ما مصير النفط الذي تم نقله من صافر وهل انتهى الخطر؟

“نقل النفط من صافر انتهى بأمان”، كلمات نزلت بردًا وسلامًا على المجتمع الدولي، الذي كان قلقًا من التداعيات الكارثية، جراء حمولة ناقلة النفط المتداعية قبالة ميناء الحُديدة اليمني الاستراتيجي في البحر الأحمر.

وأعلنت الأمم المتّحدة الجمعة انتهاء عملية سحب حمولة ناقلة النفط “صافر” المتداعية قبالة ميناء الحُديدة الاستراتيجي في البحر الأحمر، مشيرة إلى سحب أكثر من مليون برميل نفط منها وبالتالي زوال الخطر الوشيك بحصول تسرّب.

وما إن نُزع فتيل قنبلة صافر التي كانت تهدد بكارثة بيئية وإنسانية ضخمة، حتى بدأ التفكير في المرحلة التالية، التي ما زالت تشكل تهديدا بيئيًا.

المرحلة التالية:

وكان مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر قال إنّ هذا الإنجاز يعني انتهاء “الشقّ الأساسي” من الجهود التي تُبذل منذ سنوات لوقف التهديد الذي تشكله الناقلة “صافر”.

وأضاف شتاينر لوكالة فراس برس: “نحن اليوم ممتنّون جداً لتمكّننا من إعلان اكتمال هذا الجزء من المشروع”، مشيرًا إلى أن “ذلك يزيل التهديد الوشيك والفوري الذي أصبح محطّ أنظار العالم بأسره: ناقلة النفط التي يمكن أن تنهار أو تنفجر في البحر الأحمر”.

غير أنّ الخطر الذي تشكّله الناقلة المتداعية لم ينتهِ بعد؛ فسبق أن حذّرت الأمم المتحدة من أنّه حتّى بعد إتمام عملية نقل النفط، “فإنّ الناقلة المتهالكة صافر ستستمر في تشكيل تهديد بيئي” مصدره بقايا النفط اللزج وخطر تفكّكها.

وتشمل المرحلة التالية من العملية تنظيف خزانات صافر والتحضير لنقلها وإعادة تدويرها، بحسب شتاينر الذي قال إنّ هذه المرحلة ستستغرق “بين أسبوعين وثلاثة أسابيع”.

و”صافر” التي صُنعت قبل 47 عامًا وتُستخدم منذ الثمانينات منصّة تخزين عائمة، ترسو على بُعد نحو خمسين كيلومترًا من ميناء الحُديدة الاستراتيجي الواقع في غرب اليمن ويُعدّ بوابة رئيسية لدخول البضائع والإمدادات.

ولم تخضع “صافر” لأيّ صيانة منذ 2015، فيما كانت تحمل على متنها 1,14 مليون برميل من خام مأرب الخفيف، ما يوازي أربعة أضعاف كمية النفط التي كانت على متن “إكسون فالديز” وأحدث تسرّبها كارثة بيئية عام 1989 قبالة آلاسكا.

ولا يزال ينقص الأمم المتحدة نحو 20 مليون دولار من كلفة العملية، فيما حضّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، يوم الجمعة، المجتمع الدولي والقطاع الخاص على التبرّع لتغطية هذا العجز المالي من أجل “إنهاء المهمّة ومعالجة كلّ التهديدات البيئية المتبقية”.

من ناحيتها، قالت منظمة “غرينبيس” إنّ شركات النفط العملاقة التي استخدمت “صافر” لعقود “وهم المالكون المحتملون لكميات من هذا النفط المنقول”، يجب أن تساهم في المراحل التالية للعملية.

وأكّدت المنظمة البيئية في بيان أنّ “من الضروري معالجة غياب المساءلة الذي أظهرته صناعة النفط التي سجّلت أرباحًا مذهلة، لكنها لم تظهر بعد أيّ إحساس بالمسؤولية”.

ما مصير نفط صافر؟:

نُقلت حُمولة “صافر” إلى سفينة أصغر اشترتها الأمم المتحدة في مارس/آذار الماضي وأطلق عليها اسم “اليمن”، إلا أن مصير هذا النفط، لا يزال المسؤولون يحاولون تحديده.

وقالت “غرينبيس” إنّ “الخطر انخفض بشكل كبير، لكنّ التهديد لا يمكن تفاديه إلى أن يتمّ إيجاد حلّ نهائي وإزالة النفط بشكل كامل وآمن من المياه اليمنية”.

وستدير شركة الشحن “يوروناف” سفينة “اليمن” نيابةً عن الأمم المتحدة حتى نهاية العام، لكن ينبغي التوصّل إلى اتفاق بين طرفَي النزاع في البلاد بشأن “الصيانة والإدارة في المستقبل”، وفق شتاينر.

وبحسب المسؤول الأممي فإنّ أحد الاحتمالات هو مشروع متابعة يقوم خلاله خبراء من الأمم المتحدة بتدريب شركة “صافر” النفطية الوطنية على “كيفية حماية السفينة”.

غير أنّ المليشيات الحوثية، والحكومة اليمنية عيّنا، كلّ من جهته، مديرًا لشركة “صافر”، ما يؤشّر إلى أن النزاع سيستمرّ في تعقيد الأمور.

والجمعة، قال المنسّق المقيم للأمم المتحدة في اليمن ديفيد غريسلي إنّه حتى وإن كانت أزمة “صافر” منفصلة عن المحادثات المتعلقة بإنهاء الحرب فإن واقع أنّ طرفي النزاع تعاونا في هذه العملية “يبعث بعض الأمل في أنّ هناك سبيلاً للمضيّ قدماً”.

ومنذ بدء سحب النفط من صافر في 25 يوليو/تموز الماضي، حذّر خبراء من أن نجاح هذه العملية ليس مؤكّدًا، إذ إن درجات الحرارة المرتفعة والأنابيب القديمة وغيرها من العوامل تشكّل تهديدات محتملة.

وقال شتاينر إنّ الأمم المتّحدة جهّزت طائرة كي تكون مستعدةً “لنشر مواد كيميائية من الجوّ” في حال حصل تسرّب ما، “في غضون 90 دقيقة من الطيران”.

في المجمل، تقول الأمم المتحدة إنّ كلفة العملية تبلغ 143 مليون دولار، وهو مبلغ زهيد مقارنةً بكلفة التنظيف في حال حصول تسرّب نفطي والتي تُقدّر بـ20 مليار دولار.

ونظرًا إلى موقع “صافر” في البحر الأحمر، فإن تسرّبًا كبيرًا كان سيتسبب أيضًا بخسارة مليارات الدولارات يوميًا نتيجة تعطّل حركة الملاحة التجارية عبر مضيق باب المندب إلى قناة السويس لفترة طويلة.

كما أنّ كارثة بيئية مماثلة كانت ستُلحق ضررًا كبيرًا بالنظم البيئية للبحر الأحمر وبمرافئ حيوية ومجتمعات كاملة تعتمد على الصيد للعيش.

Exit mobile version