الحوثي جماعة ارهابيةالرئيسيةانتهاكات المليشياتمحليات

مع استمرار تصعيدها.. مطالبات بتغيير آليات التعامل مع مليشيا الحوثي

تصاعد التهديد الحوثي، وتعددت عمليات استهداف مصادر الطاقة المحلية في اليمن ومواني تصدير النفط. وبقي المزاج الدولي متمسكاً بفرضية عدم وجود حلول عسكرية للصراع، وأنه لا بديل عن دعم الجهود الأممية الرامية إلى تجديد الهدنة المنهارة، تمهيداً للدخول في مفاوضات سياسية لإحلال سلام شامل ودائم.

وفي الوقت الذي تراهن فيه الميليشيات المدعومة من إيران على عامل الوقت للحصول على مكاسب جديدة، على الصعيد الاقتصادي والعسكري والسياسي، يرى مراقبون يمنيون أنه لا بد من تحديد سقف زمني للوصول إلى اتفاق لتجديد الهدنة، بعيداً عن التماهي مع أجندة الجماعة التي باتت تراهن على إقامة دويلة خاصة بها في الشمال اليمني، تنطلق منها لتهديد بقية المناطق اليمنية، ولتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، بما في ذلك تهديد دول الجوار، وطرق الملاحة الدولية في جنوب البحر الأحمر.

  • تصاعد الانزعاج الدولي

بعيداً عن تنامي روح اليأس في أوساط الشارع السياسي اليمني الموالي للحكومة اليمنية الشرعية، جراء الركود الذي أصاب المساعي الأممية واستمرار تعنت الحوثيين، لوحظ حديثاً تصاعد حدة الانزعاج الدولي من سلوك الميليشيات؛ خصوصاً عقب الهجمات الأخيرة التي طالت مواني تصدير النفط في حضرموت وشبوة.

هذا الانزعاج الواضح عبَّر عنه أخيراً البيان الثلاثي (الفرنسي، البريطاني، الأميركي) إضافة إلى بيان دول الاتحاد الأوروبي، إذ بدا أن هذه الدول الغربية أصبحت على يقين بأن الميليشيات الحوثية ليست في وارد السلام، وهو ما قد يدفع إلى تبني استراتيجية جديدة للتعامل مع الجماعة، في حال واصلت تصعيدها الإرهابي وتجاهلت نداءات السلام.

كان واضحاً أيضاً من لهجة السفير البريطاني لدى اليمن، ريتشارد أوبنهايم، مدى انزعاج لندن من التصعيد الحوثي باتجاه مواني تصدير النفط؛ حيث حاول السفير توجيه رسائل توبيخ لقادة الميليشيات على «تويتر»، واصفاً ما تقوم به الجماعة بأنه «نوع من الحصار بالترهيب»، مع محاولة التذكير بأن الدور البريطاني خاصة والغربي عامة، يهدف إلى إنهاء الصراع في اليمن، وأن ذلك هو السبب الوحيد في اختيار هذه الدول أسلوب «تشجيع الجماعة على اغتنام فرص السلام التي لا تزال قائمة».

  • الهدنة ليست غاية

على الرغم من أن التركيز الأممي والدولي ينصب على محاولة تجديد الهدنة اليمنية، فإن ذلك لا يمكن أن يكون هو الغاية النهائية، حسبما يقوله الباحث والأكاديمي اليمني فارس البيل، في حديثه لـ«الشرق الأوسط».

يشير البيل إلى أن فكرة الهدنة بالنسبة للمبعوث الأممي تبدو «كأنها طوق نجاة ينقذ أداءه والأمم المتحدة، ويحفظ ماء الوجه، أو تكاد تكون المدى الذي استطاع أن يتصوره ومعه الأمم المتحدة حول المشكلة اليمنية، إذ لا توجد إشارات واضحة حول ما الذي يمتلكه المبعوث لما بعد الهدنة، على اعتبار أن الهدنة مجرد عملية ممهدة لما يتبعها، وهو الأهم».

