الرئيسيةعربيمحليات

عيادات الإمارات المتنقلة.. تدخُّل إنساني يلامس أوجاع المرضى في اليمن

من الوهلة الأولى لاندلاع الأزمة اليمنية، سارعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تبني الكثير من المشاريع الإنسانية والإغاثية والتنموية الهادفة إلى رفع المعاناة عن أشقائهم والتخفيف من وطأة الحرب وويلاتها المدمرة.

جسور إغاثية برية وبحرية وجوية سيرتها الإمارات عبر أذرعها الإنسانية، من أجل تطبيع الأوضاع في المحافظات اليمنية، وتلمس احتياجات المتضررين والمحتاجين في مختلف المناطق، الأمر الذي بث روح الحياة وأعاد الأمل للكثيرين ممن تلقوا تلك المساعدات.

الكثير من المشاريع والمبادرات الإماراتية التي وصلت إلى مناطق نائية وبعيدة عن مراكز المدن في عدة محافظات محررة. ولعل أبرز تلك المشاريع التي توجهت إلى مناطق لم تصلها أي مشاريع إغاثية من قبل، تسيير قوافل العيادات الطبية المتنقلة، التي لا تزال تجوب مختلف المناطق في المحافظات المحررة لتقديم الرعاية الطبية المجانية ضمن الدور الإنساني الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة لتخفيف معاناة السكان في هذه المناطق.

من مناطق الساحل الغربي في الحديدة وتعز إلى محافظة حضرموت ومناطق أخرى في محافظات يمنية محررة، أطلقت الهلال الأحمر الإماراتية مبادرة إنسانية تستهدف أبناء المناطق النائية المحرومة من الخدمات الصحية اللازمة، بسبب بُعد تلك المناطق عن المراكز الصحية والمستشفيات في مراكز المديريات والمدن.

وأسهمت تلك العيادات المتنقلة، التي لامست أوجاع المرضى، في رفع المعاناة عن كثير من المرضى الذين يجدون صعوبة ومشقة في الوصول إلى المنشآت الصحية لتلقي العلاج. حيث تقوم الطواقم الطبية المرافقة للعيادات المتنقلة بمعاينة المرضى، وإجراء الفحوصات المخبرية، وصولاً إلى تقديم العلاجات المجانية لمساعدة المرضى على الشفاء خصوصاً من شريحة الأطفال والنساء وكبار السن.

ملامسة أوجاع المرضى

وبشكل منتظم تزور العيادات الطبية المتنقلة أرجاء مدن وقرى حضرموت، كذلك المناطق الجبلية والوعرة، متحدية العوائق ومشقة التنقل لتقديم خدماتها الإنسانية الجليلة باستمرار دون توقف ومعالجة المرضى في تلك المناطق التي يسكنها الآلاف، كما خصصت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية ضمن المبادرة برنامجاً للنزول إلى مراكز وجمعيات أصحاب الهمم، لمتابعة أحوالهم الصحية ومناقشة احتياجاتهم وتقديم المساعدة الطبية لهم ولأهاليهم عن طريق العلاج سواءً بالأدوية أو بالمعدات الطبية.

أكثر من 100 ألف حالة من أبناء القرى النائية في محافظة الحديدة، استفادت من خدمات العيادات المتنقلة التي جرى تسييرها من مناطق الساحل الغربي، منذ إطلاق المبادرة في أغسطس 2218، وحتى نهاية العام 2020.

ووصلت العيادات بطواقمها الطبية إلى 130 قرية بالساحل الغربي، وتفقدت أحوال المواطنين وانتشال مرضی الأسر الفقيرة الذين يقطنون في تلك المناطق النائية، ويصعب عليهم الوصول إلى مراكز المدن لتلقي العلاج نتيجة مخاطر الطريق وعدم وجود مواصلات، ناهيك عن تكلفة الوصول الباهظة التي لا يستطيع المواطن تحملها.

في حين استفاد نحو 25 ألفاً من المواطنين في عزل وقرى نائية في حضرموت، من الخدمات الطبية والعلاجية المجانية التي قدمتها العيادات الطبية المتنقلة منذ انطلاقها وحتى نهاية العام 2022.

مدير مكتب الصحة في مديرية بروم ميفع، سالم بارميل، قال إن العيادات الإماراتية المتنقلة لفتة إنسانية تحقق أهدافاً نبيلة وتخفف الكثير من معاناة المرضى في المناطق النائية والمحرومة، موضحاً أن مناطق بروم ميفع استُهدفت ضمن هذه المبادرة الإغاثية التي تهدف إلى إيصال الخدمات الطبية والعلاجية المجانية للمناطق المحرومة والنائية في المديرية.

وأكد بارميل أن المرضى في المناطق النائية يستفيدون من هذه العيادات المتنقلة التي توفر عليهم مشقة الوصول إلى المركز الصحي أو المستشفيات الرئيسة في المكلا، وتقدم لهم المعاينة والفحوصات والعلاجات بالمجان.

