دشن اليمنيون موسم زراعة الحبوب هذا العام، في خضم أزمات متعددة تلقي بتبعات كارثية مؤثرة على معيشة المواطنين وقطاع الزرعة وإنتاج الغذاء في البلاد.
حتى العام 2018 كانت هناك 19 محافظة من أصل اثنتين وعشرين في اليمن تعاني من مرحلة “الطوارئ” في انعدام الأمن الغذائي، في حين أصبحت الأزمة تشمل جميع المحافظات اليمنية منذ مطلع العام 2022.
وفي السياق، يواجه أكثر من ثلثي سكان اليمن خطر الجوع ويحتاجون بشكل عاجل إلى مساعدات للحفاظ على ما تبقى من سبل معيشتهم حيث تتركز نسبة كبيرة منهم في تعز والحديدة، حيث يقطن ربع سكان اليمن بحسب البيانات الإحصائية السكانية.
ويلعب القطاع الزراعي دوراً مهماً في الاقتصاد الوطني لليمن، إذ يبلغ متوسط مساهمته حوالي 13.7% من إجمالي الناتج المحلي، في حين تبلغ مساهمة هذا القطاع في الدخل القومي 16.5%.
وتستحوذ الحبوب على أغلب المساحة المزروعة في اليمن كما توضح بيانات الإحصاء الزراعي في وزارة الزراعة والري بنحو 57 %، بينما لا تتجاوز مساحة البقوليات 3%، وتتوزع النسبة المتبقية 40% على الفاكهة والخضروات والمحاصيل النقدية والأعلاف والقات.
حسب وزارة الزراعة والري، إن إجمالي ما يتم استثماره من الأراضي الزراعية في اليمن لا يتجاوز مليوناً و600 ألف هكتار تمثل 2.5% فقط من مساحة البلاد الإجمالية.
ويصف مزارعون يمنيون الموسم الزراعي الحالي بالأصعب على كافة المستويات وسط تغيرات مناخية مؤثرة ونقص في البذور والمستلزمات الزراعية وانخفاض الجدوى الاقتصادية للعديد من المحاصيل والمنتجات الزراعية.
ويزرع اليمن حبوب الذرة والدخن والشعير والقمح والذرة الشامية والبن، في حين يعتمد مزارعوه على موسم إبريل/ نيسان لبذرها والبدء بزراعة العديد من أصنافها بسبب الاعتماد على موسم الأمطار، كما يقول المزارع منصر الخولاني من مناطق ريف صنعاء.
ويضيف الخولاني في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن هناك معالم محددة للموسم الزراعي في اليمن والذي يتفاوت من منطقة لأخرى مع تعدد المواسم طوال العام.
ويشكو المزارع عزام عبيد، من محافظة أبين جنوب اليمن، لـ”العربي الجديد”، من نقص في البذور وعدم القدرة على تخزينها وادخارها للموسم الزراعي أثناء فترة الحصاد.
بينما يتحدث المزارع فارع الشرماني، من محافظة تعز جنوب غرب البلاد، عن أن هناك ارتفاعا في تكاليف الزراعة من شراء البذور وآلات الحراثة التي يؤجرها مستثمرون بأسعار تصل إلى أكثر من 10 آلاف ريال في الساعة الواحدة.
من جانبه، يشير المزارع في محافظة الجوف زايد العوضي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، إلى تجارب ناجحة في زراعة القمح ببعض مناطق محافظته بالرغم من الصعوبات والتحديات والحاجة للماء والبذور والأسمدة والعديد من المستلزمات الزراعية.
لكن بحسب مزارع آخر، عبدالغني جابر، بحاجة للتشجيع والمساندة والمساعدة من الدولة والمؤسسات العامة المعنية. “وذلك لأن كثيراً من المنتجات والمحاصيل الزراعية ذات الجدوى الاقتصادية”، حسب حديث جابر لـ”العربي الجديد”، تتطلب جهوداً بإمكانيات الدولة ومؤسساتها الحكومية أو القطاع الخاص.
وتبرز مشكلة المياه كعقبة رئيسية في ظل معاناة المزارعين في اليمن من عدم انتظام هطول الأمطار في المواسم المختلفة.
ويرى الباحث الزراعي اليمني طاهر حسان، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن اليمن بحاجة ماسة للتوسع في زراعة الحبوب بطريقة رأسية تعتمد على تقنيات الإنتاج الحديثة التي تشمل الأصناف عالية الإنتاجية والمقاومة للجفاف.
ويؤكد البنك الدولي تكثيف جهوده منذ مطلع العام الحالي لاستعادة إنتاج الأغذية الزراعية المحلية في اليمن، وتحقيق التعافي القادر على الصمود أمام تغير المناخ.