تقول أوساط سياسية يمنية إن ضبط البحرية الأميركية لأطنان من المواد المتفجرة قادمة من إيران باتجاه اليمن، يكشف عن مخطط إيراني خطير لتفجير الوضع اليمني، لاسيما وأن إرسال هذه الشحنة جاء بعد أيام قليلة من تهديد للحوثيين بخوض معارك بحرية مؤلمة ضد التحالف العربي.
وتلفت الأوساط إلى أن الشحنة الضخمة التي تم ضبطها، تعكس في واقع الأمر دور إيران التخريبي لأي جهود لتطبيع الوضع في اليمن، حيث أن من مصلحة طهران تصعيد الموقف، وإبقاء الأزمة مشتعلة في لعبة المساومات التي تخوضها مع القوى الإقليمية والدولية.
وتشير الأوساط إلى أن إيران تحرص على إبقاء دول التحالف ولاسيما السعودية تحت الضغط، وأنه من المنتظر حصول تصعيد حوثي كبير بناء على طلب من إيران، التي وجهت في الأيام الأخيرة سلسلة من الاتهامات للمملكة بلعب دور في تأجيج الاحتجاجات التي تشهدها منذ أكثر من شهرين.
وقال الأسطول الخامس بالبحرية الأميركية الثلاثاء إنه اعترض سفينة صيد كانت تهرب كميات “ضخمة” من المواد المتفجرة أثناء عبورها من إيران على طريق في خليج عمان يُستخدم لتهريب أسلحة إلى جماعة الحوثي اليمنية.
وأوضح الأسطول الخامس في بيان أن القوات الأميركية عثرت على أكثر من سبعين طنا من فوق كلورات الأمونيوم، التي تستخدم عادة في صناعة وقود الصواريخ وكذلك المتفجرات.
واتهم التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ويقاتل الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن منذ العام 2015، إيران مرارا بتزويد الجماعة بالأسلحة، وهو ما تنفيه طهران.
وقال نائب الأميرال براد كوبر قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية والأسطول الخامس والقوات البحرية المشتركة “كانت هذه كمية ضخمة من المواد المتفجرة، تكفي لتزويد أكثر من عشرة صواريخ باليستية متوسطة المدى بالوقود حسب الحجم”.
وأضاف أن “النقل غير القانوني للمساعدات القاتلة من إيران لا يمر مرور الكرام. إنه أمر غير مسؤول وخطير ويؤدي إلى العنف وزعزعة الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
ويأتي ضبط هذه الشحنة بعد أيام قليلة من تلويح الجماعة اليمنية الموالية لإيران بتصعيد نطاق استهدافها للموانئ والمنشآت النفطية الواقعة في مناطق نفوذ الحكومة، وخوض معركة بحرية “شديدة” ضد التحالف العربي.
جاء ذلك في تصريحات نقلتها حينها قناة “المسيرة” الناطقة باسم الحوثيين، لرئيس هيئة الاستخبارات والاستطلاع الحوثية عبدالله يحيى الحاكم، حيث قال إن “العدوان (في إشارة إلى التحالف العربي) لم يصل إلى نقطة السلام في اليمن رغم الهدنة، ويسعى لتحقيق أطماعه”.
وأضاف الحاكم أن “المواجهة البحرية المتوقعة قد تكون من أشد المعارك مع التحالف. البحر مليء بدول العدوان ووسائله العسكرية، وهي تناور، وليست صادقة على إنهاء الحرب”.
وتابع “من الخطأ الركون إلى التهدئة، والمطلوب تعزيز أنظمة وأدوات الردع عسكريا وعلى كل الصعد”.
ويمتلك الحوثيون ترسانة من “الزوارق البحرية” المسيّرة عن بعد، سبق أن استخدموها في تنفيذ عمليات هجومية ضد القطع الحربية التابعة للتحالف العربي الموجودة في عرض البحر قبالة سواحل اليمن، وأيضا السفن النفطية والتجارية خلال الأعوام الماضية.
ونجح الحوثيون بفضل الدعم الإيراني في تطوير منظومة سلاحهم البحري، وقد كشفوا في نوفمبر 2017 عن امتلاكهم لمنظومة صواريخ بحرية محلية الصنع، يطلق عليها “المندب 1”.
وذكر تقرير لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة مطلع عام 2017 امتلاك جماعة الحوثي قدرات تكنولوجية بحرية تمكنها من شن هجمات دقيقة على السفن، مستدلا على ذلك بدقة الهجمات التي تعرضت لها بعض سفن التحالف العربي خلال عام 2016، ومنها الفرقاطة السعودية التي تحمل اسم (المدينة 702).
وقال الأسطول الخامس إن السفينة التي تم اعتراضها كان يقودها طاقم من أربعة يمنيين، وكانت تحمل 100 طن من سماد اليوريا الذي يستخدم في الزراعة، وأيضا في صنع المتفجرات.
وأضاف أن القوات الأميركية أغرقت السفينة الأحد في خليج عمان لأنها كانت “تشكل خطرا على الملاحة للشحن التجاري” وتم تسليم طاقمها إلى خفر السواحل اليمني.
وفي ديسمبر الماضي ضبط الأسطول الخامس شحنة بنادق وذخيرة في سفينة صيد قال إنه يعتقد أن منشأها إيران وإنها كانت في طريقها لإمداد الحوثيين.
ويرى مراقبون أن طبيعة الشحنة المكتشفة مؤخرا تعكس جدية تهديدات الحوثيين تجاه الحكومة المعترف بها والتحالف العربي، حيث تعتقد الجماعة وراعيتها إيران أن بوسعهما عبر تصعيد كبير فرض أمر واقع جديد.
ويتخذ الحوثيون من مسألة دفع رواتب العاملين في مناطق سيطرتهم ورفع القيود عن موانئ الحديدة ومطار صنعاء إلى الجانب المطالبة بحصة من عوائد النفط والغاز في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، ذريعة للتنصل من أي التزامات للاستمرار في الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في أبريل الماضي، وتم تجديدها مرتين قبل أن تصطدم جهود تمديدها برفض حوثي ما لم تلب شروطهم.
وسبق وأن وصف المجتمع الدولي مطالب الحوثيين بـ”التعجيزية”.
وحذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي لدى لقائه الاثنين سفراء عدد الدول دائمة العضوية في جلي الأمن والاتحاد الأوروبي، من أن الهجمات الحوثية الأخيرة على الموانئ النفطية من شأنها أن تؤدي إلى نسف السلام وعجز الحكومة عن الإيفاء بالتزاماتها حيال المواطنين اليمنيين.
وعمدت جماعة الحوثي مؤخرا إلى شن هجمات على عدد من موانئ النفط في محافظتي شبوة وحضرموت الجنوبيتين أطلقت عليها “عمليات تحذيرية”، قبل التصعيد الكبير في حال لم تلبّ مطالبها.
ولفت العليمي إلى أن الهجمات الإرهابية الحوثية على البنى التحتية الاقتصادية من شأنها أن تنسف أي مساع لتحقيق السلام، فضلا عن تداعياتها الإنسانية الكارثية التي قد تشمل عجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين والوفاء بالتزاماتها الأساسية تجاه المواطنين، ما يؤكد احتفاظها بحق الرد على تلك الانتهاكات المدعومة من النظام الإيراني.
وقال “إن هذا التصعيد من جانب الميليشيات الحوثية يؤكد مدى ارتهانها للنظام الإيراني الذي يدير عملياته في المنطقة حرسه الثوري من غرفة سوداء واحدة”.
ووضع رئيس مجلس القيادة الرئاسي السفراء الأجانب أمام الإجراءات الحكومية لردع الانتهاكات الإرهابية للقانون الدولي بموجب قرار مجلس الدفاع الوطني بتصنيف الميليشيات الحوثية منظمة إرهابية، مطمئنا مجتمع العمل الإنساني بمراعاة تدخلاتها الإغاثية في جميع أنحاء البلاد.