المهاجرون الأفارقة في اليمن: معاناة لا يلتفت إليها العالم

خلافًا للاهتمام الذي أظهرته الدول الأوروبية تجاه معاناة المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، يعاني عشرات الآلاف من المهاجرين الأفارقة في اليمن البلد الذي يرزح تحت الحرب منذ ما يزيد على ثمانية أعوام، من سوء المعاملة والانتهاكات ويعيشون في ظروف مزرية دون أن يلتفت لهم أحد، بعد أن فشل هؤلاء في الوصول إلى دول الخليج وعجزت المنظمات الدولية عن إعادتهم إلى بلدانهم.

في كلّ عام، يخوض عشرات الآلاف من الشباب والشابات والأطفال غير المصحوبين بذويهم رحلات خطيرة من القرن الأفريقي إلى اليمن، أملًا بالوصول إلى دول الخليج الغنية، هربًا من الفقر والبطالة وتأثيرات تغيّر المناخ، حيث سجّلت المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 86,000 مهاجر إلى شواطئ اليمن منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي.

هذا العدد يفوق بشكل ملحوظ إجمالي المهاجرين الذين وصلوا إلى اليمن طوال العام الماضي والبالغ عددهم 72,300 فردًا، إستنادًا إلى بيانات الأمم المتحدة، التي تؤكد أنّ هؤلاء غالبًا ما يجدون أنفسهم في ظروف يُرثى لها، حيث يستغلّهم المُتاجِرون بالبشر في العمل القسري وغيره من أشكال الاستغلال الأخرى. ويفيد المهاجرون أنهم عندما يُدركون عدم قدرتهم على الوصول إلى وجهتهم، عادةً لعدم قدرتهم على دفع المال، يختار الكثيرون العودة إلى ديارهم ولكنهم لا يستطيعون ذلك، بسبب نقص المال.

ومنذ بداية هذا العام، سجلت المنظمة الدولية للهجرة مغادرة أكثر من 153,000 مهاجر إثيوبي على الطريق الشرقي الذي يؤدي إلى جيبوتي أو الصومال، وصولًا إلى اليمن، وبمعدل أكثر من 20,000 شخص شهريًا. وهذا يمثّل زيادةً بنسبة 32 في المائة عن العام الماضي، حيث وصل إلى جيبوتي أكثر من 71,000 مهاجر عبر إثيوبيا، وبمعدل 12,000 شخص تقريبًا يدخلون شهريًا، وهذه زيادة بنسبة 12 في المائة مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.

وبعيدًا عن أنظار العالم الذي يولي اهتمامًا خاصًا بالمهاجرين الذين يتّجهون نحو أوروبا، يقطع القادمون من القرن الأفريقي طرقًا صعبة عبر الصومال، أو تتقطّع بهم السبل في جيبوتي، أو يسافرون عبر طرق التفافيه في الدولتين لتخطي نقاط المراقبة، قبل أن يخوضوا غمار “رحلات الموت” على قوارب تقلّهم إلى سواحل اليمن.

وتقول المنظمة الدولية للهجرة إنّ المهاجرين في اليمن يتعرّضون لانتهاكات جسيمة، ويحتجزهم المتاجرون بالبشر والمهرّبون في ظروف مزرية، وإنها تعمل بالشراكة مع المانحين على إعادتهم إلى بلدانهم بأمان وكرامة.

وحسب تقرير حديث للمنظمة، فإنّ انعدام الأمن وحملات الاعتقال والنقل القسري للمهاجرين الأفارقة في اليمن أدى إلى تقطّع السبل بحوالى 43 ألفًا، وسط انتشار العنف والاستغلال وسوء المعاملة على نطاق واسع، وقالت إنه وفي جميع أنحاء البلاد” يتصرّف الجناة بمنأى عن العقاب”.

التقرير يبيّن أنّ معظم المهاجرين من القرن الأفريقي، والذين يصلون إلى اليمن، يأملون في الوصول إلى دول الخليج للعثور على عمل، لكنهم لا يتوقعون الانتهاكات والتحديات التي يواجهونها بعد عبورهم البحر، حيث يقعون في كثير من الأحيان في أيدي المهربين “الذين يسيطرون بعد ذلك على كل خطوة في رحلتهم”.

ويؤكد مركز الهجرة المختلط في تقريره عن الربع الأول من العام الجاري أنّ موسم الجفاف السادس في القرن الأفريقي أدى إلى تفاقم عملية النزوح، بحيث نزح أكثر من 3.5 مليون شخص من الجفاف داخليًا في إثيوبيا، وما يقرب من 1.5 مليونًا من النازحين المتأثّرين بالجفاف والصراع في الصومال، حيث عبر نحو 100 ألف صومالي الحدود إلى كينيا، باحثين عن ملاذ في مخيمات للاجئين.

ويذكر المركز أنه خلال هذه الفترة، وصل 41.453 لاجئًا ومهاجرًا إلى اليمن، مقارنةً بـ19.652 خلال الفترة نفسها من العام الماضي، ونبّه إلى أنّ هذه الزيادة تشير إلى عودة أعداد المهاجرين الذين يتحرّكون على طول الطريق الشرقي إلى أرقام ما قبل جائحة كورونا.

المركز تحدّث كذلك عن تعرّض النساء والفتيات للإيذاء والاستغلال الروتيني، مما يؤدي إلى العديد من حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إنه، وبعد زيادة عمليات إنزال اللاجئين القادمين من سواحل الصومال في محافظة شبوة، تمّ الكشف عن تحرّكات الوافدين الجدد في مأرب، في أعقاب تزايد الأعمال العدائية ضد المهاجرين هناك؛ إذ إنه وبمجرد وصول هؤلاء إلى مأرب، يخضع المهاجرون لرقابة مشدّدة من شبكات التهريب، ويصعب الوصول إليهم من قبل منظمات الإغاثة.

وكان وزير الداخلية الجيبوتي، سعيد نوح حسن، أعرب عن مخاوفه من إغراق بلاده بالأعداد المتزايدة من المهاجرين الذين تقطّعت بهم السبل وعابروها. فيما سجّلت آلية الرصد التابعة لمنظمة الهجرة الدولية إلقاء الشرطة الجيبوتية القبض على ما لا يقل عن 3000 مهاجر لا يحملون وثائق في سلسلة من الاعتقالات. وذكرت أنه تمّ نقل المهاجرين المحتجزين إلى مراكز للترحيل.

Exit mobile version