ثقافة وفنمحليات

رحيل الفنان سعودي أحمد صالح أحد عمالقة الفن اللحجي “سيرة ذاتية”

تفاجأ الشارع اللحجي والفني اليمني، بنبأ رحيل الفنان والملحن والموسيقار البارز سعودي أحمد صالح، أحد عمالقة الفن اللحجي خلال العقود الماضية.
توفي الفنان سعودي، داخل منزله فجر الثلاثاء الموافق 4 يوليو 2023، عقب صراع طويل مع المرض، تاركا خلفه الكثير من الإبداعات والأعمال الفنية التي قدمها خلال العقود الماضية.
وُلدَ سعودي في المحروسة محافظة (لحج) جنوبي اليمن وبعد أن درس في الكتّاب، وأكمل الإعدادية في المدرسة المحسنية في العام 1959م، ثم عمل موظفًا في إدارة الزراعة بلحج. بعدها اشتغل مدرِّسًا حتى تقاعده، وأخيرا عمل مستشارًا ثقافيًّا لمحافظ المحافظة. حصل على درجة الامتياز بالإذاعة والتلفزيون في تصنيف الفنّانين والملحّنين.
ويُعدّ الفنّان والملحِّن سعودي أحمد صالح، أحد روّاد وملحّني الأغنية اللحجية في الزمن الجميل، ومع الركود الذي شهدته الساحة الفنيّة بسبب الأزمات التي عانت منها -ولم تزل- البلاد، تأثر شخصيًّا مثلما تأثر الفن اللحجي وكل فنّانيه بشكل واضح، شأنهم شأن بقية الفنّانين في بقية المحافظات اليمنية.

مشوار فني كبير:

بدأ مشواره الفني كعازف كمنجة وعود بالندوة الموسيقية اللحجية، وما أن أكمل عامه الأول حتى وضع في 1960م أول ألحانه لأغنية الأمير محسن صالح مهدي (بنار الشوق كم قلبي تجلّع) من مقام الرست، وهو اللحن الذي أجازه له شيخا الطرب: الأمير الشاعر والملحّن عبده عبدالكريم العبدلي، والفنّان محمد سعد صنعاني، وسجله لإذاعة عدن بصوت الفنان فيصل علوي.
والندوة الموسيقية اللحجية التي كان يديرها الملحن صلاح كرد في العام 1961م، وانتسبت إلى (ندوة الجنوب الموسيقية) بقيادة الموسيقار فضل محمد اللحجي، وهناك وضع ثاني ألحانه “أنا والعقل في حيرة”، من كلمات أحمد سيف ثابت، وغناء علي سعيد العودي”.
بعد ذلك، اشتغل الفنّان سعودي مساعدًا لفضل محمد اللحجي في قيادة (ندوة الجنوب الموسيقية)، ثم انطلق يصوغ العديد من الألحان ويملأ الأسماع طربًا، ووضع ألحانًا لعددٍ من الشعراء، منهم محمود السلامي، الذي لحّن له باكرًا قصيدة “كيف افعل بقلبي”، وهي أول أغنية سجّلها لإذاعة عدن بصوته.

متطور الأغنية اللحجية:

خبر الوفاة كانت فاجعة للأوساط الفنية والإبداعية ونبأ صادما ومؤلما لرحيل آخر أمهر صناع مقطوعات الحلويات اللحجية الغنائية الموسيقية الحديثة، كما وصفها الفنان العدني البار عصام خليدي.
وأضاف خليدي في نعيه للفنان الراحل: المقطوعات الغنائية التي لحنها الفنان سعودي كانت لها نكهة ومذاق فني وروحي خاص ومتميز، لافتا إلى أن الأعمال الفنية اللحجية كانت مستلهمة من خصوبة (وادي تبن) وجذور تربة وبساتين وحدائق أرض لحج الخضيرة الجميلة من أعماق التاريخ وخصوصية طقوسها الزراعية ومناخاتها المتنوعة وإيقاعاتها المرتبطة بكل تفاصيلها الجغرافية والإنسانية.
وأشار إلى أن اسم الفنان كتب بماء من ذهب في أنصع صفحات التاريخ القديم والمعاصر، لمع إلى جانب مبدعين وأدباء وشعراء وفنانين كبار في ومحافظة (لحج العبدلي) أمثال القمندان وصالح فقيه وعبدالله هادي سبيت وفيصل علوي ومحمد سعد الصنعاني وصلاح ناصر كرد وصالح نصيب ومهدي درويش وعبدالكريم توفيق ومحمد صالح حمدون وحسن عطا وغيرهم الكثيرين.
ولفت إلى أن فقيد الوطن الموسيقار المتجدد والمتطور سعودي أحمد صالح صاحب (تجربة إبداعية استثنائية) عميقة الأثر رسخت في ذاكرة وضمير ووجدان الجماهير العريضة في عموم الوطن اليمني وفي الجزيرة العربية والخليج بصورة عامة..
وقال خليدي: إن الفنان رحل عن الدنيا الفانية بعد رحلة تعب، ومعاناة ووجع، وتغييب وتهميش وجحود ونكران، تاركاً إرثاً غنائياً زاخراً بالعطاء والبذل والنجاحات المدوية التي شكلت انقلابا فنياً في تطوير الجملة اللحنية وإثرائها بالمقطوعات الموسيقية المطرزة بعبق وروائح الفل والكاذي والياسمين والمشموم وعفير الأرض في لحج الخضيرة والأصالة والفن والإبداع والثقافة والفنون على مدار عقود من زمن الفرادة والريادة والتألق.

زر الذهاب إلى الأعلى