محلياتمقالات

على مسرح الوطن

في بلدي مسرحية طالت فصولها إلى اللا نهاية حتى كما يقال مات المشاهدون والمسرحية لم تنتهي ..
نعم مات المشاهدون لأسباب كثيرة جلها إن لم يكن كلها ناتجة بتأثير طاقم التمثيل في هذه المسرحية ..
القتل والجوع والتشريد والتعذيب والسجن والسحل والقهر والخوف وضيق العيش كلها اسباب كانت كفيلة بأن يتساقط المشاهدون واحد تلو الآخر ومن لم تدركه هذه الاسباب مات من طول المسرحية.
على خشبة المسرح يتداول الادوار شخصيات كثيرة ومتنوعة المشارب و الأهواء بيد أنها كلها تتشابه في الخيانة والعمالة و الإرتزاق وأنهم أبعد ما يكونون عن شعار حب الوطن وخدمة المواطن الذي يتشدقون به في كل خطاباتهم .
هؤلاء الممثلون تتغير شعاراتهم أهدافهم و قيمهم بتغير مصدر التمويل او بحسب ما يمليه عليهم مساعدوا الإخراج أو بإختلاف الدور المطلوب منهم أو لربما بما تمليه عليهم مصالحهم الشخصية التي أذن بها أسيادهم غير آبهين في هذا التغير لما تمليه عليهم اسس المهنة او نظرة من حولهم لهذا التقلب او ما يطمح المشاهدون لرؤيته منهم .
نعم ما يريده المشاهدون منهم لربما تجد أن هذه النقطة هي البعبع الذي يبررون به تلونهم وتقلب احوالهم بين الخيانة والعمالة والارتزاق وهم ابعد ما يكونون عنها بل هم في الاصل لا يفكرون بها مطلقا كونهم يعيشون في سابغ نعمة وليهم الذي يسبحون بمجده ولايشعرون بما يعانيه جمهورهم من الفقر والخوف وضيق الحال الذي وصل إلى حدود لا تطاق.
هؤلاء الممثلون تأخذهم سكرة المال وحب الشهرة و هيلمانة الجاه والقوة المزعومة فيعيشون بهذه السكرة دور القائد و المنقذ والمحرر والوطني المخلص ولربما ضاعف هذا الشعور فيهم تصفيق جماهير غبية وصلها لعاعة مما يجنيه هؤلاء من الاموال الطائلة فباعوا بقية الجماهير لأجلها .

هذه السكرة وهذا التصفيق جعل هؤلاء الممثلين يعيشون الدور ناسين أو متناسين ما حل بأسلافهم من الخونة الذين انتهت ادوارهم في هذه المسرحية فكان مصيرهم ابشع ما يكون على يد المخرج أو مساعديه
أما ما تزخر به كتب التاريخ من مصير الخونة اسلافهم حين ينتصر الوطن فهذا مالا حاجة لهم بتذكره ولن يتذكروه لأنهم ما قرؤا التاريخ وإن قرؤا لا يعتبرون.
مخرجي هذه المسرحية هم من اصحاب الخبرة في اخراج العشرات من امثال هذه المسرحيات في شتى انحاء العالم وفي وطننا العربي خاصة وكلها لا تختلف عن بعضها إلا بإسماء الممثلين وموقع التمثيل غير انهم عند كتابة المسرحيات في بلداننا العربية لا يكتبون سوى الادوار الرئيسية فيها ويتركون الباقي ليقوم به مساعدوهم في الاخراج من وكلائهم في المنطقة الذين يتفننون في ذلك إرضاءا لأسيادهم.
فصول هذه المسرحية طويلة جدا غير أن الرابط الوحيد لها هو دمار الوطن وقتل المواطن ولعلنا أن نسرد بعض تفاصيلها في مقالات قادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى