المعروف بالضرورة لأيّ متابع لملف “تعز” خلال السنوات الثمان الماضية، أن “عدنان الحمادي” كان صاحب الطلقة الأولى في عملية التحرير، وأن جماعات سلفية على رأسها جماعة “أبو العباس”، ومجاميع من كافة أبناء المحافظة شاركت في هذه العملية بشكل رئيسي، وضحّت فيها بالكثير من الدماء والأرواح.
“جماعة الإخوان”. كانت إحدى القوى التي شاركت في هذه المعركة. وإن كانت خلال كل ذلك. تقف في الصفوف الخلفية، للسطو على العقارات والمؤسسات العامة والخاصة، وحتى على بلاط وأثاث البيوت، قبل أن تقوم تدريجيا وبطرق مختلفة، بالتخلص من تلك القوى التي كان لها الفضل الأول في تحرير ما أمكن تحريره من تعز.
حتى “حمود المخلافي” الذي تزايد هذه الجماعة أحيانا بانتمائه إليها، شارك في معركة تعز، كشيخ لا كعضو في جماعة، وكمقاول لا كصاحب قضية.. ومع ذلك قامت الجماعة بتحجيمه ومضايقته، وتصفية أحد إخوته.. فلم يجد أمامه غير الهجرة بعيدا عن المدينة التي استحوذ الإخوان فيها على كل شيء.
وجرياً على عاداتها.. تحاول الجماعة اليوم، ومنذ البدء. السطو على تضحيات الآخرين، بالزعم أنها قدمت الكثير من التضحيات، وبالتالي من حقها “شرعا” أن تكون صاحبة الأمر والنهي، وأن تستأثر بالوظائف والمصالح والامتيازات في هذه المحافظة المحاصرة التي ما يزال جزء كبير منها تحت سيطرة الجماعة الحوثية.!
لكن. حتى بافتراض أن هذه الجماعة حررت هذه المدينة بمفردها، وقدمت وحدها كل التضحيات.. التضحية وحدها لا تكفي للتملك. نحن هنا أمام وطن لا أمام “لُقية” بلا صاحب. مفارقة تذكّر بحكاية “الأسد” الذي بشّر الحمار “الأتان” بأنه لقى جحشها التائه، وأكله كمكافأة له.!
ثمّ إن هذه الجماعة قاتلت في تعز. رسميا ونظريا. باسم “الشرعية”، وبأدواتها وسلاحها، لا بغرض أن تجعل منها إمارة خاصة، وحتى بعد جعلها إمارة خاصة. هناك التزامات بالمقابل، تتعلق بالأمن والنظام والقانون.. جريمة أن تستحوذ هذه الجماعة على هذه المدينة، وتتركها نهبا للفوضى والعنف والقذارة.. يديرها البلاطجة واللصوص ورجال العصابات.
في أسوأ الأحوال. “تعز” ليست مناسبة أن تكون غنيمة حرب، وإلا فعدنان الحمادي وأبو العباس، وغيرهم. كانوا أحق بها، من هذه الجماعة، التي من يوم سيطرتها على المدينة، تحت غطاء الشرعية، لم تحرر شبرا منها، بل دخلت في هدنة ثنائية خاصة مفتوحة مع “الجماعة الحوثية”، ومعارك سياسية وعسكرية وإعلامية مع شركاء القضية والمقاومة والسلاح..!