مهاد..
أغلب الناس عند السلطة يصيرون أشرارا.. أفلاطون.
المشهد العام..
إطلالة على المشهد اليمني تصيبك بالدوار والحيرة في كل جلسة لأي مجموعة في مقيل أو مقهى نتبادل نفس العبارات، لا أمل قريب “خاربة خاربة” وتحتشد كل عبارات اليأس من الواقع الذي وقعنا فيه.
كان صالح يرقص على رؤوس الثعابين أو هو يلاعبها تارة ويجعل بعضها تلدغ بعض تارة أخرى وكان الأمر يمشي بصورة وبأخرى، لكن قيادة اليوم ترقص على جماجم شعب شبع موتا وهم لا يزالون يرقصون..
الرئاسي..
يشدون الحبال من مختلف أطرافها ويتلاعبون بها ارتفاعا وانخفاضاً في سيرك مثير محير يسلكون طرق السياحة ويتناسون أن القيادة مكابدة وكفاءة قبل أن تكون شيئا آخر والقائد حادي النصر، يطل كإشراقة شمس بعد ظلام طامس وليس لنا مما سبق نصيب.
الحكومة..
الحكومة تفسد وتدافع عن فسادها المرعب وقلة كفاءتها، تعاني حالة التفكك والسيولة التي لحقت بكل قطاعات ومؤسساتها والتي أصبح بعضها يعمل في جزر معزولة تماماً عن الأخرى، في غياب كامل عن رقابة حركة موارد الدولة واستشراء الفساد على نحو لم يخطر ببال، تحولت فيها إلى دولة غنائمية.
الحوثية..
يرقصون على وهم نصر كاذب وهل في الكارثة الوطنية نصر وهل في دفن الوطن انتصار ويستثمرون في محن الحياة كفائض نقمة تاريخية.
وجدوا فرصة الاستثمار الوطني سانحة في سوق تجارة الحرب فاغتنموها.
الخراتيت..
خراتيت وديناصورات السياسة يفسبكون ويملأون الفضاء العمومي ضجيجا وصراخا في ظل سكتة سياسية نتج عنها فقدان جميع الأطراف الفاعلة القدرة على الانتقال من محطتها، وأصبح كل طرف يرمق الآخر ويتربص به..
الجيش..
حالة العجز والانقسام في الجانب العسكري واضحة وهي محصلة لحالة الجمود والانقسام السياسي الأكثر وضوحا..
البرلمان..
يناور فقط ولا يقوم بالإمساك بروح المبادرة للإنقاذ، ويبدو كأنه صوت ضعيف معارض لبعض السلبيات، وكأنه ليس منوطا به تلمس سقف المطالب والطموحات الشعبية التي يجب أن يعبر عنها بإجراءات لا تصريحات.
الأحزاب..
الأحزاب السياسية غير قادرة على التغيير داخل أجسامها معطلة المبنى والمعنى تبحث عن حصة في جثة تعفنت زادتها جماعات السلاح وهنا وضعفا وانشطارا وتبعية، وهي في موت اكلنيكي تام..
الشعب..
داهمته المواجع والفواجع والخطوب وأصبح مشلولا عن الفعل المدني يلهث عن لقمة عيش ويبحث عن كوة ضوء لأمل في عتمة ليل طال به الأمد.
فكل رحابات اليقين انقطعت وطغي ليل الشك بظلمته الدامسة على كل بياض الأماني وضاع ترف الحلم في واقع البؤس المضني وسيل الدماء والصراع الذي يطحن الضعفاء وبينما يستلذ الساسة بحفل الموت ويرقصون على شخير الجثث ويتسابقون في مضمار العزاء.
الوطن..
عاد لحقبة الظلم والاستبداد والقهر والطغيان وعادت بنا عجلة الزمن إلى حضن الكارثة الوطن إلى مهب الريح، غاب الوطن الذي يحتضن الإنسان وغاب الوطن الروح والعيد والكيان.
الحال..
ما هو مؤكد أننا نعيش بعد كل ثورة وكل فعل حالة إحباط وحالة حزن خجول وانكسار على نحو ما..
يمكن القول: إن كل شيء انتهى في اليمن، الحلم والدولة والحرية والعيش الكريم، إلا أن تاريخ الحزن لم ينته بعد.
ختاما.. ما الحل؟
أولا..
ما نحتاجه في اللحظة الراهنة صلابة الذين يقاومون البؤس والفساد. فهم النقطة المضيئة وهم فاتحة إمكانيات التغيير وعلى جهدهم الجمعي يجب الرهان عليه.
كل شيء في هذه الحياة نسبي إلا التغيير والموت فهما المطلق الوحيد في الكون فلا فكاك منهما ولكل منهما توقيته وأجله.
ثانيا..
علينا أن لا نفقد روح الرفض بالحرف والندف وأن نؤمن بيقين تام أن التغيير يأتي وإن كان ببطء.
ثالثا..
لسنا في حاجة إلى حكومة تكنوقراط ولا مناصفة أو إلى حكومة وحدة وطنية بقدر حاجتنا إلى حكومة حرب وخدمات مصغرة في سبع وزارات عاملة من خلفها رجال يعملون دون ربطة عنق يتواجدون في الميدان.
رابعا وأخيرا وهو الأهم..
الحل السياسي مرهون بالجيش وتغير المعادلة على الأرض، إن بناء جيش قادر هي المعركة المنسية ولا بد من معالجتها وفتح الملفات المعقدة لها والحديث عنها بصراحة مهما بدا ذلك صعباً وهو القاعدة الأولى لبلد يخوض حرب استنزاف طويلة ليس لها أفق معلوم والخصم مدعوم من الخارج بكل وسائل البقاء والانتشار دعما ماليا وعسكريا وإعلاميا وسياسيا.
كما أن بناء هذا الجيش هو العصا السحرية التي ستأتي بالحل والحوار وطاولة السياسة ورضا الأمم كافة عربا وفرسا وعجما وسيخرجنا كما أخرج شعوبا غيرنا إلى نجاة ومن هنا يمكن وضع أول نقطة في رسم خارطة الطريق..