إنقاذ للحياة

تخصصات متعددة تضمها العيادات المتنقلة لتقديم الخدمات صحية متكاملة بينها اختصاصي لعلاج الأطفال وأخرى لعلاج أمراض النساء والولادة، إلى جانب أطباء عام، ومختبر وصيدلية، الأمر الذي يجعل من هذه العيادات منقذة للحياة في ظل الأوضاع الصحية المتدهورة التي يعيشها البلد.

ونجحت الطواقم الطبية المرافقة للعيادات في إنقاذ حياة الكثير من المرضى الذين يقطنون في تلك المناطق النائية والاطلاع على الأمراض المنتشرة في صفوفهم ومعالجتها، ومنها: التهاب الجهاز التنفسي العلوي، والإسهالات، وفقر الدم، وارتفاع ضغط الدم، والتهاب المعدة، والتهاب اللوزتين الحاد، والتهاب الجلد، والتهاب المسالك البولية، والتهابات فطرية جلدية، والنزلات المعوية، وجدري الماء، والديدان الدبوسية. إلى جانب مشاركة تلك العيادات في حملة مجابهة الحميات والأوبئة الخطيرة مثل الملاريا والكوليرا وحمى الضنك.

وتتراوح الأعداد التي تستفيد من الخدمات الطبية والعلاجية من العيادات في كل منطقة، حيث يبلغ عدد المستفيدين في اليوم الواحد بالزيارة ما بين 200 إلى 350 حالة. وبحسب الأطباء العاملين في القوافل فإن هذه أرقام كبيرة تعكس مدى التدهور الكبير في القطاع الصحي ومدى حاجة الناس للرعاية اللازمة.

وفي تصريحات سابقة لمدير العمليات الإنسانية لدولة الإمارات في اليمن “سعيد الكعبي”، قال إن فكرة عمل عيادات متنقلة كانت نتيجة عملية المسح والدراسة الميدانية للمناطق المحرومة والتي يواجه أبناؤها صعوبة في الوصول إلى الخدمات الصحية اللازمة بسبب توقف الخدمات في المنشآت الصحية جراء استخدام الحوثي للمنشآت الصحية كمواقع وثكنات عسكرية أو تعرضها للتدمير والقصف أو بسبب ندرتها في القرى النائية، وحاجة المواطنين الكبيرة للرعاية الصحية.

وأوضح الكعبي، أن العيادة المتنقلة تحوي سيارة مجهزة بالمعدات والمستلزمات اللازمة، إضافة إلى طاقم طبي مزوّد بمعدات وأجهزة لفحص الضغط والسكر وغيرها من الأمراض، وتساهم العيادة بتوفير الرعاية الصحية الأولية لمن يصعب الوصول إليهم ويفتقرون لأبسط الخدمات الصحية والطبية.

وأشار إلى أن العيادات تستهدف قرى نائية في مناطق بعيدة، وليس أبناؤها جميعاً مرضى، لكن هناك من يحتاج للرعاية الصحية والوصول إليهم يوفر عنهم الجهد والعناء والسفر مسافات طويلة من أجل تلقي رعاية صحية أولية، ومن هنا أيضاً تأتي أهمية العيادة المتنقلة.

انتشال وضع الصحة

لم يكن تسيير العيادات الصحية المتنقلة بمعزل عن حزمة الدعم والمشاريع السخية التي تبنتها الإمارات لصالح إنعاش القطاع الصحي المتدهور الذي يواجه صعوبات كبيرة في العودة للعمل.

وبلغت قيمة المساعدات الإماراتية المقدمة لقطاع الصحة منذ العام 2015 وحتى 2021، أكثر من 2.67 مليار درهم إماراتي. وأسهم هذا الدعم بإعادة الحياة إلى طبيعتها في الكثير من المنشآت الصحية، وذلك انطلاقاً من أهمية هذا القطاع في إيصال الرعاية الصحية للفئات المحتاجة في ظل تداعيات الحرب والأزمة.

وتعددت محاور وأوجه الدعم، ومنها إنشاء وإعادة إعمار البنية التحتية والذي شمل تأهيل وصيانة المستشفيات والمراكز الصحية المتضررة وغير المؤهلة ومساعدتها على النهوض والعودة لتقديم الخدمات الطبية اللازمة. وكذا توفير الخدمات اللوجستية الأخرى؛ معدات وتجهيزات طبية حديثة ومدها بالأدوية والمستلزمات الضرورية من سيارات إسعاف ومولدات كهرباء وخدمات المياه والصرف الصحي.

كما شمل الدعم أيضاً التعاقد مع كوادر طبية وممرضين للإسهام في تعزيز خدمة الرعاية الصحية، والوصول إلى واقع صحي يلبي احتياج السكان بسهولة ويسر في المدينة وصولاً إلى القرى والأرياف. كما ترافقت هذه الجهود مع تنفيذ حملات توعوية وتثقيف لرفع الوعي الصحي والتثقيف ومواجهة تفشي الأوبئة التي تفتك بحياة المواطنين من ملاريا وحمى ضنك وكوليرا وغيرها من الحميات والأوبئة التي تفشت في المناطق المحررة بشكل خاص

زر الذهاب إلى الأعلى