيي “القاعدة” لأكثر من عام. وتمكنت هذه القوات عام 2016، بدعم ومشاركة إماراتية فاعلة، من تحرير مدينة المُكَلَّا الاستراتيجية، وساحل حضرموت بالكامل من قبضة تنظيم “القاعدة”، واستمرت هذه الجهود في مطاردة عناصر “القاعدة” بعد ذلك حتى تمكنت من تحرير معظم الأراضي الخاضعة له.
ومع استمرار الحرب على تنظيم “القاعدة” في اليمن من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف العربي، وملاحقة وتصفية رموزه الإرهابية، يمكن الجزم بأننا على الطريق الصحيح لتجفيف منابع الإرهاب في العالم.

Exit mobile version