خلافا للخطة الحوثية لاستهداف مقدرات الحكومة اليمنية، فقد طورت المليشيات شرايين لإمداد خزينتها الحربية لتدر عليها مليارات الدولارات.
تقرير حديث لفريق الخبراء الدوليين بشأن اليمن وقدم إلى مجلس الأمن مؤخرا، وثق جانبا من المصادر الاقتصادية لمليشيات الحوثي والتي تستغلها لإمداد خزينتها الحربية وإطالة أمد الحرب في اليمن، وذلك عبر مجموعة من الأساليب والأنشطة.
وكان التقرير قد كشف أن مليشيات الحوثي غيرت استراتيجيتها بعد الهدنة إلى مهاجمة القدرة الاقتصادية للحكومة الشرعية، ما أدى إلى مضاعفة الأزمة الإنسانية في عموم اليمن، مشيرا إلى أنها اتخذت تدابير لضرب الاقتصاد، بما فيها حظر الأوراق النقدية الصادرة عن البنك المركزي اليمني في عدن، واعتماد سياسات تقسيمية للقطاع المصرفي والاقتصادي، والاعتداء على أصول شركات الاتصالات في عدن.
كما عمدوا إلى تهديد ومهاجمة الموانئ، والمحطات والسفن النفطية العاملة في تصدير النفط وإقرار قانون جديد لحظر الفوائد على المعاملات المصرفية والتجارية وتسببوا في ازدواجية العملة، وأسعار الصرف المزدوجة، والقيود على الحركة الداخلية للسلع، والازدواج الضريبي، والسعي للحصول على الريع في شكل تحصيل غير مشروع للضرائب والرسوم.
وذكر تقرير الخبراء الذي يغطي الفترة من ديسمبر/ كانون الأول 2021 وحتى 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أن البنوك التجارية لم تتلقَّ أي فائدة من البنك المركزي اليمني في صنعاء منذ 2016، على الرغم من تحصيل الضرائب، مشيراً إلى أن 65 في المائة من ودائع البنوك مصادرة لدى البنك المركزي اليمني في صنعاء.
لكن تحقيقات التقرير كشفت أن مصادر التمويل لدى مليشيات الحوثي تشمل الضرائب والرسوم غير القانونية، الإيرادات عبر الضريبة والزكاة ومصادرة الأراضي والممتلكات والودائع المصرفية، وتهريب المخدرات وبيع الوقود في السوق السوداء، خلافا للتمويل من مصادر أجنبية.
وقال إن 70 في المائة من إجمالي عائدات الضرائب في اليمن، بما في ذلك من الرسوم الجمركية، تقع في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، كما يتواجد معظم الشركات الصناعية في الحوبان تعز ومحافظات الحديدة وإب وذمار.
ولفت إلى أنه خلال السنوات القليلة الماضية، حققت مليشيات الحوثي موارد مالية كبيرة من خلال فرض الزكاة على العديد من الأنشطة الجديدة، والتي تقدرها بمبلغ 45 مليار ريال يمني سنوياً.
وأكد أن مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا فرضت ضريبة (الخُمس أو 20 في المائة) على العديد من الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك قطاعات المعادن والنفط والمياه والصيد البحري، مؤكداً أن المستفيدين من الضريبة الجديدة هم أُسر الحوثيين، والعديد من الموالين لهم.
وأوضح التقرير أن الحوثيين أقاموا بشكل غير قانوني جمارك برية ونقاط تفتيش على الحدود البرية بين المحافظات بحكم الأمر الواقع، وجمعوا الرسوم الجمركية والضرائب وغيرها من الرسوم غير القانونية على البضائع المستوردة والمحلية، إشارة إلى الجبايات.
وذكر أن “مليشيا الحوثي كانت تفرض بشكل انتقائي الضرائب وتجمع الرسوم غير القانونية من عدة مستشفيات وصيدليات خاصة؛ بل وأمرت بإغلاق العديد من الصيدليات”.
وكشف التقرير عن فُرض مليشيات الحوثي جبايات إضافية على 13 مستشفى محددًا في صنعاء، وعن كل عملية جراحية تم إجراؤها في المستشفيات تترواح من 4 إلى 15 بالمائة، وتلقى الفريق معلومات بأن المستشفيات الخاصة الأخرى المملوكة لقادة الحوثيين البارزين لم يتم إدراجها في القائمة، مشيرا أن الاستهداف الانتقائي للقطاع الخاص له عواقب وخيمة.
وأكد التقرير أن إيرادات قطاع الاتصالات مصدر رئيسي لإيرادات لمليشيات الحوثي، ويتم استخدام هذه الإيرادات لجهودهم الحربية، وأصدروا توجيهات لبعض الشركات بتخصيص وإيداع 1 في المائة من فواتير الاتصالات في حساب صندوق رعاية أسر الشهداء.
ونوه إلى أنه كي يستمر الحوثيون في احتكار سوق الاتصالات في كل اليمن عمدوا لتدمير أصول الاتصالات (الأبراج – الكابلات) لشركة سبأفون حتى لا يسمحوا بنمو شركات اتصالات منافسة لهم تتخذ من عدن مقرا لها.
ولفت إلى أن مليشيات الحوثي يحافظون على اقتصاد موازٍ في قطاع الوقود، وينتهزون الفرصة لكسب المال، وقد تم بيع البنزين في السوق السوداء في حدود 22000 – 24000 ريال يمني لكل 20 لتراً، مما أدى إلى نقص مصطنع.
وأكد التقرير أنه منذ 1 أبريل/ نيسان وحتى 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، حقق الحوثيون 271,935 مليار ريال رسوماً جمركية على استيراد النفط عبر ميناء الحديدة، وهذا يعادل مكاسب مماثلة يحققها الحوثيون من بيع الوقود.
وأشار إلى أنه كان من المفترض بموجب اتفاق ستكهولم واتفاق الهدنة، أن يدفع الحوثيون من الرسوم الجمركية مرتبات الموظفين من رسوم السفن الداخلة عبر ميناء الحديدة، إلا أنهم تنصلوا عن ذلك.
وذكر التقرير أن العقارات تُدر عائدات كبيرة لمليشيات الحوثي، منها مصادرتها بالقوة مساحات كبيرة من الأراضي والمباني، وفرضوا قيوداً على بيع وشراء ونقل وبناء الممتلكات، وصادروا 3000 معاد من الأراضي تقدر قيمتها بنحو 15 مليار ريال في بلدة “القصرة” التابعة لمديرية بيت الفقيه في محافظة الحديدة، غربي اليمن.
كما استولوا على مساحات شاسعة من الأراضي تقدر قيمتها بـ80 مليار ريال في مديرية التحيتا بمحافظة الحديدة، بحُجة أنها أراضي أوقاف، على الرغم من تأكيدات المواطنين المحليين لملكيتهم إياها، وفقا للتقرير.
ووردت أنباء أخرى عن مصادرة أراضٍ ومبانٍ في مناطق أخرى، ما أدى إلى إجلاء مئات العائلات المدنية وفقدان سبل عيشهم.
ووفقا للتقرير فإن الفريق تلقى معلومات عن حالات تهريب المخدرات والمؤثرات العقلية ومواد أخرى مثل المعادن الثمينة وأوراق العملات، وتؤكد تقارير عن تورط الحوثيين في توريد الأموال لاستخدامها في الجهود الحربية.