صعّدت جماعة الحوثي من لهجتها ضد التحالف العربي الذي اتّهمته بالمراوغة، وتوعدته بـ”الهروع إلى صنعاء خاضعا خانعا للسلام والاستسلام”، في موقف يعكس انتكاسة في الجهود الجارية للتوصل إلى تهدئة مطولة في اليمن، كان البعض رجح الإعلان عنها عقب عطلة عيد الفطر.
ويرى مراقبون أن الموقف المستجد يشي بوجود تحفظات من السعودية حيال عدد من الشروط التي أصر عليها الحوثيون خلال الزيارة التي أداها وفد سعودي بقيادة سفير الرياض لدى اليمن محمد آل جابر في الثامن من أبريل الجاري إلى صنعاء حيث اجتمع هناك مع قيادة الحوثيين بحضور وفد عماني.
ويصر الحوثيون على ضرورة تولي السلطة الشرعية دفع رواتب جميع الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم بما يشمل قواتهم، ووضع جدول زمني محدد لانسحاب قوات التحالف العربي، مع رفع جميع القيود على النقل البحري والجوي، للقبول بتهدئة مطولة يجري بموجبها بحث تسوية سياسية.
وكان الوفد السعودي قد طلب مهلة للنظر في مطالب الجماعة الموالية لإيران، لكن يبدو أن الرياض غير متحمسة للقبول بعدد منها، وتحاول جماعة الحوثي اليوم تصعيد خطابها على أمل أن يشكل ذلك عنصر ضغط على الرياض.
وقال وزير الدفاع في حكومة الحوثيين (غير معترف بها دولياً) محمد ناصر العاطفي إن “دول التحالف عندما خسرت وعجزت وفشلت في تحقيق أي إنجاز عسكري في جبهات القتال، وتوالت عليها الهزائم والانكسارات والانهيارات المعنوية والقتالية خلال ثماني سنوات، سارعت بطلب الهدنة لغرض المراوغة والمخادعة ولكسب الوقت لإعادة ترتيب أوضاعها وصفوفها”.
ونقلت “قناة المسيرة” الفضائية الناطقة باسم الحوثيين عن العاطفي قوله أثناء حديثه لمقاتلين من الجماعة في الخطوط الأمامية بمحافظة الحديدة الساحلية “إن التحالف يلجأ خلال فترات الهدنة إلى إدارة سياسات وصناعة أزمات في الجوانب الإنسانية ضد الشعب اليمني المكلوم والمبتلى بمشروع استعماري عبثي”.
وأشار إلى أن “الشعب اليمني لم يعتد على أي دولة، وهو تواق إلى السلام العادل والمشرف والمنصف والندِّي”، لافتا إلى أن “القوة هي من ستصنع السلام.. ودول التحالف لن ترتدع وترحل من اليمن إلا بالقوة”.
وتابع قائلا “لدينا عدة وسائل وأساليب إستراتيجية ومهمة تردع من ينهب ثروات الشعب اليمني ويقتله ويحاصره، ولن يطلبوا بعدها هدنة بل سنجعلهم يهرعون إلى صنعاء خانعين خاضعين للسلام والسلم والاستسلام”.
وأضاف العاطفي “عليهم أن يتعلّموا من الدروس السابقة لأنّ بنادقنا ومدافعنا وصواريخنا ومسيّراتنا جاهزة”.
وأشار إلى أن المعارك المقبلة لن تكون داخل اليمن كما “يتوهّمون، بل ستكون في مفاصل العمق البعيد لدول العدوان، والتي سيجعلها تدرك جيداً معنى الألم الكبير”، في إشارة إلى امتلاك الحوثيين بنك أهداف داخل عمق دول التحالف.
ولم يصدر تعليق من قبل التحالف العربي أو الحكومة المعترف بها دوليا بشأن تصريحات وزير دفاع الحوثيين.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي شكك في وقت سابق في جدية جماعة الحوثيين للركون إلى السلام، وقال في هذا الإطار “لقد خاض الأشقاء (السعودية) جولات مكثفة في سبيل السلام الذي ننشده جميعاً، غير أن الميليشيات تواصل التسويف، وعدم الاستجابة لتلك المبادرات، ومحاولة استثمارها لتحقيق أهداف سياسية، وتعبوية، وحملات إعلامية مضللة”.
وأضاف العليمي “حتى لا يبقى السلام رهينة للأهواء والمصالح، والخطابات الشعبوية والانتصارات الخادعة، سيكون من الواجب علينا الالتحام بجبهة الوعي، والتمسك بأمل ووعد السلام الذي قطعناه في خطاب القسم (…) سيكون علينا أن نواجه التضليل والأكاذيب بالحقيقة”.
وعرفت الجهود الجارية لتحقيق السلام في اليمن زخما إيجابيا طيلة الفترة الماضية، كان من أبرز مظاهره إتمام صفقة تبادل كبرى للأسرى بين الحوثيين والسلطة الشرعية.
وصرح المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي أن اليمن أمام فرصة تاريخية لتحقيق السلام، محذرا من إمكانية ضياعها في حال لم تقدم أطراف الصراع على المزيد من التنازلات.
ويشهد اليمن منذ نحو تسعة أعوام حربا بين قوات الحكومة الشرعية المسنودة بالتحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، وجماعة الحوثي المدعومة من إيران، خلّفت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.