لم يكن اليمن يوما بعيدا عن مخاطر الهزات الأرضية، فجغرافيًا يطل على “خط الزلازل الدائم”، ولعل زلزال ذمار عام 1982 خير دليل على ذلك.
ففي منتصف ديسمبر/ كانون أول من ذلك العام، كان اليمن على موعد مع أسوأ زلزال في تاريخه على الإطلاق، ضرب محافظة ذمار وسط البلاد، وأودى بحياة نحو 2800 شخص، وإصابة عشرات الآلاف.
لم تتكرر مثل هذه الكوارث في البلاد مرة أخرى، لكن خبراء الجغرافيا وعلوم الجيولوجيا يؤكدون أن اليمن لم يكن يومًا بمنأى عن الهزات الأرضية التي يعيشها بشكل شبه يومي، لأسباب تتعلق بموقعه الجغرافي.
هزات يومية في عدن
يقول الخبير الجغرافي والأستاذ المساعد بقسم الجغرافيا في كلية التربية بجامعة عدن، الدكتور فواز باحميش، إن خليج عدن يقع ضمن امتداد الخط الزلزالي الدائم، وما لا يعلمه الكثيرون أن الخليج يُضرب يوميا بهزات أرضية تتراوح شدتها ما بين 1- 2 درجة على مقياس ريختر.
ويؤكد باحميش لـ”العين الإخبارية” أن هذا الأمر يحدث بشكل يومي في مياه خليج عدن، وكانت تسجله المراصد المحلية التي كانت متواجدة في محافظة ذمار وبعض المرافق في عدن.
الخبير المختص في الجيومورفولوجيا التطبيقية ونظم المعلومات الجغرافية، ومدير مركز دراسات وعلوم البيئة، يعلل أسباب عدم الشعور بهذه الهزات اليومية لأنها تحدث في البحر، وما شعر به سكان عدن قبل نحو أسبوع كانت هزة تجاوزت شدتها 3 درجات، انتقلت من مياه الخليج إلى البر، وهو ما جعلها محسوسة.
تأثيرات زلزال تركيا
وحول إمكانية تأثر مدينة عدن واليمن عموما بتداعيات الزلازل الأخيرة في تركيا وسوريا، قال باحميش إن اليمن يقع على خط الزلزال الدائم الممتد من جنوب شرق آسيا، ويمر بخليج عدن ثم البحر الأحمر، وتفرعاته في إيران والمناطق المجاورة باعتبارها امتدادا واحدا.
ويستطرد: “تأثير زلزال تركيا وسوريا الأخير على اليمن وعدن تحديدا، محكوم بإرادة الله، لكن كل هذه المناطق ما زالت في طور التكوين بالنظر إلى الصفيحة التكتونية، ومتى ما وجدت مناطق هشة تبدأ البؤرة بالانطلاق من باطن الأرض إلى الأعلى من أجل أن تتنفس، وفق المصطلح الجيولوجي، فتحدث الهزة والزلزال”.
ويضيف الدكتور فواز باحميش أن ذلك يحدث متى ما كان هناك اضطراب في باطن الأرض، لكن لا أظن أنه إذا حدث سيكون بسبب الامتدادات أو التأثيرات المتعلقة بزلازل تركيا وسوريا الأخيرة.
ويؤكد الخبير اليمني في ختام تصريحه أن “الزلزال لا يمكن التنبؤ بها أبدا، حتى أكبر المراكز العالمية في أمريكا أو اليابان، إلا حين تحدث بالفعل أو قبل وقوعها بلحظات، وحينها يتم رصد قوتها وشدتها، لكن الزلازل لا يمكن التنبؤ بها قبل حدوثها إطلاقا..
التأثر بحزام الزلازل
ما ذكره باحميش، اتفق معه أستاذ جيولوجيا المياه في جامعة تعز اليمنية الدكتور أحمد عبدالعزيز، وأكد لـ”العين الإخبارية” أن اليمن يتأثر بالفعل بحزام زلازل البحر الأحمر، وخاصة الركن الجنوبي الغربي.
وأضاف عبدالعزيز أن هناك نوعين من هذه الزلازل، الأول هو “زلازل عميقة”، وتحدث نتيجة حركة الصفائح التكتونية المكونة للأرض، فالأرض مكونة من حوالي سبعة صفائح كبيرة، تعوم على السائل المكون لجوف الأرض، وهي تتباعد وتتقارب كما لو كانت كألواح تطفو فوق بركة ماء، فعندما يبعد لوح عن آخر أو يصدم بآخر يحدث ارتجاج هائل يمتد على مستوى إقليمي، مثل ما حدث في المحيط الهادي قبل 15 سنة.
ويواصل: “أما النوع الثاني، فهو الأخف مثل ما حدث مؤخرا في تركيا؛ نتيجة حركة لوح شبه الجزيرة العربية بلوح أوروبا، وهذين لوحين صغيرين طبعا، وهناك هزات تحدث نتيجة حركة كتل صخرية ضخمة وهذه النوع أقل قوة”.