مليشيا أو إرهابي.. ليست مجرد تسميات

أهمية الإعلام تكمن في طبيعة مهمته، فالإعلام بكل صنوفه أسهم ويسهم في تقدم البشرية، وفي الوقت نفسه، فإن هذه المهنة النبيلة قادرة في زماننا هذا على صناعة رأي عام وتهيئة مُناخ توعوي لكل القضايا الأساسية.
لستُ هنا بصدد تعريف الإعلام وتحديد أهدافه، ولكنها إشارة إلى عدد من المصطلحات والتسميات التي تُبعد أجيالا بأكملها عن دائرة الخطر والتطرف، وتحفظ للمجتمعات العربية نعمة الأمن والاستقرار.
لا يمكن الاستهانة أبدا بإعلام ودعاية مليشيا الحوثي الإرهابي في اليمن، التي استباحت الحجر والبشر في صنعاء ومدن يمنية أخرى، بغية نشر الجهل وحكم الناس بالحديد والنار، ومن قبل الانقلاب على الشرعية.

ولعل مستمعا أو مشاهدا أو قارئا يتابع الأخبار ويرصد جديد الملف اليمني، وحين تكرر على مسمعه كلمة “مليشيا” فإنك تساعده على فهم سياق الأحداث ومآلات الأمور، ضمن حدود بلد عربي عاثت به مليشيات مسلحة مثل الحوثي فسادا.

والقصة لا تتوقف فصولها عند اليمن، فكل جماعة مسلحة خارجة عن سلطة الدولة وغير خاضعة للقانون فهي مليشيا، ومن الأهمية بمكان تسمية الأمور بتسمياتها الحقيقية في وسائل الإعلام.
فإرهابي مثل أمين عام ما يُسمى “حزب الله” في لبنان، من الضرورة بمكان تأكيد دوره التخريبي في بلده دوما، فهو المعترف بلسانه في خطاب متلفز بأن سلاحه وراتبه وأموال مليشياه، التي يتزعمها، تأتي من دولة أجنبية، وأن ولاءه وولاء عصابته المسلحة لقادة تلك الدولة الداعمة، وليس لحكومة لبنان.

المحكمة الدولية المعنية باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قالت كلمتها الفصل قبل عامين تقريباً بأن عنصرا من عناصر مليشيا “حزب الله” متورط في تدبير التفجير المهول الذي أحدث اغتيال الحريري، والمؤثر في تاريخ لبنان المعاصر، بينما تمسك الإرهابي حسن نصر الله بتمسية ذلك القاتل بـ”القديس”، رافضا الحديث عن تسليمه للعدالة الدولية أو المحلية.
هناك أيضا كيانات مسلحة في العراق، لا يتوقف رئيس وزراء العراق نفسه عن تسميتهما بـ”المليشيات”، لأنها كيانات مخربة لحاضر العراق ومستقبله، فهي مليشيات تسيطر على معابر حدودية وتمارس أدوارا إرهابية وصلت إلى درجة استهداف السفارات في بغداد.
من المؤكد أن القوائم أحياناً تطول، لكن علينا دوما أن نستذكر عمق العلاقة بين الأطراف المعنية في هذا المجال، كون الإعلام العربي على وجه الخصوص هو منطق القوة التي تقف وراء هذه العملية المعقدة، وهو الذي يسهم في أخذ المتابعين نحو عوالم المعرفة الثابتة.. ولولاه، لولا الإعلام الصادق في منطقتنا العربية، ما كان هناك بنية سياسية ومجتمعية وأمنية لملاحقة جماعة إرهابية كالإخوان، أم مليشيات المنطقة كلها، صانعة الإرهاب العابر للحدود.

Exit mobile version