اخبار الشرعيهالحوثي جماعة ارهابيةالرئيسيةتقاريرصنعاءعربيمحليات

تعرف على التحديات الكبرى التي تقف أمام مفاوضات الرياض مع الحوثيين “ماذا حدث في السعودية؟”

يمن الغد – تحليل

بعد ما يقارب خمسة أشهر من زيارة وفد سعودي إلى صنعاء برئاسة السفير محمد آل جابر، دعت المملكة العربية السعودية وفدًا من جماعة الحوثيين -ذراع إيران في اليمن- لزيارة الرياض من أجل استئناف المفاوضات المتعثرة منذ أبريل الماضي.
بحسب ما أعلنه قياديون في سلطة الجماعة في صنعاء يفترض أن هذه الزيارة مدتها خمسة أيام ابتداءً منذ مساء الخميس الماضي، ورغم أنه من السابق لأوانه استشراف نتائج الزيارة إلا أن هناك عدداً من المعطيات تفصح عن صعوبات جمّة تكتنف سير المفاوضات في هذه الجولة، وهو ما يضع مجموعة من التحديات أمام المفاوضات.

موافقة الحكومة والأطراف الممثلة بمجلس القيادة:

أولى هذه التحديات، أن الحكومة الشرعية وجميع القوى المناهضة لجماعة الحوثي لا تبدو راضية عن سير هذه المفاوضات بين المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثي منذ البداية. وفيما رحبت الحكومة بهذه الدعوة لاستئناف المفاوضات في الرياض، وجددت استمرار انفتاحها على كل المبادرات الرامية إلى إحلال السلام العادل والشامل، فقد تضمن بيان الحكومة أن ترحيبها وانفتاحها على هذه المبادرات مشروط بأن يكون “وفقًا للمرجعيات الثلاث، وبما يضمن إنهاء الانقلاب، واستعادة مؤسسات الدولة، والأمن والاستقرار والتنمية في اليمن”، بحسب البيان الذي أصدرته الحكومة بالتزامن مع زيارة الوفد الحوثي إلى الرياض.
المجلس الانتقالي الجنوبي بدوره ذكر في بيانه الصادر السبت بالتزامن مع زيارة الوفد الحوثي للرياض، أن ترحيبه بالمبادرة السعودية مشروط “بتحقيق عملية سياسية شاملة ومستدامة تؤسس لحوار غير مشروط لضمان معالجة جميع القضايا، وفي طليعة ذلك الإقرار بقضية شعب الجنوب ووضع إطار تفاوضي خاص لحلها كأساس لبدء جهود السلام”. وشدد المجلس في بيانه على ضرورة الالتزام بمضامين “اتفاق الرياض” الذي رعته السعودية والإمارات وكان المجلس الانتقالي طرفاً فيه مع الحكومة، إضافة إلى الالتزام بمضامين مشاورات مجلس التعاون الخليجي التي أسفر عنها تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في 7 أبريل 2022.
يضاف إلى الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، قوات المقاومة الوطنية التي يقودها العميد طارق صالح في الساحل الغربي، وهي قوة ذات ثقل عسكري على الأرض ولديها مكتب سياسي يدير شؤون انخراط المقاومة الوطنية في العملية السياسية، علاوة على أن قائدها عضو في مجلس القيادة الرئاسي. هذا الثقل السياسي والعسكري للمقاومة الوطنية يحتم استيعابها في الإطار التفاوضي لأي مفاوضات مع جماعة الحوثي وفي أي جهود إقليمية ودولية وأممية لإيجاد صيغة التسوية السياسية المنشودة لإنهاء الحرب وإحلال السلام.

الملف الإنساني وإعادة الإعمار:

في مقدمة الملفات المدرجة في جدول أعمال هذه المفاوضات ملف المرتبات الذي تطالب جماعة الحوثي بصرفها من عائدات النفط والغاز، إضافة لمطالبتها بتقاسم هذه العائدات مع الحكومة الشرعية. وهناك أيضا ملف الطرقات المغلقة وأبرزها منافذ مدينة تعز، وملف فتح وجهات جديدة أمام الرحلات من وإلى مطار صنعاء، وكذلك ملف إعادة الإعمار.
لا يبدو أن هذه هي كل الملفات التي يمكن أن يؤدي حلها إلى إنهاء الحرب وإحلال السلام في البلاد، فما زالت القضية الجنوبية خارج الإطار التفاوضي، والجماعة الحوثية مستمرة في ممارسة النهج الإمامي المتعارض مع أهداف ثورة 26 سبتمبر 1962، وزعيم الجماعة يدعو لنفسه بالولاية كنهج بديل في الحكم عن الانتخابات وإعطاء الشعب حقه في اختيار من يحكمه… والكثير من القضايا التي تشكل تحديات أكبر من التحديات التي تكتنف تنفيذ بند صرف المرتبات وفتح الطرقات المغلقة، وتوسيع وجهات المجال الجوي لمطار صنعاء والبحري لميناء الحديدة.
ورغم ذلك، حتى الملفات المدرجة على جدول الأعمال الراهن لهذه المفاوضات تعتبر شائكة رغم التفاؤل السائد في تصريحات القيادات الحوثيين والدبلوماسيين الإقليميين والدوليين.
ذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله وإيران أن هناك ترقباً في صنعاء لإعلان اتفاق “لوقف الحرب وإنهاء الحصار في غضون أيام” كنتيجة متوقعة لزيارة الوفد الحوثي للرياض. ونقلت الصحيفة، الجمعة، عن ما سمتها “مصادر دبلوماسية”، أن توجيه الدعوة للوفد الحوثي سبقته ترتيبات سعودية “لحفل توقيع إنهاء حالة الحرب في اليمن بشكل رسمي”، وأن مراسم هذا التوقيع ستجري في الرياض بحضور ممثلين عن مجلس القيادة الرئاسي ووفد الحوثيين ووفد الوساطة العماني، وممثلين عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ومجلس التعاون الخليجي والأمين العام لـلجامعة العربية.
وأضافت، إن الإعلان سيشمل “اتفاقاً لوقف إطلاق النار، والتوقيع على التفاهمات التي كان جرى التوصل إليها بخصوص صرف المرتّبات وفتح الطرقات وتوسيع وجهات الرحلات التجارية من مطار صنعاء إلى خمسة مطارات أخرى، بالإضافة إلى حلّ ملف الأسرى والمعتقلين المتعثّر وفق قاعدة الكل بالكل”. لكنّ المصادر الدبلوماسية التي قالت الصحيفة إنها مطّلعة على المباحثات، تحدّثت عن “توجّه سعودي- أميركي- أممي، لترحيل عدد من الخلافات حول آليات التنفيذ إلى جولات قادمة”، وأن ترتيبات التنفيذ سيتولاها مكتب المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس جروندبرج.

