المنح الدراسية.. عبث يضع الرئاسي والحكومة في مأزق
يمن الغد/ عبدالرب الفتاحي
أثير مؤخراً عبث المنح الدراسية كاشفا عن فساد خطير تورط به مسؤلين في الحكومة سيطروا على المنح الدراسية، لتكون مخصصة لأبنائهم وأقربائهم خلال السنوات السابقة ،وفق المناصب التي يمثلوها وتأثيرها.
خصخصة الدولة:
العبث في المنح يكشف كيف تحولت الدولة وكأنها ملك لمسؤلين بعينهم حيث تتوزعت المنح لفئات محددة وفي دوائر ضيقة، بينما وزراء ومسؤلين وسفراء متورطين بفساد متشعب ،ويظهر فساد المنح تضخم الفساد وتحوله لشبكة هائله وعميقة.
شكَّل توزيع المنح وتقاسمها بين أبناء المسؤلين اليمنيين في كافة التخصصات، للدراسة في الخارج صدمة للكثير من اليمنيين ،وهذا بدوره عمق أزمة الثقة وأدى للتشكيك بمدى تعاطي المجلس الرئاسي في معالجة الفساد، وذلك مع وجود ارتباط له بهذه التجاوزات .
وخلق فساد المنح استياء واسع أوساط اليمنيين، بعد أن ظهر أسم نجل للرئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي وأحفاده في منح دراسية إلى كندا وهناك ابناء العديد من المسؤلين الذين أعطيت لهم المنح وفق طبيعة وجود آبائهم في مراكز سياسية مهمة بالدولة ،وهذا ما عمق استياء واسع واتهام الحكومة والرئاسة بالفساد ومحاولة تحويل الدولة لملك خاص لقطاع من المسؤلين ،الذين يسعون لخصخصة الدولة وتدمير وظيفتها ورعايتها الجميع.
فساد وتدمير للدولة:
يذهب عبد العزيز ردمان “سياسي” إلى اعتبار قضية توزيع المنح لمسؤلين من الدرجة الأولى والدرجة الثانية والثالثة، ووجود أقرباء لرئيس المجلس الرئاسي، ضربة لسمعة الرئيس الذي كان يتطلع اليمنيون منه انقاذ واقع اليمن، وهو ما يجعله في موقف صعب ويشكك بنجاح الخطوات التي يتخذها الرئيس في التأثير السياسي والاقتصادي مستقبلا .
ويعتبر عبد العزيز ردمان أن القضية تسيء لسمعة قيادات كبيرة في الدولة، إذ توضح الصورة عن سلوكيات هؤلاء وتعاملهم مع الدولة، بحدود وفكرة غير كاملة ومحدودة، عندما يريدون الاستفادة من واقع الدولة في اطار مصالح خاصة .
وقال عبد العزير ليمن الغد ” الخطورة في فساد المنح أن هناك من تعامل مع اليمنيين بشكل همجي ،وحاول حرمان الكثير من الأذكياء وفرض سياسات تحددت على مراحل ،لجعل المنح والمناصب قائمة بناء على رغبة المسؤلين ومصالحهم في توفير بيئة خاصة بهم ،للحصول على امكانيات كبيرة بعيدا عن القانون والمعايير”
فتحي بن الزرق في حسابه في تويتر أبدأ استغرابه بعد أن اطلع على كشوفات المنح الدراسية في الخارج، ووفق رأيه فإنه وصل لقناعة ان اليمنيين امام عصابة متكاملة الأركان بمسمى حكومة ودولة.
وحسب ما تناوله في تغريدته، فإن حالة الافساد التي يعيشها اليمنيين اليوم لم تحدث في التاريخ اليمني.
ووصف المسئولون الحاليون على أنهم أكثر فئة منحطة ،ولن يأتي من هو أسوأ منهم على الاطلاق ووجوب ثورة شعبية بات امر غير قابل للتأجيل.
