الرئيسيةثقافة وفنمحليات

آثار اليمن تنزف حول العالم

على وقع الحرب الحوثية، تعرضت الآثار اليمنية لعملية نهب ممنهجة طالت المتاحف والمواقع الأثرية.

ولم تطل عمليات النهب ما صعب نقله من تلك الآثار، كالمعابد ومراكز قيام الممالك القديمة.
ونجحت الحكومة اليمنية مؤخرا في استرداد عشرات القطع الأثرية النادرة والتي تعكس إبداع الإنسان اليمني على مراحل مختلفة، وتجسد إسهاماته في الموروث الإنساني والحضاري.

من بين القطع المستردة، تمثال للوعل اليماني الذي يعود عمره للقرن الـ5 قبل الميلاد، ذي الرمزية التاريخية الكبيرة بالنسبة لليمنيين، والذي يضربون حوله الأساطير إضافة إلى كونه رمز عثتر، إله المطر والخصب والإنماء.

ولم يتمكن اليمن من نقل قطعه المستردة إلى مكانها الطبيعي بمتاحف البلاد، لكنه عمد إلى إيداعها بشكل مؤقت في المتاحف العالمية إلى حين إنهاء حرب الانقلاب الحوثي.

وشمل ذلك إيداع 79 قطعة في متحف السميثسونيان بواشنطن، بما فيه الوعل اليمني وقطعتان في متحف المتروبوليتان بواشنطن أيضا، و4 قطع في المتحف البريطاني و4 أخرى في متحف “ڤيكتوريا والبرت” بلندن.

وتغيب الأرقام الرسمية عن رصد نزف الآثار اليمنية المهربة خارج البلاد، لا سيما في ظل الحرب الحوثية واستمرار العصابات في عمليات التهريب، لكن تقديرات تشير إلى أن عملية بيع القطع الأثرية اليمنية المهربة والمسروقة التي عرضت في المزادات فقط تتجاوز 10 آلاف قطعة أثرية .

وقال مسؤول يمني رفيع لـ”العين الإخبارية”، إن الانقلاب الحوثي هو السبب الرئيسي في تعرض التراث والآثار اليمنية للسرقة والنهب، واتهم المليشيات الحوثية بالوقوف خلف تسهيل وتهريب الآثار عبر عصابات منظمة وجماعات إرهابية.

شراكة يمنية – أمريكية

وكانت الحكومة الأمريكية أعلنت في فبراير/ شباط إعادة 77 قطعة أثرية منهوبة إلى عهدة السلطات اليمنية، من بينها “64 رأسا حجريا منحوتا، و11 صفحة مخطوطة من المصحف، ووعاء منقوش من البرونز وشاهدة جنائزية من ثقافات مملكة معين القديمة التي رجعها تاريخها للقرن الأول قبل الميلاد”.

وفي أبريل/ نيسان الماضي، أعادت الحكومة الأمريكية 3 قطع أثرية يمنية يعود عمرها للقرن الخامس قبل الميلاد، تشمل تمثالا للوعل اليماني وآخر لامرأة من حجر المرمر يعود عمره للقرن الثاني قبل الميلاد بالإضافة إلى صحن أثري فضي يعود عمره للقرن الثالث الميلادي.

وفي أغسطس/ آب، وقّع اليمن اتفاقية مع الولايات المتحدة حول حماية التراث ومنع تهريب الآثار اليمنية المسروقة تشمل حظر ومنع استيراد وتصدير الممتلكات الثقافية بطرق غير شرعية، وفرض قيود على استيراد الآثار اليمنية المسروقة ومنعها من دخول الولايات المتحدة.

وتشجع الاتفاقية التي ستكون سارية لمدة 5 أعوام على تبادل الآثار للأغراض الثقافية والتعليمية والعلمية وإعارتها للمؤسسات الثقافية بغرض تعزيز المعرفة والترويج للتراث اليمني في الأوساط الأمريكية، وستقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم المساعدة لتمكين الحكومة اليمنية من اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية التراث والآثار اليمنية وفقا لاتفاقية اليونسكو للعام 1970.

وبين يونيو/ حزيران وسبتمبر/ أيلول الجاري، استعادت الحكومة اليمنية 8 قطع أثرية بالشراكة مع الحكومة البريطانية.

وأمس الجمعة، استردت الحكومة اليمنية من الحكومة الأمريكية قطعتين أثريتين نادرتين يعود تاريخهما إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد والعصر البرونزي وتم إيداعهما بشكل مؤقت بمتحف المتروبوليتان.

وأثنى رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي على الشراكة اليمنية الأمريكية لحماية التراث اليمني العريق الذي يتعرض للتهديد بالنهب والسلب جراء ظروف الحرب المأساوية التي أشعلتها مليشيات الحوثي المدعومة من النظام الإيراني.

وأعرب العليمي في بيان طالعته “العين الإخبارية”، عن شكره للحكومة الأمريكية وجميع المؤسسات الثقافية والفنية والمدنية التي ساندت جهود الحكومة اليمنية لحظر استيراد وتصدير الممتلكات الثقافية بطرق غير شرعية.

ونوه في هذا السياق بقرار الحكومة الأمريكية تجميد استيراد الآثار اليمنية في 2020، وصولا إلى التوقيع على اتفاقية حماية الآثار اليمنية الشهر الماضي.

وقال: “اليوم نشهد ثمار الاتفاقية التاريخية بين اليمن والولايات المتحدة حول حماية التراث اليمني التي وقعت الشهر الماضي في العاصمة واشنطن، وأسست شراكة حقيقية بشأن حماية التراث بين بلدينا وشعبينا الصديقين”.

وأضاف “شهدنا في العام الماضي استرداد 79 قطعة أثرية ومخطوطة قرآنية قديمة تم ضبطها من قبل السلطات الأمريكية وتسليمها للحكومة اليمنية ومن ثم إيداعها بصورة مؤقتة في متحف السميثسونيان بواشنطن”.

وتابع مستدركا: “ها نحن اليوم نسترد قطعتين أثريتين جديدتين ونقوم بإيداعهما بشكل مؤقت هنا في متحف المتروبوليتان إلى حين إنهاء الانقلاب الحوثي الغاشم على الدولة الذي دمر وشرد أهلها وبدد ثرواتها وعرض تراثها وهويتها للخطر”.

وفيما أشاد بمبادرة متحف المتروبوليتان للفنون بالتواصل مع الحكومة اليمنية من أجل استرداد التراث اليمني الذي يعد حقا أصيلا للشعب اليمني العريق، حث بقية المتاحف العالمية والمؤسسات الفنية سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها بأن يحذو حذو “المتروبوليتان”، وأن يقوموا بالمبادرة والتواصل مع سفارات اليمن في الخارج لإعادة ما تم نهبه من التراث اليمني بسبب ظروف الحرب والدمار الذي خلفه الانقلاب الحوثي على التوافق الوطني.

واعتبر العليمي التوقيع على الاتفاقية بين الحكومة اليمنية، ومتحف المتروبوليتان، “سيمثل خارطة طريق جديدة لتأسيس مستقبل وشراكة فاعلة بين الشعب اليمني والمؤسسات الثقافية العالمية من أجل حماية التراث اليمني ورفع مستوى الوعي للحد من استمرار نهب كنوز البلاد”.

زر الذهاب إلى الأعلى