دور إيران في دفع المفاوضات:

توجه الوفد الحوثي إلى الرياض مساء الخميس الماضي برفقة وفد الوساطة العماني الذي كان في زيارة إلى صنعاء هي الثانية خلال أقل من شهر.
بحسب وكالة “أسوشييتد برس”، فإنه لا يزال من غير الواضح ما هي الشروط التي تتم مناقشتها بين الرياض والحوثيين، لكن هذه الزيارة تأتي ضمن الخطوات اللاحقة للاتفاق السعودي الإيراني الذي تم برعاية الصين في مارس الماضي، وفي أعقاب موجة من النشاط الدبلوماسي بين الأطراف المختلفة في الحرب الدائرة في اليمن.
وربطت الوكالة بين دعوة السعودية للحوثيين إلى الرياض وبين الزيارة الأخيرة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى عمان الاثنين الماضي. وقالت إن الملك سلمان وولي العهد محمد تلقيا الخميس الماضي رسائل من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وأن كلا البلدين لم يعلنا عن مضمون تلك الرسائل، لكنها جاءت أثناء زيارة وفد عماني لمسؤولين حوثيين في صنعاء. وفي نفس اليوم أعلن رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين أن وفداً من الجماعة سيتوجه إلى الرياض “استجابة للوساطة العمانية” من أجل “استكمال المشاورات مع الجانب السعودي”.
وأبدى المشاط مرونة في تصريحه على عكس التهديدات التي ظل يطلقها خلال الأشهر الماضية باستئناف الحرب واستهداف المنشآت السعودية والإماراتية بالصواريخ البالستية والمسيّرات. وقال المشاط في سياق إعلانه تلبية الدعوة السعودية: “السلام كان وسيظل خيارنا الأول، والذي يجب أن يعمل عليه الجميع”. ورغم الدفع الإيراني الذي يبدو واضحاً بحسب هذه الأنباء، فإن الأيام والأحداث القادمة كفيلة بكشف مدى الدفع الإيراني نحو الحل السلمي أو نحو التصعيد.

تعنّت الحوثيين في المفاوضات:

لا يقتصر تعنت الحوثيين في المفاوضات مع المملكة العربية السعودية على وضع شروط تعجيزية على أجندة التفاوض، بل أيضاً في رفض التفاوض مع الحكومة الشرعية والأطراف اليمنية المناوئة لها. وبالتزامن مع توجه الوفد الحوثي إلى الرياض، قال القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي إن مفاوضاتهم تستمر مع السعودية “كقائد للتحالف” وبوساطة عمانية، وأن جماعته لن تحاور إلا التحالف باعتبار أن قرار الحرب ووقفها بيده، وأن أي حوار يمني-يمني هو “شأن داخلي”.
وتشير تصريحات القيادات الحوثية إلى أنهم لا يرغبون في التفاوض مع الحكومة الشرعية والأطراف المناوئة لهم، مع استمرارهم في التلويح باستئناف الحرب ضد الأطراف المحلية والسعودية والإمارات في حال فشلت المفاوضات.
غالبية مطالب الحوثيين متعلقة بالأموال: مرتبات، إعادة إعمار، جبر ضرر، فتح وجهات جديدة لمطار صنعاء، رفع كافة القيود عن ميناء الحديدة… إلخ، وما داموا يتعاملون مع التحالف العربي باعتباره خزينة بنكية تضخ النقود، ويتعاملون مع الأطراف اليمنية المناهضة لهم باعتبارهم رعايا يفترض بهم تقديم الولاء للحاكم الإلهي، فإن أي مفاوضات لن توصل اليمن إلى تسوية سياسية، وسوف يظل فتيل الثورة مشتعلًا ضد هذه الجماعة التي قفزت إلى واجهة حكم البلاد في أسوأ لحظة تاريخية مرت بها.

زر الذهاب إلى الأعلى