الأمم المتحدة: الإعدامات سلاح “لبث الرعب” في محاولة للقضاء على المعارضة
قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن الحكومة الإيرانية تنتهك القانون الدولي من خلال استخدام الإجراءات الجنائية وعمليات الإعدام كسلاح “لبث الرعب في نفوس السكان” في محاولة للقضاء على المعارضة في سياق الاحتجاجات العارمة التي تشهدها البلاد.
وبحسب بيان أصدره تورك الأربعاء، فإن المحاكمات السريعة التي جرت الشهر الماضي، والتي لم تستوف الحد الأدنى من معايير الإجراءات القانونية، جعلت إعدام أربعة أشخاص في إيران “بمثابة حرمان تعسفي من الحياة”.
وأضاف أن: “استخدام الإجراءات الجنائية كسلاح لمعاقبة الناس على ممارسة حقوقهم الأساسية – مثل المشاركين في المظاهرات أو تنظيمها – يرقى إلى حد القتل الذي تجيزه الدولة”.
وأفاد مكتب المفوض السامي أن عمليات الإعدام الأربعة نُفِّذت جميعها سراً دون إبلاغ عائلاتهم، وهو ما يشكل في حد ذاته انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وبحسب التقارير، فقد حُكم على ما لا يقل عن 17 شخصا آخر بالإعدام، ويواجه ما يصل إلى 100 شخص تهماً بارتكاب جرائم يُعاقب عليها بالإعدام.
خدمة مصالح الشعب
وشدد المفوض السامي على أن الحكومة الإيرانية “ستخدم مصالحها ومصالح شعبها بشكل أفضل من خلال الاستماع إلى مظالمهم، ومن خلال إجراء الإصلاحات القانونية والسياسية اللازمة لضمان احترام تنوع الآراء، والحق في حرية التعبير والتجمع، والاحترام والحماية الكاملين لحقوق المرأة في جميع مجالات الحياة”.
وكان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد سجل عدة انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك تطبيق أحكام جنائية غامضة الصياغة، والحرمان من الوصول إلى محامين من اختيار المتهمين، والحق في تقديم دفاع، واعترافات قسرية تم الحصول عليها عن طريق التعذيب وسوء المعاملة، وعدم احترام افتراض البراءة، والحرمان من الحق الجاد في استئناف الإدانة.
وكرر المفوض السامي دعوته إلى حكومة إيران “باحترام حياة وأصوات شعبها، وفرض وقف فوري لإصدار عقوبة الإعدام، وإيقاف جميع عمليات الإعدام”. وشدد على ضرورة أن تشرع البلاد في الإصلاحات التي يتطلبها ويطالب بها شعبها من أجل احترام حقوق الإنسان وحمايتها.
تهم غامضة
وفي حديثه إلى الصحفيين في جنيف، قال رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمفوضية حقوق الإنسان، محمد النسور، إن العديد من التهم الموجهة إلى المتظاهرين غامضة الصياغة، بما في ذلك الافساد في الأرض ومحاربة الله والبغي.
وقال النسور إن المفوضية السامية على اتصال دائم بالسلطات الإيرانية على مختلف المستويات، بشكل شبه يومي. وأكد استلام تقارير من الجانب الإيراني توضح الإجراءات التي اتخذتها السلطات، لكنه شدد على استمرار الاختلافات في وجهات نظر، خاصة فيما يتعلق بالمعايير الدولية. وقال إن المفوضية منفتحة على إجراء مزيد من المناقشات وتقديم الدعم الفني لإيران، لكنه شدد على أنها لا تستطيع التزام الصمت فيما تشهد البلاد انتهاكات خطيرة.
وردا على سؤال حول قضية محمد بوروغاني ومحمد غباديو، اللذين يواجهان إعداماً وشيكاً وفقاً للمعلومات التي تلقتها المفوضية السامية، قال النسور إنهما متهمان أيضاً بـ “الافساد في الأرض” لإهانة ضباط أمن. وقال إن الشابين واجها “محاكمات سريعة دون ضمانات قانونية، ودون تعيين محام من اختيارهما، وحتى دون الوصول إلى ملفات القضية في المحكمة العليا، وهو ما يتعارض أيضاً مع المعايير الدولية”.
وقال رئيس قسم الشرق الأوسط إن المفوض السامي، فولكر تورك، أعرب عن رغبته في زيارة إيران للتواصل مباشرة مع المرشد الأعلى ومسؤولين آخرين، لكن لم يتم الاتفاق على موعد لتلك الزيارة. كما أكد أن السيد تورك سيلتقي بمسؤولين إيرانيين في جنيف “في وقت قريب جداً”.
رفض استخدام عقوبة الإعدام
قال النسور إن إيران صادقت على صكوك حقوق الإنسان الرئيسية، بما في ذلك الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، لكنها سجلت تحفظات تتعلق بالمادة السادسة التي تتناول عقوبة الإعدام، كما فعلت العديد من الدول الإسلامية الأخرى. إلا أنه أشار إلى أن هناك إجماعاً على أن عقوبة الإعدام يجب أن تطبق فقط عند استيفاء عتبة الجرائم الأكثر خطورة، “وهذا ليس هو الحال في سياق الاحتجاجات، للأسف”.
وقال إن البلاد شهدت تظاهرات حاشدة مناهضة لتطبيق عقوبة الإعدام، مما يظهر رفض الشعب الإيراني الشديد لاستخدامها ضد المحتجين.