ولاءات وابتزاز.. تعز تدفع “فاتورة” هيمنة الإخوان
استغلت جماعة الإخوان تواجدها العسكري بمحافظة تعز للسيطرة على قرار السلطة والجيش والأمن، وبناء قواتهم الخاصة.
وتقول مصادر محلية مطلعة إن الجماعة وجناحها السياسي؛ حزب الإصلاح، يعمل على تفكيك الجيش وإرهاقه بالولاءات المشبوهة، وتعزيز جناحهم العسكري مستغلين سيطرة الجماعة على مناصب قيادية بمحور تعز.
وأشارت المصادر إلى أن هذا النهج الإخواني تسبب في ظهور فصائل مسلحة تنتمي ظاهريا للحكومة الشرعية، فيما يتعارض وجودها مع مساعي بناء الدولة المدنية الحديثة.
وعلى مدار 8 أعوام مضت حظي محور تعز، بمساحة كبيرة في قوام وزارة الدفاع والداخلية، إذ إن عملية دمج مسلحي “المقاومة الشعبية” منذ عام 2017، تقوم على تقديم ترقيات ورتب عسكرية يتلقاها أشخاص محددون، باعتبارهم شركاء في المعركة الوطنية ضد الحوثيين، لكن هذه الترقيات والرتب العسكرية لا تصل لمستحقيها باعتبارهم شركاء في المعركة الوطنية، بل تذهب إلى عناصر إخوانية، بحسب المصادر.
تصنيف وإقصاء
وطالما عرف النهج السياسي للإصلاح بنموذجه المعتصم حول ذاته والرافض لمفاهيم الشراكة والتوافق، الأمر الذي تجلى في سيطرة الحزب على الملفين العسكري والأمني.
ونجحت الجماعة في تحجيم الجيش الوطني بما يخدم نفوذه، من خلال إقصاء العسكريين والضباط من خريجي الكليات العسكرية والأمنية واستبدالهم بعناصرها الذين يحصلون على دورات تدريبية بهدف دمجهم في قوام وزارة الدفاع والداخلية، ليتلقوا تبعًا لذلك ترقيات ورتب عسكرية.
ويقول مصدر أمني محلي، طلب عدم ذكر اسمه: “كنا شركاء في هذه الحرب، قدمنا دماءنا وتواجدنا كغيرنا من أبناء محافظة تعز، وحين جاء وقت الترقيات والرتب العسكرية كانت الأولوية لأشخاص مستجدين” ينتمون للإخوان.
وأضاف: “المشكلة الأكبر أن من تلقى هذه الترقيات أشخاص غير مؤهلين، ولكنهم من شباب الإصلاح وكان ذلك كافيًا ليتم الدفع بهم من خلال دورات تدريبية هزيلة تلقوها في محافظة مأرب أو تعز”.
وأشار إلى أن هؤلاء الشباب كان بعضهم في عام 2016 ضمن فصيل مسلح عرف حينها بـ”لواء الطلاب” وعرفوا بارتباطهم بالقطاع الطلابي لحزب الإصلاح، وهم اليوم من يحاول الإصلاح جاهدا الدفع بهم لإدارة الملف الأمني في تعز، لا سيما في مناطق الحجرية وريف تعز.
وقال المصدر: “في البداية كان الإصلاح يعمل على نقل عناصره إلى محافظة مأرب، وهناك يتم تدريبهم ليتلقوا بعد ذلك دورات عسكرية أكاديمية، في مدة لا تزيد عن 4 أشهر، ثم يعودون إلى تعز حاملين رتبا رسمية، أما الآن فتجري هذه الدورات في مدينة تعز نفسها”.
وأردف: “لا أريد ذكر أسماء ولكن حتى أولئك الشباب الذين كانوا يحملون الأكياس البلاستيكية ويمشون خلف القيادات السياسية لحزب الإصلاح في محافظة تعز، حصلوا على ترقيات ورتب عسكرية ومعظمهم ما زالوا طلاب جامعيين”.
من السيطرة إلى الابتزاز
وأوجد حزب الإصلاح شرخا كبيرا داخل معسكر الحكومة الشرعية، عبر ترسيخ ولاء الأفراد بما يتنافى مع المفاهيم والأعراف العسكرية، الأمر الذي سمح له بابتزاز الحكومة الشرعية، إذ استخدم مسمى الجيش الوطني في خطابه ليمارس من خلاله مختلف أشكال الضغط التي يتمكن عبرها من تمرير مشاريعه المشبوهة.
ويقول العقيد عبدالكريم العنسي، وهو ضابط في الجيش اليمني: “تمكن حزب الإصلاح من بناء جناحه العسكري بصفة رسمية ومسميات قانونية، إذ عمد في البداية إلى إقصاء من لا يدينون له بالولاء المطلق، ثم قام بفرض عناصره على وزارتي الدفاع والداخلية.
وأضاف في حديثه لـ”العين الإخبارية” أن “معظم من حصلوا على هذه الرتب العسكرية، ويديرون اليوم مناصب حساسة سواء في القطاع الأمني أو العسكري، معظمهم من عناصر حزب الإصلاح، وهم غير مؤهلين ولا يمكنهم فرض واقع جديد، غير أن الهدف من تواجدهم هو المضي في مشاريع تحددها لهم مقرات الحزب”.
وأشار إلى أن: “الإصلاح يستخدم مسمى الجيش الوطني لابتزاز الحكومة الشرعية، فيما يسعى إلى تحقيق أجنداته وتعزيز نفوذه العسكري داخل الحكومة التي نجح بتدجينها خلال الثمانية أعوام الماضية”.
ويرى أنه في حال أرادت الحكومة الشرعية بناء جيش وطني حقيقي: “فعليها أن تسعى لرفع يد الإصلاح عن الملف العسكري والأمني، وتقليص نفوذه بشكل تدريجي حتى تتمكن من تعزيز الولاء الوطني داخل معسكرات الجيش والمؤسسة الأمنية بما يخدم مصلحة اليمن واليمنيين بعيدًا عن التأثيرات الخارجية”.