وصل رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي السبت إلى العاصمة الروسية موسكو، تلبية لدعوة موجهة من الحكومة الروسية لقيادة المجلس، وفقا للموقع الرسمي للمجلس الانتقالي الذي قال إن الزبيدي سيعقد سلسة من اللقاءات مع عدد من المسؤولين الروس “للتباحث حول مجمل القضايا التي تخص الجنوب، والمنطقة عموما.”
ودأبت الخارجية الروسية على دعوة رؤساء عدد من المكونات السياسية اليمنية في محاولة للاقتراب من الملف اليمني واستكشاف إمكانية لعب دور سياسي وإحياء النفوذ السوفياتي السابق في جنوب اليمن على وجه التحديد.
وتركز موسكو اهتمامها على المكونات النشطة والمتطلعة في شمال اليمن وجنوبه، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي والجماعة الحوثية، إضافة إلى عدد من المكونات الجنوبية الثانوية الأخرى، فيما يلتزم الموقف الرسمي الروسي الصمت إزاء الصراع اليمني، ويتبنى موقف التحالف العربي في المحافل الدولية مع الحرص على إبداء بعض التمايز عن الموقف الغربي.
وأثار إيفاد السعودية نهاية الشهر الماضي لسفيرها لدى اليمن محمد آل جابر إلى روسيا، ولقائه مع نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الشخصي للكرملين ميخائيل بوغدانوف، تساؤلات حول دواعي هذه الزيارة، خاصة أنه قد تم بعد تحول مبعوث الرئيس الروسي إلى مسقط ولقائه بوفد من جماعة الحوثي.
وتتطلع عدد من القوى اليمنية إلى فتح قناة تواصل مع روسيا الدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، ترقبا لأيّ تحولات دولية متصلة بالأزمة اليمنية، في ظل تحفظ الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي التي تسعى للتماهي مع الدور الإقليمي الفاعل الذي تلعبه الدول المؤثرة في الملف اليمني مثل السعودية والإمارات وسلطنة عمان وإيران.
ويقلل مراقبون من إمكانية انخراط موسكو في التدافع الدولي حول الملف اليمني، بالنظر إلى التعقيدات المحيطة بهذا الملف ورغبة روسيا في الحفاظ على علاقات جيدة مع دول الإقليم الفاعلة في اليمن، مع محاولة رسم خارطة طريق محتملة لعودة التأثير الروسي في اليمن، واستخدام هذا الملف في الصراع مع الغرب على غرار الملف السوري.
ويستبعد خبراء قيام موسكو بأيّ دور سياسي أو عسكري في اليمن خلال الفترة القادمة، بالنظر إلى الانشغال بالحرب الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية والسياسية وغياب العوامل المناسبة للعب أيّ دور في ضوء التزاحم الإقليمي والدولي في خارطة الحرب اليمنية.
وفي تصريح للعرب، تعليقا على زيارة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي إلى موسكو، قال يعقوب السفياني مدير “مركز ساوث 24” في عدن إن هذه هي الزيارة الثالثة للزبيدي إلى موسكو بدعوة رسمية من الحكومة الروسية، حيث “تأتي الزيارة في ظل تغيرات محلية وإقليمية ودولية متسارعة وتصاعد دور الصين وروسيا في منطقة الشرق الأوسط من باب المملكة العربية السعودية التي انفتحت بشكل أكبر من أيّ وقت مضى على المعسكر الشرقي الجديد”.
وأضاف السفياني “تحمل هذه الزيارة دلالات هامة منها انفتاح القوى الجنوبية على موسكو التي كانت في وقت مضى أقوى حليف لليمن الجنوبي. وتعكس الزيارة أيضاً سخطا على المواقف الغربية وفي مقدمتها المواقف الأوروبية والأميركية من قضية شعب الجنوب ودور المجلس الانتقالي الجنوبي نفسه، ومن الأمثلة المهمة على ذلك بيان مجلس الاتحاد الأوروبي الأخير بشأن مجلس القيادة الرئاسي”.
وتابع ” تساعد الزيارة أيضاً في تنفيس غضب أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي وإحباطهم، واللذين تكاثفا مؤخراً بسبب أزمة الرواتب التي أرهقت القوات العسكرية والأمنية التابعة للمجلس، وكذا العزلة التي فرضتها محادثات الحوثيين والسعودية على أطراف المجلس الرئاسي وفي المقدمة المجلس الانتقالي الذي كان أكثر عزلة وأكثر تعرضا للضغط نتيجة عدم حصوله على الكثير من المكاسب التي كان يتوقعها من الشراكة مع بقية الأطراف الشمالية”.
وحول إمكانية لعب موسكو لدور محتمل في اليمن قال السفياني “احتفظت روسيا بمسافة قريبة من جميع أطراف الأزمة في اليمن ولكنها لم تنخرط بشكل مباشر في جهود وقف الصراع أو محاولة التأثير على مجرياته لأسباب تتعلق بالموارد الضعيفة وغياب المصالح الإستراتيجية المباشرة لموسكو في اليمن على عكس سوريا ومناطق أخرى في العالم، ومع ذلك يبقى اليمن منطقة مهمة للغاية بالنسبة إلى روسيا، وقد يكون هناك دور أكبر محتمل لها كوسيط فعال في حل الأزمة نتيجة قربها وعلاقتها الجيدة بأطراف الصراع المحلية والإقليمية على حد سواء. وبالحديث عن هذا يجب الإشارة إلى الصين حليف روسيا الأوثق وما قامت به مؤخراً من اختراق كبير في جدار القطيعة بين السعودية وإيران”.