الجفاف يهدد سكان اليمن وأراضيه الزراعية.. لحج الأكثر تضررا

يواجه اليمن، الذي مزقته الحرب، موجة جفاف شديدة وقاسية تهدد القطاع الزراعي في البلاد، ومن أبرز هذه المناطق محافظة لحج جنوب البلاد.
وتشهد مناطق يمنية عدة موجات جفاف مع نقص الأمطار، إضافة إلى ضعف مصادر المياه الجوفية، والتي يعتمد عليها المزارعون في تغذية زراعتهم غير الموسمية.

يأتي ذلك إثر وقوع اليمن ضمن مناخ جاف وشبه جاف، باعتباره أبرز الأسباب التي تؤدي إلى شح مصادر المياه.

وتتصف كمية الأمطار المتساقطة على عموم محافظات البلاد بالندرة، وجميع تلك الأسباب تؤثر في إنتاجية القطاع الزراعي والذي يعتمد عليه نحو 70% من سكان اليمن.

ومن بين تلك المناطق محافظة لحج، والتي تقع ضمن المناطق الجافة وشديدة الجفاف في اليمن.

وتفتقر المحافظة اليمنية إلى الأمطار الغزيرة، وتعتمد بشكل مباشر على منابع الأنهار والتي تغذيها مياه السيول والفيضانات التي تؤدي بدورها إلى انجراف التربة ومشاكل زراعية كثيرة في مديريات وأرياف المحافظة.

وتتراوح كمية الأمطار التي تتساقط على محافظة لحج بين 100 إلى 250 ملم خلال العام.

وقال إخصائيون بيئيون إن كمية الأمطار هذه لا تفي باحتياجات المحافظة وأراضيها الزراعية واحتياجات سكانها.

شح الأمطار وارتفاع درجة الحرارة
وأضافوا أن موجة الجفاف في لحج نتيجة شح الأمطار وارتفاع درجة الحرارة في المحافظة، بسبب موجات التغير المناخي، والتي أثرت على دول كثيرة.

وقال أستاذ البيئة والموارد الطبيعية بجامعة تعز الدكتور أنور الشاذلي،، إن محافظة لحج تشهد جفافا كبيرا في المياه، سواء الأمطار أو المياه الجوفية، والتي أثرت على نحو مباشر على المواطنين والزراعة في المحافظة.

وأضاف الدكتور الشاذلي أن موجات الجفاف بلحج أثرت كثيرا على استقرار حياة السكان، والإنتاج الزراعي، وساعدت الكثبان الرملية على الهجرة تجاه الأراضي الزراعية وتغطيتها، لتجعل منها أراضيَ صحراوية قاحلة، مؤكداً أن محافظة لحج تقع بين مطرقة الجفاف وسندان الفيضانات.

وأوضح أن محافظة لحج تكثر فيها الكثبان الرملية، في ظل ضعف الهطول المطري، وانعدام الغطاء النباتي والذي يعمل على تثبيت الرمال، بالإضافة إلى ندرة المياه الجوفية، جميعها تؤدي إلى الجفاف، وغزو الكثبان تجاه الأراضي الزراعية.

غياب النباتات الطبيعية في مناطق الكثبان الرملية يؤدي بشكل كبير إلى تحرك وانتقال الرمال عبر الرياح، وهجرتها إلى الأراضي الزراعية، وتشكّل أفقا علويا من الرمل، الذي يغطي التربة الصالحة للزراعة.

وبحسب الشاذلي فإن ندرة تساقط الأمطار على منطقة ما ينتج عنه عدم استقرار المواطن، وعدم استقرار الزراعة، كما أنه لا يكفي لصنع استقرار مائي.

وأشار الدكتور أنور إلى أن التصحر والجفاف يؤثر على الحياة المعيشية للمواطنين ووضعهم الاقتصادي، بسبب اعتماد نسبة كبيرة منهم على محاصيل إنتاج الزراعة.

الماشية مقابل المياه
لم تقتصر آثار الجفاف على المساحات الزراعية فقط، بل وصل الحال بالكثير من الأسر في محافظة لحج إلى التخلص من المواشي، بعد أن اضطرت لبيعها من أجل شراء الماء للاستخدامات الشخصية.

وعزفت الكثير من الأسر -وفق مصادر اجتماعية في لحج خلال حديثها – عن زراعة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، والذي أدى إلى انخفاض الغلّة الزراعية -المساحات الخضراء- في المحافظة والذي بدوره أثر على الأنظمة البيئية والحيوية.

وقال منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) إن انعدام الأمن الغذائي من التحديات الرئيسية التي يواجهها صناع السياسات والمزارعون العاديون وعامة السكان في اليمن.

وأرجعت المنظمة الأممية ذلك جزئياً إلى أن الزراعة لا تزال تعتمد على الأمطار في المقام الأول، وأن المناخ يتميز بتغيرات مفاجئة غالباً ما تتخللها أحداث جوية زراعية متطرفة ومتغيرة.

وبحسب المنظمة فإن شهر يوليو/تموز الماضي 2023 شهد انخفاضاً كبيراً في هطول الأمطار، وأنه كان أكثر جفافاً بنسبة 200% مقارنة بشهر يوليو/تموز 2022.

وأضافت أنه “وعلى الرغم من ذلك الانخفاض لا تزال بعض المناطق تشهدأمطاراً غزيرة مثل محافظة إب وسط اليمن، والمهرة شرقاً”.

يعد وادي تُبَن الواقع وسط محافظة لحج من الوديان التي تتميز بخصوبة تربتها الزراعية، والذي يعتمد بشكل مباشر على المياه القادمة من تخوم محافظات إب والضالع والمناطق الجنوبية لتعز.

غالبا ما تتسبب السيول والفيضانات القادمة من مناطق تلك المحافظات بانجراف الأراضي الزراعية في الأودية الزراعية في لحج مثل تُبَن، ومناطق زراعية أخرى في “جول مدرم”، و”حقّان”، و”وادي خير”، و”وادي كبير”، و”العرائس”، و”الجروبة”.

جميع هذه المناطق والوديان المختلفة تعاني من الانجراف المائي الشديد في أثناء فترات السيول والفيضانات، من انجراف التربة الخصبة، وتدمير المزارع، والأشجار المثمرة، وطمر النباتات الزراعية.

يؤكد الدكتور الشاذلي أنه يجب على الجهات الحكومية الرسمية التكثيف في مشاريع حصاد المياه التي تتساقط في شكل ضئيل على المناطق الجافة خلال موسم الأمطار، كعمل مصدات لحفظ المياه على مستوى المناطق الصغيرة.

ويوضح الشاذلي أنه عندما يتم توفير كمية من المياه عبر المصدات وبناء السدود والحواجز المائية، سوف تسهم بشكل إيجابي في تحسين زراعة الذرة والحبوب، وأيضا الخضراوات وأشجار الفاكهة، ولتنمو الأعشاب والنباتات والتي تعد كمراعٍ للماشية.

وتقدر بيانات رسمية إجمالي ما يتم زراعته من أراضي اليمن الزراعية لا يتجاوز مليوناً و600 ألف هكتار، والتي تمثل نحو 3% فقط من إجمالي المساحة الزراعية في عموم البلاد.

Exit mobile version