ويضيف البيل: «من قبل كانت الهدنة ضمن عوامل بناء الثقة بين الأطراف، والقدرة على التعاطي مع فكرة التفاوض، بمعنى أنها مجرد تهيئة؛ لكنها الآن صارت الغاية والمنتهى الذي يريد أن يصل إليه المبعوث. ولسوء حظه أنها لم تنجح أصلاً، وبالتالي فإن جهوده منصبة تماماً حول الهدنة فقط، كما لو أنه يعمل في هامش الأزمة اليمنية، ولم يبلغ متنها بالأساس».

ويجزم بأن «ميليشيا الحوثي أبعد ما تكون عن الاتفاق حول أي شيء. وإذا ما أعلنت موافقتها، فإنها لا تنفذ شيئاً بالأساس».

ويقول: «لأن علة الهدنة هي الحاجة الإنسانية لليمنيين، فيمكن للمبعوث والأمم المتحدة بيان ما الذي أسهمت به الهدنة من رفع المعاناة الإنسانية عن اليمنيين، وهل شكلت الهدنة أرضية للسلام، أم أنها رفعت من حالة الاستعداد للحرب أكثر، كما أظهرت ذلك ميليشيا الحوثي».

  • تكتيك حوثي

تعنت الميليشيات الحوثية وتصعيدها لا يعدو كونه «تكتيكاً» من قبل الجماعة. ويقول الباحث اليمني محمود الطاهر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «سيستمر المبعوث الأممي في الركض في صحراء جرداء، دون أن يعترف بأنه لم يجد سبيلاً للوصول إلى الأمان؛ لكنه لا يريد الاعتراف بذلك، كون أن الحوثيين يتعمدون إبقاءه في (التوهان)، بهدف إطالة أمد الحرب، حتى يصل المجتمع الدولي إلى قناعة بأن نهاية الحرب في اليمن لا بد من أن تكون وفقاً لتفاهمات جديدة، وإن كان مؤداها تسليم اليمن لإيران».

ويتابع بالقول: «الحوثيون يدركون ذلك تماماً، وقد نجحوا في تنفيذ مخططاتهم، ووصلوا إلى ما نحن عليه الآن؛ حيث أصبح المجتمع الدولي يستجدي منهم السلام، على الرغم من أنهم ليسوا أهلاً لذلك».

ويؤكد الطاهر أنه «ينبغي أن يكون هناك سقف زمني لقبول الحوثي بالمقترحات التي يتم تقديمها، وليس التفاوض حولها لمنح الحوثي مزيداً من الوقت للضغط بهدف تعديل المقترحات المتوافق عليها، للحصول على مكاسب جديدة».

ويدلل بالقول: «هذا ما رأيناه خلال المفاوضات التي تتم: تقديم تنازلات تلو الأخرى للحوثي، ويستغل تلك المفاوضات للضغط على القبائل اليمنية والشعب اليمني، موهماً إياهم بأنه انتصر في هذه المعركة».

  • لا أهمية للوقت

بخلاف ما يقترحه محمود الطاهر، يرى الإعلامي اليمني عبد الله السنامي، أنه لا جدوى من تحديد سقوف زمنية، وأنه من الطبيعي أن تستمر المساعي الأممية.

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «ليس أمام المبعوث الأممي سوى السعي إلى الهدنة، ومحاولة إقناع الميليشيات بها؛ لأن ذلك جوهر عمله، وكلما برز التعقيد بشأنها، كالرفض الحوثي الأخير لتمديدها، زادت أهمية جهود المبعوث وطاقمه، في وضع تصورات مقنعة لكل الأطراف، وصولاً إلى حلول توافقية».

