على خطى طالبان.. الحوثيون يضطهدون طلبة الجامعات اليمنية
حالة استهجان وصدمة كبيرة يعيشها طلاب وطالبات جامعة ذمار، عقب إقدام رئاسة الجامعة الموالية لمليشيا الحوثي – ذراع إيران في اليمن، على فصل عدد من زملائهم من كلية الهندسة، على خلفية مطالبتهم بحقهم في جانب التطبيق العلمي.
منذ مطلع فبراير، نفذ طلاب كلية الهندسة وتحديداً طلاب قسم الميكاترونكس احتجاجات مشروعة للمطالبة بحقهم في الحصول على جانب التطبيق العلمي والعملي الذي يقدر بنسبة في القسم 70%.
وبحسب المصادر فإن الطلاب نفذوا وقفة احتجاجية سلمية في كلية الهندسة، إلا أن الرد كان قاسياً من قبل رئاسة جامعة ذمار الموالية للحوثيين التي أصدرت قراراً بفصل 6 طلاب على خلفية مشاركتهم وقيادتهم للاحتجاجات المطالبة بحقهم التعليمي والأكاديمي.
واستغرب طلاب الكلية والأكاديميون الإجراء التعسفي بحق الطلاب، موضحين أن ما قامت به رئاسة جامعة ذمار وعمادة كلية الهندسة في الجامعة يعد عملاً مخالفاً للقانون ولم يسبق لأي كلية أو جامعة يمنية أن نفذت مثل هذا العقاب ضد طلاب طالبوا بحقهم في التعليم ولم يرتكبوا جريمة تدعو لفصلهم من الجامعة.
وأكد طلاب الهندسة أن الهدف من وراء فصل الطلاب هو محاولة كبح جماح احتجاجات الطلاب المطالبة بحقهم في الحصول على التعليم الطبيعي والذي يقيدهم ويقويهم قبل الخروج إلى سوق العمل، موضحين أن رئاسة الجامعة وعمادة الكلية تتجاهل المشكلات التعليمية التي يعانون منها وعدم إيجاد حل لقضية قسم الميكاترونكس أو توفير كادر تعليمي متخصص لهذا القسم والتهرب من التعهدات التي تعهدت بها والمتمثلة في توفير معامل وكادر متخصص لقسم الميكاترونكس.
وأشاروا إلى أن عمادة الكلية وأمانة الجامعة أجلتا الامتحانات النهائية في جميع أقسام الكلية إلى ما بعد عيد الفطر؛ بهدف إحداث فتنة بين الطلاب والمراهنة على العملية التعليمية من خلال تمديدها، غير مهتمين بالطلاب ودونما شعور بالمسؤولية أو تأنيب للضمير مما قد يترتب على التأجيل من أعباء ومعاناة للطلاب.
وأكد طلاب كلية الهندسة على ضرورة أن يتم تنفيذ مطالبهم الأساسية وإلغاء القرارات التعسفية التي تم اتخاذها بحق زملائهم وتنفيذ الامتحانات في موعدها قبل شهر رمضان، متوعدين بالتصعيد في حال لم يتم التجاوب مع مطالبهم.
تضييق مستمر
حالة من الفوضى تعيشها الجامعات اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين بين إجراءات قمعية وتعسفية ضد الطلاب والطالبات، خصوصاً بعد تشكيل الميليشيات الحوثية مكونات باتت تعرف بنادي الخريجين أو ملتقى الطالب الجامعي وغيرها من المكونات التي باتت اليوم تقوم بتضييق الخناق على الطلاب والطالبات وبمباركة رئاسة الجامعات المعين من قبل الحوثيين.
لم تسلم الجامعات اليمنية من حزمة الانتهاكات فمع اجتياح صنعاء وسيطرة ذراع إيران على الدولة، وتوسع نفوذ الميليشيات الحوثية وإحكام سيطرتها داخل المنشآت التعليمية بشكل كبير، الأمر الذي مكنها بعد إقصاء القيادات الأكاديمية وإحلال قيادات موالية لمشروعها الطائفي جراء تعديل الكثير من المناهج التعليمية والأكاديمية وإدخال مقررات إضافية دينية وإلزام طلبة الكليات على تلقيها. ناهيك عن عمليات التجنيد والتحشيد التي مارستها المليشيات في صفوف الطلاب تحت مغريات كثيرة مقابل الزج بهم في محارق الموت بإرسالهم لجبهات القتال. كما فرضت رئاسة الجامعات الحكومية الكثير من الأعمال المخالفة للإجراءات والقوانين المنظمة لعمل الجامعات اليمنية وضيقت الخناق على الطلاب لتنفيرهم من جامعاتهم ضمن خطة تدمير القطاع التعليمي التي انتهجته الجماعة المتطرفة منذ الوهلة الأولى لاجتياحها لصنعاء.
إجراءات تعسفية
ما جرى في جامعة ذمار ليس أفضل حال مما يجري في جامعة الحديدة الخاضعة هي الأخرى لسيطرة الحوثيين، حيث تتعرض الطالبات للمضايقات والإجراءات التعسفية من قبل رئاسة الجامعة أو المكونات الطلابية الرقابية التي أسستها الميليشيات الحوثية لمراقبة الطلاب والطالبات وتضييق الخناق عليهم.