انهيار روح المسؤولية:
محمد أحمد نعمان كاتب وسفير سابق ركز على ما تثيره الكشوفات المسربة، عن منح دراسية ومساعدات مالية لابناء مسؤولين ميسورين ،من جدل اخلاقي وقانوني يستحق التوقف عندها.
لكن نعمان يرى أن انهيار الشعور بالمسؤولية الاخلاقية، صار شعار مرحلة ما بعد ٢٠١٥ وصارت الخزينة العامة تنهب دون رقيب او حسيب.
كامل الخوداني كاتب وصحفي، هو الأخر أستغرب من ما أثاره فساد المنح من ردة فعل ،وما خلقه من رفض كبير من قبل اليمنيين .
ويرى الخوداني أن كشوفات المنح المسربة والتي معظمها لابناء المسؤولين، إنما هي مصفوفة تقاسم البلاد وثرواتها ومناصبها وايراداتها ووزاراتها ومؤسساتها ،وملحقياتها حتى قطاعها الخاص بين لوبي ديني قبلي سياسي عسكري حزبي عميق، يتقاسم حتى محافظات كامله مش بس منح دراسيه.
أحمد فوزي كاتب تطرق إلى عملية النهب للمنح والاعتمادات، واشتراك مسؤلين يمنيين في هذا العبث والنهب .
وأكد فوزي عن مصادر خاصة به أن هناك كثير من الأسماء من الذين انتهت منحهم ،وعادوا إلى اليمن ولكن ماتزال أسمائهم موجودة في قائمة الاعتمادات ويتم تسليم الارباع للمسؤولين الماليين، في السفارات اليمنية في الخارج ويتم سرقتها ومقاسمتها ومحاصصتها بين طاقم السفارات .
اختلالات متراكمة:
خلال سنوات الحرب تشكلت طبقة عميقة من المسؤلين في التعليم العالي، والخارجية عملت على ربط نفسها بمصالح الدولة لتجعلها محددة بفساد أكثر تشعب، وهذا ماجعل فساد المنح يتوسع مع حجم المسؤلين الكبار سواء في الرئاسة والحكومة .
ويجد موسى عبد الله حميد ناشط حقوقي، أن خطورة فساد المنح يأتي مع غياب المعايير وربط المنح بمصالح القوى النافذة داخل الدولة، لكي يمنحوا أنفسهم وأولادهم مقدرة كبيرة في ورثة المناصب، والحصول على مساحة وفرص كبيرة في الدولة .
ويعتقد موسى أن جذور فساد المنح يقوم حول طبيعة انتهاك المسؤلين لوظيفتهم، وهذا أمر فيه خيانة كبرى لإن المسؤل عندما اختار أبنه واختار التلاعب بالمنح ،ليتم تحديدها بشكل سري وعن محاصصات ودون استيفاء الشروط والمعايير ،فهو يريد مواجهة من لديهم القدرة في الحصول على هذه المنح، وهم الاذكياء والذين ينتمون للطبقة الغير قادرة في توفير متطلبات التعليم في الخارج.
وقال موسى ليمن الغد” فساد المنح يمارس بعقلية المسؤول ،الذي ترك له الصلاحية في اختيار ابنه وقريبه، وقام هذا المسؤول بممارسة فساد على درجة كبيرة من الخطورة ،لإنه في هذه السياسات تكون مثل هذه الاجندة تدمير الكفاءات وتحطيم قدرة البلد على المستوى الطويل وتحويل الدولة لغنيمة أمام توحش المسؤلين “
وأضاف أن مخرجات المنح لن تكون مناسبة لبناء الدولة واجراء اصلاحات سياسية واقتصادية لأن المنح في الأساس هي في الواقع خذلت الكفاءات ومنحت الفاشل الفرصة لينافس ويتخرج بناء على فشله وماديته وهذا يعد كارثة مستقبلية إذا حصلت مثل هذه الشخصيات على مناصب مؤثرة وحساسة فهم فاسدين وفاشلين حاضرا ومستقبلا.