لم يستطع محمد منصور (45 عاماً) شراء ملابس جديدة لأطفاله الـ5 هذا العام، وذلك إثر الارتفاع الجنوني لأسعار الملابس في أسواق اليمن.
يقول منصور، أحد سكان العاصمة المؤقتة عدن، إن قطعة الملابس لابنه البالغ من العمر 4 أعوام بلغت 25 ألف ريال يمني (25 دولارا)، وهي ما تعادل بحسب “محمد” أكثر من نصف راتبه الشهري الذي يتقاضاه من عمله في إحدى المحال التجارية.
وأكد أن هذا المبلغ للملابس الرديئة “منخفضة الجودة” وصلت إلى أكثر من 50 ألفا، أي ما يعادل 50 دولارا أمريكيا وهو ما يعجز عن توفيره في ظل انهيار العملة المحلية.
أما بالنسبة للسيدة رحمة فضل (40 عاماً) فإن العيد تحول إلى “نقمة” خاصة عند الأسر من ذوي الدخل المحدود والأسر المعدمة والفقيرة، مشيرة إلى أن الكثير من الأسر تهرب من غلاء الأسعار إلى أسواق الملابس المستعمل “البالة”.
وتقول رحمة فضل من صنعاء الخاضعة للحوثيين، إن العيد أصبح غصة لدى كل أم وأب يعجز عن شراء كسوة العيد لأبنائه بسبب الأسعار التي لا تتناسب مع دخل الفرد، خصوصا في ظل انقطاع المرتبات.
وتضيف “العيد عيد الأطفال وواجب على كل رب أسرة أن يوفر لأطفاله الصغار الملابس الجديدة من أجل إدخال الفرحة لقلوبهم البريئة”، مؤكدة أن زوجها أصبح عاطلاً عن العمل ولم يستطع توفير الملابس لأطفاله الـ4.
وتشهد الأسواق اليمنية ارتفاعاً جنونياً في أسعار الملابس الجديدة بالمعارض والمحلات التجارية، وهو ما أدى إلى حرمان العديد من الأسر اليمنية من توفير ملابس جديدة لأطفالها، والتي تعد من أهم طقوس البهجة والفرحة خلال أيام العيد بالنسبة للأطفال.
جبايات الحوثي:
كعادتها تضاعف مليشيات الحوثي الإرهابية معاناة المواطنين من خلال فرض الجبايات المستمرة، خصوصا خلال الأعياد التي تصل إلى نهب مدخراتهم كمجهود حربي لدعم مقاتليها في الجبهات.
وتشيد المليشيات الحوثية حواجز جمركية في المنافذ المؤدية إلى مناطق سيطرتها لفرض ضرائب جمركية على الملابس القادمة من الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، إضافة إلى الجبايات التي يُجبر التجار على دفعها تحت تهديد السلاح كمجهود حربي.
وتقوم المليشيات بأخذ ضرائب وجبايات على الملابس أكثر من مرة، ابتداء من دخولها إلى صنعاء ومناطق سيطرتها قادمة من الموانئ، وحتى عند توزيعها من قبل التجار على مختلف المحافظات، كون التجارة المركزية لدى تجار ملابس الجملة في صنعاء، وهو ما يدفع المليشيات لاستغلالها.
يقول التاجر فهد سعيد (اسم مستعار) أحد تجار الملابس في صنعاء، إنه يدفع ضرائب أكثر من مرة لبضاعته التي يستوردها عبر ميناء عدن أو حتى عن طريق ميناء الحديدة بعد فتحه بموجب الهدنة الأممية.
وأشار إلى أنه خلال موسم الأعياد تقوم المليشيات عبر مشرفيها في الأسواق بالنزول عدة مرات في اليوم الواحد، وتطلب ضرائب كمجهود حربي، ودعم مقاتليها وتحت مبرر أنهم يقومون بحمايتهم.
انهيار الريال اليمني:
ويرجع خبراء اقتصاديون يمنيون الغلاء الذي تشهده الملابس إلى الأوضاع المعيشية الصعبة التي يشهدها اليمن، وتراجع أسعار صرف العملة الوطنية أمام العملات الصعبة، واستيراد الملابس والتعامل بتجارتها بالعملات الأجنبية.
وبحسب الاقتصاديين فإن الغلاء طال جميع جوانب الحياة وليس فقط الملابس الجديدة، وما أدى إلى مضاعفتها أكثر هي الجبايات المستمرة التي تفرضها مليشيات الحوثي على تجار الملابس والمستوردين، وكذلك المحلات التجارية الواقعة تحت سيطرتها.
وتعمل مليشيات الحوثي على تضليل المواطنين بفرض سعر صرف محدد للريال أمام العملات الأجنبية، وهو ما يعد سعرا وهميا، حيث تشهد الأسواق في مناطق سيطرتها ارتفاعا هائلا في أسعار المواد الغذائية والمواشي والملابس، إضافة إلى جميع جوانب الحياة المعيشية، وفقا للخبراء.