دفعت مليشيات الحوثي بالقيادي نصر الدين عامر إلى واجهة المشهد الإعلامي والسياسي للعمل في مهمة مزدوجة يكمن أخطرها بقيادة الذباب الإلكتروني لتضليل الرأي العام.
ويرتبط نصر الدين زيد علي عامر، بشكل وثيق بجهاز الأمن والمخابرات لمليشيات الحوثي ويعد مندوب زعيم المليشيات في ما يسمى “الجبهة الإعلامية” التي تتولى مسؤولية تضليل اليمنيين وتبييض جرائم المليشيات الإرهابية.
واجهة إعلامية:
وقالت مصادر مطلعة أن نصر الدين عامر الذي يتحدر من “بيت عامر” في مديرية المحابشة في محافظة حجة، شمالي غربي اليمن، ظل لسنوات حارسا شخصيا للقيادي النافذ محمد علي الحوثي قبل أن يقفز إلى منصب رئيس مجلس إدارة وكالة سبأ الحوثية بصنعاء.
وبحسب المصادر فإن عامر الذي لا يتجاوز عمره 35 عاما، يعمل كواجهة إعلامية لأحد خبراء حزب الله اللبناني والذي يتولى مسؤولية بناء قدرات عملیات المعلومات الحوثیة والتخطيط للسيطرة على الخطاب الإعلامي في اليمن وخارجه لتضليل المجتمع الدولي بشأن حرب اليمن.
وعامر هو رئيس المركز الإعلامي للحوثيين سابقا وعضو الهيئة الإعلامية العليا للمليشيات حاليا ويشغل منصب نائب محمد عبدالسلام ناطق المليشيات وكبير مفاوضيها فضلا عن كونه عضوا في الجهاز التعبوي والاجتماعي والتربوي للمليشيات والذي يتولى تعبئة الجماهير وتأطيرها فكريا.
ووفقا للمصادر فإن وكالة سبأ التي يترأسها عامر أصبحت تخضع بشكل كلي لما يسمى “جهاز الأمن والمخابرات” للحوثي والذي يتولى إدارتها بزعم حمايتها من الهجمات السيبرانية ومراقبة المحتوى في وسائل الإعلام المحلية والدولية خصوصا التي تبث من مناطق سيطرة المليشيات.
وكانت مليشيات الحوثي عينت عامر رئيسا لوكالة سبأ نسخة حكومة الانقلاب غير المعترف بها العام الماضي ليعمل بعد أشهر من توليه على حذف الأرشيف الزاخر المتضمن عشرات الآلاف من الصور للمسؤولين والحكومات المتعاقبة وأنشطة الدولة لأكثر من عقد ونصف من موقع وكالة سبأ.
أدوار خفية:
ورغم أن عامر يحرص على تقديم نفسه في المشهد الإعلامي والسياسي إلا أن للرجل أدوارا خفية يرفض الكشف عنها أخطرها بكونه يقود الذباب الإلكتروني لمليشيات الحوثي على مواقع التواصل الاجتماعي وتحت إشراف خبير من حزب الله اللبناني.
وسعى عامر تحت إشراف خبير من حزب الله إلى تشييد مركز مخصص لمواقع التواصل الاجتماعي يتبنى عملية مركزية لإطلاق حملات الهاشتاغات خصوصا على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” وتنشط في تضليل الرأي العام.
وتستهدف مليشيات الحوثي من خلال المركز الذي تنفق عليه ملايين الدولارات إدارة المحتوى المُعد لحشود من المؤیدین للاستفادة منه وتضخیمه، مع تعلیمات حول كیفیة تجنب اكتشافھا كروبوتات بواسطة خوارزمیات محتوى طورها خبير إعلامي لحزب الله اللبناني.
