عائلات المختطفين بسجون الحوثي.. مأساة إنسانية في اليمن بعيدة عن الأنظار
حرمان وفقد وصراع مرير مع الحياة، فاقم مأساة إنسانية منسية لعائلات المختطفين اليمنيين بسجون الحوثي ما جعلها تعيش معاناة بعيدة عن أنظار العالم.
فعلى جبهتين، بات اليمني أحمد قائد (56 عاما)، والد المختطف “عزالدين” يقاتل الحياة تارة بسبب المرض وتارة بوجع الفقدان الذي يعيشه إثر اعتقال ابنه وأخرى بأعباء المعيشة واحتياجات أطفاله الـ5 الذي أصبح يعولهم بمفرده.
ويشكو قائد، عن قيام مليشيات الحوثي بحرمانه من ابنه عزالدين منذ أكثر من 3 أعوام، بعد أن كان يعول والديه وإخوانه الـ5، إثر إصابة والده بمرض الفشل الكلوي، وعجزه عن القيام بأي أعمال شاقة، لتوفير لقمة العيش.
ويعاني قائد من متطلبات المعيشة، وألم الفقد المتلازمة، إضافة إلى ذلك فهو يعاني من الآلام التي تصيبه جراء إصابته بالفشل الكلوي، وما يحتاجه من تكاليف لخوض جلستين لغسيل الكلى في مركز بالمستشفى الجمهوري وسط مدينة تعز أسبوعيا.
ويوضح والد المختطف عزالدين أن المليشيات اختطفت ابنه منتصف عام 2020، من إحدى النقاط في الطرق البديلة المؤدية إلى داخل مدينة تعز، بتهم كاذبة وملفقة كما يصف والد المختطف، ولا يعلم مكان اختطافه حتى الآن.
من جهتها، تحدثت عائلة المختطف أنور مالك بصوت ممزوج بالحسرة والشوق عن أن المليشيات اختطفت ولدها أنور، أثناء ذهابه لزيارة شقيقته التي تسكن في مدينة الحديدة غربي اليمن، والواقعة تحت سيطرتها.
وتضيف والدة المختطف (51 عاما)، “منذ 6 سنوات لم أرَ ابني، وحتى الاتصال لا يتركونا نكلمه وينكرون أنه مسجون عندهم، ولا أعلم هل هو حي أو ما هي أخباره؟”.
وتعاني والدة المختطف أنور مالك، المنحدرة من مدينة الخوخة، من تضاعف الأمراض المزمنة وتدهور حالتها الصحية يوما بعد يوم.
وأدى اختطاف المليشيات لابنها إلى إصابتها بأمراض السكر والقلب، إضافة إلى تأثر نظرها، دون جدوى من المليشيات لإخلاء سبيل قرة عينها.
وتواصل مليشيات الحوثي القيام بأعمال إرهابية، وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان والقوانين المحلية والدولية، بحق أبناء الشعب اليمني، إذ تقوم باختطاف المدنيين، وإخفائهم قسريا بشكل تعسفي وغير قانوني عاما بعد عام.
وكشف تقرير حقوقي حديث، عن إحصائيات بمئات الانتهاكات التي طالت المختطفين والمخفيين قسرا من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية في مختلف المحافظات اليمنية خلال العام الماضي 2022.
وقال التقرير الحقوقي لرابطة أمهات المختطفين، إن حالات الاختطاف في صفوف المدنيين باليمن أغلبها كانت في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي، حيث أقدمت المليشيات على اختطاف واعتقال 324 مدنيا، في كل من محافظات (صنعاء، وذمار الحديدة، وحجة، وعمران، وإب، وصعدة، وتعز، ومأرب)، بينهم امرأة واحدة.
وعن الاعتداء على الحق في الحياة، وثقت رابطة أمهات المختطفين وفاة المختطف “عزيز دبوان” المحتجز في معتقل الصالح شرقي تعز التابع لمليشيات الحوثي، بسبب الإهمال الطبي ودخول المختطف في غيبوبة لمدة 3 أشهر.
وفيما يتعلق بالإخفاء القسري، رصد التقرير 41 مدنيا أخفوا قسراً لدى المليشيات الإرهابية، من مختلف المحافظات اليمنية.
وفيما يتعلق بالتعذيب وسوء المعاملة، رصد التقرير الحقوقي 25 حالة تعرضت للتعذيب في سجون ومحتجزات مليشيات الحوثي.
وعن الانتهاكات ضد الحق في محاكمة عادلة، أكد التقرير أن المليشيات أصدرت أحكاما بالإعدام بحق 13 مدنيا، دون أن تتم محاكمتهم بشكل عادل، وبعد أن اختطفتهم بطرق غير رسمية ومخالفة للقوانين اليمنية والدولية.
وتستمر المليشيات التعنّت في كل جولة من مشاورات تبادل الأسرى والمختطفين مع الحكومة اليمنية والتي كان آخرها المشاورات التي أقيمت في العاصمة الأردنية عمان، في منتصف يونيو/حزيران الماضي.
وتعد هذه أول جولة مشاورات في هذا الملف الشائك منذ أن رعت الأمم المتحدة في أبريل/نيسان الماضي عملية لتبادل الأسرى والمختطفين، ضمت أكثر من 1000 مختطف وأسير، بينهم قادة عسكريون و2 من المشمولين بالقرار الأممي 2216.
ورعت الأمم المتحدة أول صفقة تبادل أسرى بين الحكومة اليمنية ومليشيات الحوثي في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وشملت 1065 معتقلاً وأسيرا، في أبرز اختراق إنساني في الأزمة وفي اتفاق ستوكهولم المتعثر منذ 2018.