مليشيا الحوثي تسعى لإنتاج 1.5 مليون طفل مفخخ بأفكارها عبر المراكز الصيفية في اليمن

د. إسكندر غالب

منذ اللحظات الأولى لعيد الفطر المنصرم، والتنظيم الحوثي الإرهابي مستنفر قواه وثكناته وأبواقه وقدراته المختلفة، بهدف التحشيد للمراكز الصيفية.. مراكز غسيل الأدمغة البريئة للأطفال والمراهقين، يستهدفون الناس في مناطقهم بمختلف المغريات، عبر أبواقهم ومكبراتهم وآلاتهم الإعلامية المتروكة. يريدون، بحسب مزاعمهم، تحشيد مليون ونصف المليون طفل لمراكز طائفية مغلقة، بميزانية مالية تتجاوز ميزانية وزارة التربية والتعليم بكل طاقتها ورواتبها ومعلميها وطلابها، فلماذا إذًا يلجأ الحوثيون لصب طاقتهم وإمكانياتهم كلها في سبيل مراكز صيفية مغلقة؟ الأمر واضح للمتابعين والعارفين، خصوصًا من الوسط اليمني المتواجد في جغرافيتها ومناطقها.

وسائل منتهية الصلاحية:

الحوثيون، منذ بداياتهم في الحرب والسلطة، اعتمدوا تمامًا على التحشيد العسكري وفق مبررات زائفة ومتمحورة حول ما يزعمون أنه العدوان والعقيدة والدفاع عن الوطن والثورة الإصلاحية والكرامة والوطنية، وبواسطتها استدرجوا بالفعل آلاف الشباب المغرر بهم والمقاتلين اليمنيين، ومن ناحية مناوئة، اعتمدوا على تضخيم شعور الانتقام مما يسمونه “العدوان” بين الأسر اليمنية، عبر استدراجهم لأشخاص يتم تصفيتهم، أشخاص من قبيل قيادات وشخصيات ووجاهات مؤثرة، ليشكلوا عبر شماعة موتهم داعيًا قبليًا لأهاليهم وقبائلهم وأقاربهم للانتقام من قاتليهم، وهذا بالفعل نجح في كثير من المناطق اليمنية عبر سنوات الحرب المختلفة. ومن ناحية متصلة، استهدفوا اليمنيين في مصادر أرزاقهم ورواتبهم وأراضيهم وأرغموهم على اللجوء للحرب كخيار أخير من أجل الحصول على المال أو الغذاء.. هذه الوسائل الرئيسية من أجل التحشيد الحوثي للمقاتلين، باتت الآن منتهية الصلاحية، مع تغير المبررات والدوافع المختلفة، الدوافع التي تلاشى مفعولها تمامًا من الواقع اليمني، ليقوم الحوثيون بعدها بالتخلي عن مقاتليهم خلال فترة الهدنة، مما دفع الآلاف منهم للتحول والإدراك الاستراتيجي لغايات الحوثيين في استغلال الشباب ومن ثم احتكار الموارد والإمكانيات لقطيعهم المغلق عليهم وعلى سلالتهم، هذا صنع قناعات بعيدة عنهم وعن ادعاءاتهم، وهي قناعات راسخة جدًا نتيجة الخبرة والاحتكاك؛ أما أهالي الضحايا فأدركوا جليًا رخص أبنائهم الذين ذهبوا للقتال مع جماعة لم تهتم بهم وبما قدموه، بقدر ما ذهبوا يحتكرون وينهبون ويلاحقون ويبثون الرعب في قلوب الجميع.

المراهقون قنابل مفخخة:

الوسائل التحشيدية السابقة صارت اليوم منتهية الصلاحية، وأمامها عزز الحوثيون، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، من استهداف وتجنيد وتفخيخ الفئات العمرية الأصغر والأقل إدراكًا، فئة العقول الصغيرة والمهيأة كليًا للتلغيم، ليجعلوا منهم مقاتلين مفخخين وضحايا سائرين على الأرض بدون أيّ تفكير أو اعتراض، وهؤلاء أكثر اندفاعًا وتهورًا وتصديقًا للمواعظ العاطفية والتغليفية، وعبارات التفاخر بالسلاح، لتصبح عقولهم مع التكرار والغرس والشواهد المزيفة قناعات عسكرية وتحشيدات قتالية، فالواحد من هؤلاء الصغار يتحول كالآلة والحجر، بلا عقل يفكر به وبلا أسرة يخاف عليها، وبلا خوف يرده قليلًا.. لقد عملت المليشيا الحوثية، منذ البداية، على استدراج الصغار في جبهات القتال المختلفة، وجعلتهم جثثًا متراصة فوق بعضها في كل مكان، ثم علقت صورهم في شوارع الموت الواقعة تحت سيطرتها، بعدها استدرجت الآخرين، وصنعت منهم قوات طائفية خاصة بها، كل هذا سترونه بأعينكم لو تأملتموهم جيدًا، المتجول في العاصمة المختطفة صنعاء وبقية المناطق الرازحة تحت سيطرتها، سيجد معظم المتحزمين بالسلاح في النقاط الأمنية والنواحي البعيدة والغريبة أطفالاً صغاراً أو على الأقل مراهقين.. لم يعد هنالك شباب أو كبار أو أشخاص بالغين وناضجين، هذا بمجمله نتيجة النفور الشعبي منهم، خصوصًا الشباب الأكثر إدراكًا لحقيقة المتطرفين.

مراكز مغلقة للمراهقين:

الحوثيون يسعون خلال الشهرين المقبلين لإقامة مراكز صيفية مغلقة للأطفال من عمر السادسة وحتى الثامنة عشرة، في أماكن خاصة، تبقيهم لديها طيلة اليوم والليلة لمدة شهرين وأكثر، يريد الحوثيون هذا العام استقطاب مليون ونصف المليون، وهي السعة التي جهزوها في أماكنهم ومراكزهم من أجل المراكز الصيفية، الأطفال المستهدفون يشملون أسر وأقارب القتلى، والجرحى والمشمولين في قوائم التنظيم، كأعداد مضمونة، يليها أبناء القبائل والفقراء والأسر الرازحة تحت خط الفقر، يليها من جاء بهم المشرفون، وتؤكد المصادر أن الأطفال من الأسر الهاشمية لا يتواجدون ضمن المراكز الصيفية، بقدر الأسر الفقيرة وغير المتعلمة من اليمنيين.

رسالة لكل الأسر اليمنية:

أما بعد، ليعلم كل يمني وكل أب وكل صاحب مسؤولية بأن أطفالهم وأبناءهم أمانة لديهم، والتخلي عنهم نتيجة الفقر والخوف تصرفات جبانة وغير مسؤولة، وعاقبتها قنابل موقوتة ومقتولة ومقبورة، لا سبيل آخر أمام الأطفال والمراهقين المغلفين بالتطييف والتجييش العقائدي سوى الموت، ولا طريق آخر لديهم غير المقابر الحوثية، إنها معادلة واضحة أمام الجميع، وحقيقة واقعة في كل التوقعات، والتهاون معها والتنازل خلالها عن الأبناء والأطفال خيانة للوطن والشعب والمستقبل، وعواقبها لا بد ستقع على رأس وليّها قبل الآخرين.

Exit mobile version