ومؤخرا أطلق عامر والفريق الذي يديره منصة “فتبينوا” والتي تزعم فضح الحسابات المزيفة على “تويتر”، لكن في حقيقتها تنتحل اسم منصة “فتبينوا” الأردنية، وهي أول منصة بالشرق الأوسط لمكافحة الأخبار الكاذبة.
وبرز دور عامر بشكل رئيس عندما كان يعمل وكيلا لوزارة الإعلام بصنعاء ورئيسا للمركز الإعلامي للحوثيين عام 2021 عقب مساعيه بث معلومات مضللة للرأي العام بشأن محرقة المهاجرين الأفارقة في صنعاء بادعاء أنها ناتجة عن أعمال عنف بين المهاجرين داخل المحتجز الحوثي.
ولم تستمر أكاذيب عامر لساعات حتى خرجت الرواية الحقيقة بأن المجزرة كانت نتيجة اعتداء عناصر مليشيات الحوثي على المهاجرين والذين كانوا مضربين عن الطعام احتجاجاً على سوء أوضاعهم انتهت بإطلاق المليشيات قنابل حارقة أدت لاشتعال النيران ومقتل المئات حرقا.
وفي أحدث أكاذيبه، زعم الرجل أن مليشيات الحوثي لم تهاجم المحافظات الجنوبية في حين لا تزال مشاهد الحرب ماثلة أمام الأعين في عدن وعموم جنوب اليمن بسبب اجتياح المليشيات للجنوب عام 2015 قبل أن يتم طردها.
ورغم أن عمر القضية الجنوبية أكبر من عمر جماعته السلالية، خرج نصر الدين عامر يزعم أن حلها يجب تأجيله إلى ما بعد أن تضع الحرب أوزارها وألا تفرض فرضا، متناسيا فرض مليشياتهم انقلابا بقوة السلاح وابتلاع كل اليمن لولا الوقفة الصادقة للجنوب وخلفه دول التحالف.
وهدد عامر بإشعال الحرب من أجل استعادة جماعته الإرهابية المحافظات الجنوبية متجاهلا في الوقت ذاته أن جماعته عجزت عن دخول مدينة مأرب رغم هجومها المكثف لأكثر من عامين على المحافظة النفطية.
تحريض علني ضد الصحفيين:
ويزخر نصر الدين عامر بسجل أسود من التحريض ضد الصحفيين ووسائل الإعلام وصل في بعض الأحيان إلى القتل، نتيجة ثقافته المسلحة القادمة من خارج الإعلام والصحافة.
وفي أغسطس/آب 2016 قام عامر بالتحريض ضد مراسل لإحدى الصحف الخليجية، الصحفي طاهر حزام، وذلك على خلفية آرائه التي يكتبها على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حيث قام بتهديده وتوعده بالقتل.
أما أحدث تحريض له فكان في أبريل/نيسان 2022 فرغم أن الساحة الإعلامية شمال اليمن باتت خالية من وسائل إعلام باستثناء الحوثية أو تلك المساندة للمليشيات إلا أن الرجل اتهم الصحفييْن خليل العمري وأحمد عبدالرحمن بأنهما “طابور خامس” وأنهما “يتصلان بخلايا تجسسية موالية للشرعية”.
كما وقف خلف التحريض على أحد أقاربه وهو عبدالرحمن المؤيد بزعم تورطه بتسريب وثائق من الجهاز المركزي للمحاسبة والمراقبة والمجلس السياسي والمجلس الإغاثي ما أدى في نهاية المطاف إلى اعتقاله وزجه في سجن “الأمن والمخابرات” التابع للمليشيات الإرهابية.
وليس هذا فحسب وإنما قاد حملة تحريض شعواء ضد الإذاعات المحلية ما أدى إلى إغلاق العشرات منها، قبل أن يصفي الساحة أمام الإذاعات التي تخدم مليشيات الحوثي وذلك من خلال منصبه كمشرف على منح التصاريح فيما تسمى بوزارة الإعلام في حكومة الانقلاب غير المعترف بها.