ويؤكد السنامي بالقول: «لا أرى أهمية للسقف الزمني بشأن إقناع الجماعة الحوثية بتجديد الهدنة؛ لأن الأمر أبعد من مسألة وقت، كما أن الهدنة فعلياً نافذة، وكل ما تقوم الميليشيات به حالياً هو تحسين وضعها التفاوضي، واكتساب سمعة لدى أنصارها، لا سيما مع اتساع الهوة بين تصرفاتها ومؤيديها، كمطالبات صرف الرواتب التي كانت تتحجج الجماعة بأنها تذهب نفقات للحرب».

أما عن مخاطر تعنت الحوثيين حول تمديد الهدنة، فيرى السنامي أنه يمكن أن ينظر إليها «من خلال موقف وإرادة الحكومة الشرعية، وأنه يمكن امتصاصها، أو المعاملة بالمثل».

ويوضح أن «المجتمع الدولي يُصدر تصريحاته المتكررة حول عدمية الحل العسكري، بناء على واقع الزمكان، إذ إن 8 سنوات من الحرب لم تغير كثيراً من الجغرافيا، مع وصول جميع الأطراف إلى مرحلة العجز عن السيطرة الكاملة، وبالتالي فيرى أن الخيار هو الحل السياسي، ناهيك عن وجود أولويات ذات أهمية قصوى غير الملف اليمني؛ حيث باتت خيارات المجتمع الدولي مرهونة بديناميات الصراع الجيوسياسي العالمي في المنطقة»، وفق تعبيره.

  • الحلول الممكنة

مع انسداد الأفق أمام الجهود الأممية لتمديد الهدنة اليمنية حتى الآن، وتصاعد الهجمات الإرهابية الحوثية، يعتقد الباحث والكاتب اليمني عبد الستار الشميري، أن هناك كثيراً من الحلول في جعبة المجتمع الدولي، ومنها تفعيل القرارات السابقة وتنشيطها؛ لأنها تحت البند السابع، إضافة إلى معاقبة إيران، ومؤازرة التحالف الداعم للشرعية، من أجل تنشيط الجهود العسكرية.

ويرى الشميري في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن من ضمن الحلول الممكنة «تحريك الجبهات، وإعطاء الثقة للشرعية بأنها قادرة على تحريك الملف العسكري الذي لم يستنفد خياراته؛ حيث باتت إعادة التفكير فيه ضرورة ملحة»، وفق تعبيره.

ومع تأكيده أن الأمم المتحدة أولاً وأخيراً «ليست جمعية خيرية»، وأن مبعوثيها إلى اليمن يحرصون أولاً على تحقيق مصالح الدول المهيمنة على المنظمة، يجزم الشميري بأن «الرهان على المجتمع الدولي لحل القضية اليمنية بات رهاناً خاسراً».

الباحث اليمني فارس البيل، يقترح «أن يغير المجتمع الدولي من آلية تعامله مع الحوثي، بالانتقال إلى مرحلة جادة من التعاطي الحاسم»، ويرى أن العالم يمتلك وسائل ضغط عديدة، منها «الملاحقة المالية، ومعاقبة قيادات الميليشيا، والتضييق على تحركاتها، وفرض العقوبات».

من جهته، يقترح محمود الطاهر أنه «في حال استمر الحوثي في الرفض، فلا بد من أن يعلن المبعوث الأممي عدم مقدرته على استكمال محاولة ترتيب مشاورات يمنية حوثية».

ويقول: «هناك كثير من الأدوات لدى الأمم المتحدة، تبدأ بالتصنيف الإرهابي، وصولاً إلى تشكيل تحالف دولي وفقاً للفصل السابع؛ حيث يحق لمجلس الأمن تشكيل قوة عالمية لردع الإرهاب، لا سيما أن الإدانات لا تكفي لردع الميليشيا؛ لأنها أصبحت مجرد تعبير سياسي متعارف عليه، ولا تضر ولا تنفع، وإنما يعتبرها الحوثي إشارة من المجتمع الدولي لاستمرار العمليات الإرهابية».

زر الذهاب إلى الأعلى