وأصدرت إدارة الجامعة قرارات وتوجيهات تلزم الطالبات بنوع موحد من العبايات والبالطوهات التي يلبسنها، إلى جانب منع الجلوس في الكافيهات داخل الجامعة، وكذا إجراءات فيما يتعلق بالجلوس داخل القاعات ودخول الكليات.
وقالت إحدى الطالبات في كلية الفنون الجميلة إنها تعرضت لتهديدات من قبل إدارة الجامعة وملتقى الطلابة -وهو كيان داخل الجامعة موالٍ للحوثيين- وذلك بعد ارتدائها بالطو “عباية غير اللون الأسود”، موضحة أن التهديد طال أيضا الكثير من الطالبات في كليتي الفنون الجميلة والآداب تتعلق بألوان البالطوهات التي يلبسنها.
وأشارت إلى أن التعميمات التي صدرت في الجامعة تطالبهم بارتداء الجلباب الطويل ومنع الجلوس في الكافيه الخاصة بطلاب الجامعة وأيضا منعهم من الدخول للجامعة من ذات البوابة التي يدخلها زملاؤهم الطلاب.
هذه الإجراءات ترافقت مع تشكيل فرقة “زينبيات” -ميليشيات نسائية حوثية- داخل جامعة الحديدة من أجل مراقبة الطالبات وتفتيش حقائبهن لمعرفة محتوياتها وعدم إحضار أدوات الزينة للجامعة، موضحة أن إدارة الجامعة أعطت صلاحيات واسعة لهذه الفرق تحت ما يسمونه التصدي للحرب الناعمة.
وكانت إدارة جامعة الحديدة، في فعاليات طائفية سابقة أقامتها، أكدت أنها ستتخذ إجراءات وقرارات تعزز من “الهوية الإيمانية” داخل كليات الجامعة.
تطابق إرهابي
مصادر أكاديمية في جامعة الحديدة قالت إن هناك قرارات وتوجيهات حوثية تشابه كثيراً ما تنتهجه حركة طالبان ضد الطالبات في أفغانستان أو الإجراءات التي اتخذتها عناصر تنظيم القاعدة وداعش في مناطق سيطرتهم، موضحة أن التعميم الحوثي الأخير حمل عنوان “دليل إرشادي وضوابط عامة لسلوك الطالب الجامعي”، وتضمن عدة قرارات وإجراءات تعسفية ضد طلاب وطالبات الجامعة.
والدليل الحوثي قيد حركة الطلبة الذكور والإناث تحت مبرر منع الاختلاط، من فصل الطالبات عن الطلاب، وتحديد بوابات لدخول الذكور وأخرى للإناث، وتحديد مواصفات خاصة للملابس وقصات الشعر وغيرها من الإجراءات التعسفية التي قوبلت بموجة انتقاد واسعة في أوساط الطلاب والكادر التعليمي.
كما تضمن الدليل منع التصوير داخل الجامعة سواءً بالكاميرات أو حتى بالجوال، ومنع أي رحلات طلابية إلا بموافقة المكونات الحوثية وإدارة الكليات ورئاسة الجامعة، بالإضافة لمنع حفلات التخرج ولبس أي ملابس عليها كتابة إنجليزية أو أي لغة أخرى.
هدف خبيث
مؤخراً كثفت الميليشيات من عمليات استهداف النساء الموظفات في الدوائر الحكومية وداخل الجامعات والمدارس، فالقرارات والتعميمات المعلنة وغير المعلنة هدفها تضييق الخناق على النساء ودفعهن للبقاء في المنازل تحت مبررات واهية.
نحو 26 ناشطة حقوقية وأكاديمية في صنعاء كشفن، في بيان صادر عنهن مؤخراً، أن هناك توجها حوثيا لإيقاف التعليم الجامعي أمام النساء من خلال خطابات التحريض والإجراءات التعسفية الممنهجة من قبل القيادات الحوثية ورجال الدين الموالين لهم الذين يعتلون المنابر والمراكز الدينية لاستهداف طالبات المدارس والجامعات اليمنية.
وأكدت الناشطات، في بيان صادر عنهن، أن هناك خطابا تحريضيا يقوده خطباء مليشيا الحوثي الإرهابية ضد الملتحقات بالتعليم الجامعي قد يدفع بالأهالي إلى إيقاف إلحاق بناتهم بالجامعات، موضحات أن الخطاب التحريضي الحوثي المصبوغ بلغة دينية يتضمن اتهامات للملتحقات بالجامعات وكذلك الموظفات في القطاعات الحكومية بعدم الحشمة، وكأنهن أصبحن مثالا للانحراف.
حيث تركزت الكثير من خطب الجمعة خلال الأسابيع الماضية على تحريض الآباء والأهالي لمنع خروج النساء والفتيات للمدارس والجامعات وحتى وظائفهن وإجبارهن على الجلوس في المنزل بحجة منع الاختلاط والحرب الناعمة.
وتسير المليشيات الحوثية في اليمن من خلال محاولة إيقاف التحاق النساء بالجامعات والمدارس على خطى حركة طالبان التي أقرت في ديسمبر الماضي حظر التعليم الجامعي للنساء في أفغانستان إلى أجل غير مسمى، وهذا ما يجري تنفيذه فعلياً في الجامعات الحكومية والخاصة باليمن من خلال إجراءات التقييد والتضييق المستمرة