ارتفاع أسعار الأسماك في عدن يفاقم معاناة السكان

اعتادت أم صابر شراء السمك كوجبة غداء لا يستغني عنها أولادها الأربعة، إلا أن الارتفاع الحاد في أسعار السمك في مدينة عدن الساحلية حرم أولادها من هذا الطبق اليومي.

وتشهد عدن، أزمة كبيرة في المعروض من الأسماك مع اختفاء كثير من الأصناف وبالتالي ارتفاع أسعارها بنسبة 100 في المئة ليتراوح بعضها بين 12 و15 ألف ريال يمني للكيلو الواحد (10 و12 دولارا).

ويمثل سمك التونة أبرز الأنواع التي تعتمد عليها غالبية الأسر ذات الدخل المتوسط والمحدود كوجبة رئيسية نظرا لأنه أقل سعرا.

وقالت أم صابر الموظفة في مؤسسة حكومية بعدن، وعلى ملامحها الغضب لرويترز “لم أتوقع يوما أن يختفي الثمد (سمك) من وجبة الغداء التي نعتمد عليها منذ سنوات بشكل أساسي، ليأتي ارتفاع الأسعار ليكمل على ما تبقى لدينا من صبر”.

ووجهت أم صابر وهي أرملة رسالة للرئاسة والحكومة، قائلة “التفتوا لما يعانيه الشعب من أزمات متتالية، أولادنا جاعوا وجعنا، يكفي هبوط قيمة الريال قتلنا، وأصبحنا عاجزين عن توفير متطلبات الحياة الأساسية بسبب ارتفاع الأسعار والغلاء الكبير”.

ويرجع جنوبيون ارتفاع الأسعار إلى استمرار تهريب الأسماك إلى الدول المجاورة وخصوصا السعودية وسلطنة عمان رغم صدور قرار حكومي قبل عام يمنع تصدير بعض الأصناف المهمة.

وذكرت مصادر محلية ومتعاملون في تجارة الأسماك بعدن لرويترز أن عمليات تهريب الإنتاج السمكي إلى دول الخليج وتحديدا السعودية وسلطنة عمان، تعد المعضلة الأهم وراء زيادة الأسعار.

وأوضحت المصادر، لم تكشف رويترز عن هويتها، أن معظم الإنتاج السمكي من خليج عدن يُهرب عبر ثلاث مراحل.

وتبدأ المرحلة الأولى بنقل الشحنات إلى منطقة شقرة الساحلية بمحافظة أبين على بحر العرب وتبعد 130 كيلومترا شرق عدن، ثم تنقل إلى مدينتي المكلا وسيئون بحضرموت ثم إلى الغيضة عاصمة محافظة المهرة الحدودية مع عمان كمرحلة ثالثة.

وتشبه مصادر أمنية وصيادون تهريب الأسماك بتجارة المخدرات، إذ يسلك سائقو الشاحنات طرقا بعيدة عن أنظار نقاط الأمن في معظم الأوقات.

وأصدر وزير الزراعة سالم السقطري في ديسمبر 2021 قرارا بمنع تصدير بعض أصناف الأسماك الطازجة إلى الخارج، خاصة إلى السعودية ودول الخليج، وذلك لشحها في الأسواق المحلية وارتفاع أسعارها بهدف تخفيف الأعباء على المواطنين.

وأكد السقطري لرويترز أن قرار منع تصدير بعض الأصناف المهمة من الأسماك مُطبق منذ أكثر من عام.

وأضاف أن “مسؤولية الأسعار وضبطها مسؤولية عامة، فهناك سلطات مخولة بالقانون لضبط حالة الأسعار وسلامة المواد والأغذية، فضلا عن سلطات محلية بالمحافظات ووزارة الصناعة والتجارة، وأجهزة كثيرة مرتبطة بالصحة والغذاء والكل مكمل بعضه”.

ويقول صيادون محليون إن أسعار الأسماك زادت إلى الضعف بسبب قلة حصيلة الصيد نتيجة سوء الأحوال الجوية والمخاطر التي يتعرض لها الصيادون أثناء عمليات الصيد، وكذلك ارتفاع أسعار الوقود الخاص بمراكب الصيادين والنقل مما قلص هوامش ربحهم. ويفضل كثيرون إرسال حصيلة صيدهم إلى الخارج مقابل العملة الصعبة.

ويؤكد الصياد هديل محسن صالح أنه يخاطر بحياته من أجل الصيد الذي يقتات منه لإطعام أسرته بسبب الرياح الشديدة والأمواج العاتية التي أوقفت الصيادين بشكل كلي خلال الفترة الماضية، لكن هناك أياما تتحسن خلالها حركة الرياح وتكون خفيفة.

وقال “ما أحصده من الصيد أبيعه بالسوق مع احتساب تكاليف الوقود وغيرها من أدوات رحلة الصيد لكن من يشتري منتوج الصيادين من التجار والباعة يعمل على رفع الأسعار للمستهلك بصورة مبالغ فيها وذلك لتحقيق أرباح كبيرة”.

وتابع “نحن نغامر في ركوب هذه الأمواج وتخطي الرياح الشديدة، ونذهب إلى مصير مجهول، فقد نعود إلى الشاطئ الذي ذهبنا منه، أو يلتهمنا البحر ونموت.. هذا حال الصيادين هذه الأيام”.

وتشكل عائدات الصادرات السمكية مصدرا مهما لدخل اليمن من العملات الأجنبية، والقطاع السمكي من القطاعات الإنتاجية المهمة في البلد إذ يحتل المركز الثاني في الناتج المحلي الإجمالي بعد النفط.

ويمتلك اليمن شريطا ساحليا يبلغ طوله أكثر من 2500 كيلومتر غني بالأسماك والثروة البحرية.

وتشير التقديرات والبيانات الرسمية إلى أن إنتاج اليمن من الأسماك والأحياء البحرية كان يبلغ سنويا 200 ألف طن قبل اندلاع الحرب مطلع 2015. وكان يتم تصدير ما بين 40 إلى 50 في المئة من الإنتاج، مما يدر عائدات تقدر بنحو 300 مليون دولار، لكن حجم الإنتاج انخفض إلى النصف.

وقال خالد حسين أحمد وهو موظف حكومي “الآن يصل الكيلو إلى ما بين 10 و12 ألف ريال ما يحرمنا من توفير الوجبة الرئيسية المعتمدة على الأسماك لإطعام أسرنا”.

وأضاف “كنا نشتري نصف الكيلو من سمك التونة بستة آلاف، بعدما كنا نأخذ نفس الكمية بألفي ريال العام الماضي. هذه مصيبة من المصائب حلت على سكان عدن لم نشهدها من قبل في حياتنا”.

Exit mobile version